نشأنا وتربينا منذ الصغر على مفاهيم وشعارات رنانة كثيرا ما سمعناها ممن حولنا وقرأناها فى كتب التاريخ فى المراحل التعليمية المختلفة، ألا وهى ان مصر هى ارض الكنانة وانها زعيمة الامة العربية وإنها القائدة والحاملة للراية عند اتخاذ القرارات المصيرية وان لها المكانه العظمى فى قلوب اشقائها العرب نظرا لما قدمته لهم من مساندة ودعم فكرى وتعليمى وثقافى فى مراحل تطورهم المختلفة وبصفة خاصة دول الخليج العربى فى فترة ما بعد النفط حيث تمتع المعلم والطبيب والمهندس المصرى بمكانته فى هذه البلدان وقدراته العلمية وصفاته الخلقية التى ساهم بها فى عملية الإرتقاء والتقدم وأن مصر هى المنارة التى تضئ ليشع وهج نورها بالثقافة والعلوم المختلفة على من حولها.
كثيرا ما افتخرنا بمصريتنا وحضارتنا العظيمة التى تمتد جذورها لآلاف السنين ومكانتنا وأهميتنا فى الوطن العربى
وكبرنا وكبرنا لنصطدم بأسوار الواقع الأليم التى تطاولت فى البنيان لتحجب عنا شمس العروبة وتزعزع بداخلنا شعارات الماضى الممتزجة بالأمل والتمنى، وتوقظنا من حلم الوهم الزائف لندرك اننا تبوئنا مقاعدنا وبلا فخر كأوائل بلدان العالم فى الفقر والأمراض والمستوى المتدنى للمعيشة والاكتئاب والتعاسة وحالات الطلاق والجرائم والفساد، ناهيك عن التعليم المتدنى والجامعات المصرية التى تذيلت قطار التصنيف العالمى.
وندرك ايضا تلك النظرة الدونية التى يراها المغتربون من ابناء الوطن فى عيون الاخرين عند السفر والعمل فى بلادهم. وندرك ان المصرى يُهان وتستباح كرامته فى كثير من البلدان فذاك مصرى يُسحل وتُهشم عظامه فى بلد، وذاك مصرى يُدهس بالسيارة دون ذنب فى بلد اخر وهذا مصرى يقتل فى مطار بلد ثالث بمجرد الهبوط من الطائرة وغيرهم الكثير والكثير...
وندرك ايضا ان مصر فى عيون الاخرين اصبحت هى البلد الفقير القائم اقتصاده على المساعدات والمعونات الخارجية والتى لا تمتلك اى خيرات أو موارد اقتصادية داخلية. واتخذت هذه النظرة قوتها وثباتها من اعلامنا المشوه الذى لا يتوانى عن تجسيد كل ما هو سيء وغير اخلاقى فى مجتمعنا المصرى فقط من اجل الفرقعة والشهرة والمكاسب المادية الزائلة، فجسد الرجل المصرى على انه ذلك الكائن الانتهازى، المادى، النصاب والبلطجى ولاعب الثلاث ورقات والذى يرتكب كل انواع الفواحش من اجل المال وجسد المرأة المصرية على انها الراقصة، ابنة الليل، عديمة الاخلاق، خاطفة الرجال من زوجاتهم والعاشقة للمال.
تغير مفهوم البطولة لينتقل من البطل القومى احمد عرابى وسعد زغلول ومصطفى كامل إلى بطل افلام العشوائيات والبلطجة فى السينما المصرية. وتغير مفهوم القدوة والمثل الاعلى من رموز مصر الاجلاء مثل د. أحمد زويل، نجيب محفوظ، د. مصطفى السيد ونبوية موسى لينتقل إلى رموز الفن من الراقصات والفنانين والفنانات ولاعبى كرة القدم لما يتمتعون به من الشهرة والثراء الفاحش .
ولندرك أخيرا ان مصريتنا تم اغتيالها وتهميشها وتشويهها فى مراحل العمر المختلفة وعن قصد بأيدينا وأيدى اعلامنا لتفقد معناها الحقيقى وتصبح ذكرى بين الماضى والحاضر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة