انتهى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون التابع للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، من إنتاج فيلم تسجيلى بعنوان "المزار"، يجسد حياة الراحل (البابا شنودة الثالث) منذ مولده وحتى وفاته ودفنه بمزاره بدير الأنبا بيشوى، وذلك بعد شهور من بيان شديد اللهجة أعلنت فيه الكنيسة القبطية عزمها مقاضاة أى منتج يقدم على إنتاج عمل درامى أو تلفزيونى عن حياة البابا الراحل دون الحصول على إذن كتابى منها، مع التهديد بمقاضاة الجهة المنتجة بعدما أعلن الفنان حسن يوسف عن عزمه تجسيد شخصية البابا الراحل فى مسلسل تلفزيونى.
الفيلم الذى أخرجه ألبير مكرم، أعده وكتبه الراهب القمص بولس الأنبا بيشوى أحد أعضاء طاقم سكرتارية البابا الراحل، وشارك فيه عدد ممن عايشوا البابا، مثل المطران منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية بمصر وسائر إفريقيا، وجرجس صالح الأمين العام الفخرى لمجلس كنائس الشرق الأوسط.
وتقول نانسى مجدى المذيعة بقناة (CTV) التابعة للكنيسة والتى أعدت التعليق الصوتى للفيلم، إن العمل يجسد قصة حياة البابا الراحل وأهم محطات حياته بالإضافة إلى حكاية بناء مزاره فى دير الأنبا بيشوى ووصيته بأن يدفن فيه بعد وفاته، بالإضافة إلى تحليل لمواقفه فى القضايا السياسية المختلفة، وكيف تصرف إزاء أحداث الفتن الطائفية مع الحرص على توثيق العمل بخطبه وكتاباته.
وتؤكد نانسى لـ"اليوم السابع"، أن الفيلم يحظى بعناية كنسية كبيرة، وتمت مراجعته بشكل دقيق من قبل قيادات الكنيسة مثل الأنبا صرابامون رئيس دير الأنبا بيشوى، بالإضافة إلى مباركة البابا تواضروس الثانى لهذا العمل، مشيرة إلى مشاركة كل من المطران منير حنا، دكتور موريس تواضروس مدرس العهد الجديد بالكلية الإكليريكية، ومحمود أحمد رشدى نجل وزير الداخلية أحمد رشدى الذى عاصر البابا الراحل.
من جانبه، يصف المطران منير حنا مطران الكنيسة الأسقفية بمصر والشرق الأوسط وسائر إفريقيا وأحد المشاركين فى الفيلم، البابا شنودة بالشخصية الفذة حيث كان مهتما بالإجابة على تساؤلات شعبه كل أربعاء حتى أنه كان يحرص على العودة من الخارج لإلقاء العظة الأسبوعية مهما كان انشغاله،
وأعرب المطران عن سعادته بالمشاركة فى الفيلم وأكد لـ"اليوم السابع" أن البطريرك لعب دورا مهما فى تأسيس مجلس كنائس مصر حيث زرا البابا فى أكتوبر 2010 واتفقا على تأسيس مجلس كنائس مصر الذى لم يكن ليتأسس لولا مباركة البابا شنودة للخطوة، وأعلن انتهاء كل شىء الأسبوع قبل وفاته.
فى سياق متصل، أكد المستشار منصف نجيب سليمان عضو المجلس الملى العام وهو الجهة التى رفضت إنتاج أعمال عن البابا بعيدا عن الكنيسة، على أحقية الكنيسة فى اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لكل من تسول له نفسه إنتاج فيلم أو مسلسل تلفزيونى عن حياة البطريرك الراحل. وأوضح منصف لـ"اليوم السابع"، أن إنتاج أعمال تلفزيونية أو سينمائية عن حياة أى من الشخصيات العامة والمشاهير يستلزم إذنا كتابيا من الورثة، وهو ما طالبته الكنيسة، إذ تعتبر وريثة البابا الذى قضى حياته راهبا فى أديرتها وبطريركا لكرازتها المرقسية، مشددا: سنتخذ إجراءات لن تخطر لأحد على بال. وحذر سليمان من خطر إنتاج مسلسلات من هذا النوع، معتبرا أن أى أخطاء تاريخية أو فنية قد تعرض البلاد للفتنة الطائفية، وقال "على الإعلام أن يتحلى بالمسئولية وكفاية تفريط فى حق مصر".
أما كمال زاخر مؤسس التيار المسيحى العلمانى، فرفض احتكار الكنيسة إنتاج أعمال سينمائية أو درامية عن حياة البابا الراحل، مؤكدا أن المجلس الملى لا يملك الولاية على الفكر ولا يمثل الكنيسة القبطية فى مواقفها، كما أن البابا شنودة شخصية جمعت بين الصفتين الوطنية والدينية وينطبق عليه ما ينطبق على الشخصيات العامة من مبادئ.
وعبر زاخر عن خشيته من أن تتحول الكنيسة لجهة تساعد على مصادرة الفن والفكر وتقييد الإبداع فى لحظة حرجة تتعرض فيها القوى التنويرية لهجمات متتالية، مشيرا إلى أن الاقتراب من الشخصيات الدينية فى الأعمال الدرامية والسينمائية ليس بجديد على الكنيسة، فهناك أكثر من فيلم تناول سيرة حياة البابا كيرلس السادس، وكذلك فإن المسيح نفسه تجسد فى أكثر من فيلم بعضها كان معه وبعضها اختلف مع رؤية الكتاب المقدس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة