عندما كنا نتجه للقاء رئيس الوزراء، المهندس شريف إساعيل، مع الزملاء رؤساء التحرير، يوم الخميس الماضى، كنا نحمل أسئلة ومخاوف وغضب، وشكوك، جلسنا أكثر من ساعتين، طرحنا أسئلة، وحصلنا على إجابات، وكنا نتمنى أن نحصل على إجابات يمكنها أن تطمئن الناس. وتخفف من وقع الغضب، والشكوك، ربما قدم رئيس الوزراء بعض الإجابات، مع تأكيدات بأن ما يجرى يتم علنًا، وأن الحكومة تعلن ما تفعله من دون إخفاء. لم نكن فى الحقيقة ذاهبين للحصول على أخبار، فالأخبار معلنة، بل هى التى تثير الغضب والحير لدى قطاعات تصرخ من الغلاء وأسعار الكهرباء وارتباك سوق الصرف، وقرض صندوق النقد الدولى، بما حوله من شكوك تاريخية. ورعب من أن تكون هناك شروط بالاستغناء عن موظفين، وانتزاع أى دعم، وغلاء متوقع. الحوار المجتمعى مهم ويستمر مع الصحافة خلال الأيام القادمة.
كنا ذاهبين نحمل أسئلة ومخاوف، ورئيس الوزراء يرى الصحافة وسيطًا لحوار مجتمعى، يقول إنه مستمر طوال الوقت. لكن الصحافة أيضًا لا يمكن أن تكون شيطانًا أخرس، والصحفيون يتأثرون بالغلاء وما يجرى فى الأسواق. لم يكن هذا هو اللقاء الأول مع رئيس الوزراء. ففى منتصف فبراير الماضى التقيت وعدد من الزملاء مع رئيس الوزراء، يومها مجلس النواب كان فى بدايته، وواجهت حكومة شريف إسماعيل هجومًا وانتقادات من نواب بالبرلمان، تزامن مع رفض مجلس النواب لمشروع الحكومة لقانون الخدمة المدنية. فى لقائنا قبل 6 شهور أعلن أن الحكومة بصدد اتخاذ إجراءات صعبة ومؤلمة، وأنه يطالب المجتمع بتفهم أهمية هذه الإجراءات، وأنها ضرورية للخروج من الأزمة الاقتصادية.
يومها واجهنا رئيس الحكومة بتخوفات الشارع، وطرحنا أسئلة حول القرارات الصعبة، التى تأتى نتائجها على حساب الفقراء ومحدودى الدخل، يومها قال رئيس الوزراء طالما المواطن يطالب بتحسين الخدمات فلابد من إعادة هيكلة الموازنة والدعم لبناء المجتمع والخدمات والتعليم والصحة، وبقيت الشكوك قائمة، وكان رفض قانون الخدمة المدنية بعد غضب وشائعات عن استبعاد ملايين الموظفين. يومها قال رئيس الوزراء إنه كان يأمل أن يقرأ النواب المشروع قبل رفضه، وأن يبدوا ملاحظات يمكن النقاش حولها.. وقال إن القانون يفيد الموظفين والإدارة، وإن الحكومة ستراجع بعض المواد المعترض عليها.
وبعد 6 شهور كان لقاؤنا الثانى مع رئيس الوزراء، كانت القرارات الصعبة بدأت، وقانون الخدمة المدنية تم تعديله ومروره، وتم تعديل أسعار شرائح الكهرباء، والاتفاق على قرض صندوق النقد بـ12 مليار دولار. بما يثيره من مخاوف تاريخية وشكوك تجاه الصندوق، وشروطه. الأسعار ارتفعت ومشكلة الدولار قائمة وتحيطها شائعات وشكوك وحديث عن التعويم، وقضية فساد القمح ما تزال ساخنة. غضب جماهيرى وشكاوى بأن الفقراء من يدفع الثمن بل ومعهم قطاعات واسعة من الطبقة الوسطى التى تقلصت قيمة دخولها ومدخراتها بسبب انخفاض الجنيه. وفى الأجواء تقارير اقتصادية فى صحافة أجنبية منها الإيكونميست، عن انهيارات فى الاقتصاد ومزيد من الإجراءات الصعبة.
قلنا إن هناك تخوفات من أن تنهار شعبية الحكومة وأشرنا للفساد وعجز الإدارة وتراجع المحليات.. لكن رئيس الوزراء بدا مصممًا يؤكد أن الإصلاح هو الطريق لاستعادة قوة الاقتصاد. وطالما الناس تطالبنا بتحسين التعليم والصحة عليهم أن يقبلوا هذه الإجراءات التى لا تمس محدودى الدخل بل تفيدهم، قال نحن نوفر 20 مليارًا من الكهرباء تذهب لبناء مدارس وتحسين الخدمة الصحية. المهندس شريف إسماعيل يتحدث عن الحاجة إلى 120 ألف فصل لتقليل الكثافة والفترات واستيعاب الجديد. ويقول إن هناك خطة لبناء 100 ألف فصل سنويًا. والناس لا تنتظر فقط فصولًا وإنما تطويرًا وتعليمًا جيدًا. ربما لو ظهر التعليم الجديد وتحسنت الصحة قد يرى أن هناك عائدًا. وقال إن إعادة الكهرباء لقدرتها، تم بـ120 مليار جنيه. وإن عائد رفع أسعار الكهرباء يعود إلى الشرائح الأولى من الفقراء ومحدودى الدخل. فى صورة مدارس وخدمة صحية.
رئيس الوزراء يتحدث عن مشروع قانون المحليات والانتخابات وتغيير بعض المحافظين. ومهما نقلت الصحافة تبقى أيدى الناس فى نار الغلاء وانفلات الأسواق وتراجع الخدمات. ويشير إلى طرق جديدة ومشروعات أنفاق تحت القناة ومضاعفة ميزانية تكافل وكرامة والضمان. لا يجيب عن سعر الوقود، ويقول إننا لم نرفعه من عامين، خاصةً مع انخفاض أسعار النفط عالميًا. يتحدث عن قرض الصندوق بوصفه إنقاذ للعجز التمويلى والموازنة. التى تعانى من 35 مليار دولار عجز، والقرض 12 مليار دولار فقط. ويؤكد برنامجنا الإصلاحى لاعلاقة له بالصندوق، وليس هناك شروط. نحن نعمل على إصلاح الدعم والضرائب والجمارك والخدمة المدنية.
ويرى رئيس الوزراء أن المشروعات الكبرى ضرورة، توفر فرص عمل وتحرك الاقتصاد وترفع نسبة النمو. ونسأل عن الاستثمارات الأجنبية فيشير إلى أن القرض له ميزة تسويقية لمصر لأنه يشير إلى قوة الموقف المالى والاقتصادى.
نقلنا إلى رئيس الوزراء تخوفات من التهابات وربما تصاعد للغضب. رئيس الوزراء يتحدث عن وضع اقتصادى صعب لكنه مستقر. ونسأل عن الوقت الذى تتوقف فيه الإجراءات، وتبدأ حالة طبيعية فيشير إلى أنه لو كانت الإجراءات تمت بالتدريج خلال 15 سنة ربما ما احتجنا إلى كل هذا ولا تنسوا أننا مررنا بثورتين وثورة واحدة تكفى لإرباك الاقتصاد. ويعد بأن النتائج تظهر خلال 3 أعوام. ويتحدث عن إنقاذ الشركات والمرافق، ليس لتربح لكن لتغطى تكلفة التشغيل والصيانة حتى يمكنها العمل بكفاءة.
ولا ينفى ارتباك سوق العملة، ويرى أن السعر الأسود للدولار غير معبر عن السعر الحقيقى، والشائعات تصنع توقعات. ويعترف بعجز الإدارة الحكومية، وبوجود الفساد ويؤكد: الدولة ليست ضعيفة، ونحن من كشف الفساد، هناك مشروعات لم تستكمل منذ عام 1985، و3000 مشروع بـ150 مليار جنيه متوقفة، وتحتاج 20 أو 25 مليارًا على مدى سنتين وهذا ما نعتبره فسادًا، ونحن من يبلغ عن فساد القمح . ثم يشير إلى خطوات إيجابية تشغيل مصنع الحديد والصلب بكفاءة %70، بعد أن كانت %25، ويتوقع أن يصل كامل طاقته قبل نهاية العام. ويقول إن المصانع المغلقة تم تشغيل 200 منها، و120 تستعد للتشغيل و150 فى الطريق. وكلها جهود مهمة لمواجهة الفساد وإصلاح الإدارة.
رئيس الوزراء أجاب عن الأسئلة، لكنها إجابات تنتظر أن يرى المواطنون نتائج، وأن تتوقف حالة اللهاث، ويتم فرض السيطرة على الأسواق. بما يوقف الارتفاعات. ربما يريد الشارع أن يشعر بنفس اطمئنان رئيس الوزراء والحكومة، وأن يرى تحولًا فى أداء المحافظين والمحليات التى تكاد تغرق فى العجز. وربما لا تكون حركة محافظين محدودة كافية. ونحن مع الناس فى الانتظار أن نرى الثمار لتهدأ حالة الاحتقان. وتتوقف الشائعات. خاصةً وأن رئيس الوزراء قال إن مرفق مترو الأنفاق يواجه خسائر ربنا تستلزم رفع سعر التذكرة التى لم تتحرك من 9 سنوات. خرجنا ومع كل منا إجابات، ومزيد من الأسئلة عن المستقبل. ومدى كفاية أن يصارح رئيس الحكومة الشعب، بينما الناس تنتظر شيئًا ما يرفع المعنويات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة