الإنسان قد لا يموت مرة واحدة، طالما كان هناك من يتربص به حتى بعد الرحيل.. لسان حال ما حدث مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة التى رحلت منذ عام ونصف تقريًبا، والتى كشفت مؤخرًا حجم الجهل الحقيقى والفكر الداعشى تجاه الفن ودوره بإزالة اسم "أبلة حكمت" من على مدرسة ترسا.
السيد محافظ القليوبية رضا فرحات وبسرعة يحسد عليها أصدر قرارًا بإلغاء قرار المحافظ السابق المهندس محمد عبد الظاهر، بإزالة اسم الفنانة فاتن حمامة، بحجة تنفيذ حكم قضائى، - أتذكر أن أحكاما قضائية عديدة معطلة، دون تنفيذ، أذكر من بينها قرار بنقل طالبة من مدرسة بالقاهرة لأخرى بالقليوبية، يرفض المحافظ تنفيذه، رغم أنها من سكان المحافظة، السيد المحافظ لم يكتف بذلك، بل أنه خرج فى تصريحات لإحدى البرامج التليفزيونية ويؤكد أن إطلاق من رفعوا اسم مصر وضحوا بأرواحهم من أجلها أفضل من اسم فنانة - بالمناسبة المدرسة اسمها حاليًا "ترسا".
أهالى ترسا، تظاهروا ليس لسوء الخدمات فى المدينة أو لوجود مشكلة ما تواجههم من مشكلات الحياة اليومية، أو حتى للمطالبة ببعض المطالب الفئوية، لكنهم ثاروا من أجل اسم فنانة عظيمة كـ"فاتن حمامة" لإطلاق اسمها على مجمع مدارس ترسا، الأمر الذى رفضه الأهالى بحجة أنها أى فاتن حمامة – مش من القرية- وكأن كل الأسماء التى تطلق على المدارس كانت لأشخاص من نفس المنطقة ".
السؤال المحير هل لهذه الدرجة وصل عقلية مسئولينا بالنظر إلى الفن والفنانين ودورهم المجتمعى، وهل يصل حجم الفكر الرجعى والداعشى إلى الحد الذى يتصور فيه مسئول أن الفن "مش بيقدم حاجة للبلد"؟.. هل أهالى ترسا حلوا جميع مشاكلهم والتزاماتهم وأصبح لديهم رفاهية الاختلاف حول مسمى مدرسة بالقرية .
سيدة الشاشة ومنذ وفاتها يتم التنكيل بتاريخها، فتارة تهدم سينما من أعرق السينمات بالمنيل كان يطلق عليها اسمها ولم تتدخل الدولة، وتارة تتدخل الدولة من خلال مسئول بدرجة محافظ ليزيل اسمها من على مدرسة.
"أبلة حكمت" التى كانت ضميرا حيًا يخطو على الأرض، تميزت طوال تاريخها بأعمالها الجادة، تؤدى أدوارها بإتقان، توظف كافة إمكانياتها لتقدم الأفضل، سيد الشاشة التى مثلت فى أعمالها الاجتماعية أدورا تجسد حال الفقراء، لم تبخل بفنها فى كشف معاناتهم، وهم الآن يثورون من أجلها ورفض تسمية مدرسة على اسم "فاتن حمامة".
فإذا كان أهالى ترسا يرفضون إطلاق اسم سيدة الشاشة العربية لأنها "مش منهم"، فأذكرهم أنها منا وعاشت تفرح فى أفراحنا وتحزن فى انتكاستنا، وإذا كان السيد المحافظ يرى أنها ليس الأولى إطلاق اسم فنانة على مدرسة، فلو كان الأمر بيدى لأطلقتها على جامعة تليق بمكانتها.
فاتن كما قال عنها الزميل مدحت صفوت فى مقال بـ"اليوم السابع" يرثيها بعد وفاتها "ترحل فاتن وتبقى "سيرتها" الجمالية والفنية، كآية على التصالح مع الذات والآخر، وعلامة نقول لها "وتأتين، ترسمين على القلب النوافذَ، تطلين منها، لنرى وجه الله".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة