د.أيمن رفعت المحجوب

معوقات التنمية

الجمعة، 19 أغسطس 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنا قد تحدثنا فى مقال سابق عن المفاضلة بين ما يعرف "بالادخار الاختيارى" للأفراد و"الادخار الإجبارى" للدولة، وانتهينا إلى ضرورة التجاء السلطات العامة فى مصر إلى الاعتماد على الادخار الإجبارى فى تكوين وتجميع المدخرات اللازمة للتنمية الاقتصادية.

 

واليوم نوضح كيفية معالجة ضعف الادخار الاختيارى للأفراد ومحاربة ظاهرة الاكتناز ( أى الادخار الجبان ) من الأموال التى تلتزم المخبأ – المنزل أو محل العمل دون البنوك. فالدولة هنا لها دور كبير فى تشجيع الادخار الاختيارى ليحل تدريجياً فى مصر محل الادخار الإجبارى الذى لا يستصيغه المجتمع. ولعل ما نطرحه من أفكار تساعد الدولة على ذلك وتأخذ فى اعتباراتها السبل الممكنة للزيادة حجم الادخار الاختيارى: فيمكن عن طريق السياسة الضريبية المرنة، وتحدد وعائها وسعرها التأثير فى استخدام الدخول فى اتجاه الادخار الاختيارى لا الاستهلاك. كما يؤدى تخفيض الضرائب على التركات والمنقولات إلى تشجيع الادخار الاختيارى أيضاً. أضف إلى ذلك أن الادخار هو مفعول الدخل المتوقع، لذا فإن تعديل الضرائب على الدخول والمرتبات والأرباح بكل أنواعها وأشكالها - بما يتناسب مع الوضع الاقتصادى للبلاد - تؤثر تأثيراً كبيراً فى تكوين المدخرات الاختيارية بالإيجاب. ولا ننسى هنا تشجيع المشروعات العامة والخاصة، من خلال التشريعات الاقتصادية، على عدم توزيع جزءاً من أرباحها واستخدامها فى تمويل مشروعات جديدة، وذلك عن طريق إعفاء هذا الجزء من الضرائب أو بعضة. وأخيراً أن تعمل السياسة المالية على وضع خطط استباقية لتوقع ولتجنب الموجات التضخمية، وذلك لأن ارتفاع الأسعار من طبيعة إضعاف باعث الادخار الاختيارى.

 

أما فيما يخص محاربة ظاهر الاكتناز الواسعة الانتشار فى مصر، فيمكن للسياسة المالية عن طريق فرض ضرائب على الأرباح غير الموزعة والتى لا تستثمر خلال مدة زمنية معينة، وبإعفاء المدخرات التى تنزل إلى السوق من الضرائب مع منحها بعض الضمانات الحكومية، هذا بالإضافة إلى اتباع بعض الإجراءات الفنية لإخراج المدخرات إلى السوق والتى تهدف فى مضمونها إلى زيادة درجة سيولة المدخرات والى تأمينها مثل ؛ توسع قاعدة صناديق التوفير والاستثمار فى جميع المحافظات وقيام البنوك على تحويل الادخار إلى استثمار، ثم تسهيل اجراءات استرداد المبالغ المدخرة من الصناديق، والاستمرار فى اصدار أذونات خزانة قابلة للدفع عند الطلب وأخرى قابلة للدفع فى مناسبات استثنائية مثل (الزواج والوفاة والمرض والكوارث الطبيعية والإنسانية). واعتماد أذونات الخزانة فى الوفاء بالضرائب أو بعضها. وأخيراً التوسع فى اصدار سندات أو أذونات خزانة منخفضة القيمة حتى تستطيع المدخرات الصغيرة شراؤها. وهنا تعطى الفرص للمدخرات الصغيرة رغم ضآلتها أن تجمع وتحول إلى استثمارات كبيرة، بحيث لا يصح أبداً التقليل من قيمة مدخرات الطبقات المتوسطة والفقيرة لأنها هى الطبقات الأكثر عدداً فى الدول الأخذة فى النمو كمصر. ومما يدلنا على أهمية ادخار هذه الطبقات أن تمويل شهادات استثمار حفر قناة السويس الجديدة والتى مولت المشروع بالكامل وفاض منها، قد تمت بمدخرات الطبقة المتوسطة فى بلادنا. إلا أنه ورغم كل هذه الإجراءات المقترحة، يظل من العسير القضاء كاملاً على ظاهرة الاكتناز فى مصر، أى أنه من العسير تحويل كل ادخار إلى استثمار، مما يؤكد على استمرار تعطل جزء كبير من الموارد عن العمل وعرقلة التنمية وتدنى معدلات نمو الدخل القومى عن المستويات المطلوبة لتحقيق التشغيل الكامل.

 

لذا وجب على الدولة الإسراع فى اتخاذ إجراءات فنية أكثر عمقا من خلال السياسات المالية والنقدية، وتحت رقابتها وضماناتها الكاملة للشعب المصرى، حتى تتخلص من أحد أهم معوقات التمويل والتنمية فى مصر فى المرحلة القادمة وهما ضعف الادخار الاختيارى وظاهرة الاكتناز.

·         أستاذ الاقتصاد السياسى والمالية العامة- جامعة القاهرة.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة