يثير مشهد التفاف نواب البرلمان حول وزراء الحكومة بالجلسات العامة تساؤلات بشأن علاقة النواب بممثلى السلطة التنفيذية، فهل هى علاقة تبادل مصالح أم علاقة سلطتين إحداهما تراقب الأخرى؟، وهل يستغل البرلمان سلطته الرقابية؟.
ويشير هذا الموقف إلى سعى بعض النواب لتحقيق مصالح ضيقة لأهالى دوائرهم، وهو ما قد يؤدى إلى عدم استغلال هؤلاء النواب لأدواتهم الرقابية ضد أعضاء الحكومة مستقبلاً.
خبرة النواب
واستناداً إلى تلك الواقعة، يمكننا القول أن هناك عددا لا بأس به من النواب وأعضاء الحكومة يحتاجون إلى الخبرة السياسية، فأغلبية وزراء الحكومة الحالية لم يسبق لهم التعامل مع البرلمان، وكذلك الأمر بالنسبة للنواب، حيث نجد أن عدداً كبيراً منهم يخوضون التجربة النيابية لأول مرة، ولم يسبق لهم التعامل مع الحكومة تحت قبة البرلمان.
ومن هنا نتساءل: هل يستغل البرلمان أدواته الرقابية ضد الحكومة بالشكل المطلوب؟.. نعم.. بالفعل يستغل البرلمان أدواته الرقابية على الحكومة، ولكن ليس بالشكل المطلوب.
طلبات الإحاطة
ولعل تقديم عشرات طلبات الإحاطة والاستجوابات حول تسريب امتحانات الثانوية العامة، وارتفاع سعر الدولار وأحداث العنف بمحافظات الصعيد، يؤكد تفاعل البرلمان مع الأزمات ومسألة الحكومة، ولكن لم تؤد طالبات الإحاطة فى النهاية إلى نتائج ملموسة تسهم فى حل تلك الأزمات.
البرلمان لم يكتف بطلبات الإحاطة فى مساءلة الحكومة، بل شكل لجانًا لزيارة المناطق الحدودية للتعرف على مشكلات قاطنيها، ولقاء المسئولين التنفيذيين بها فى محاولة لخلق نشاط على الأرض يستهدف تحقيق مزيد من التواصل مع الجماهير وحل المشاكل الجماهرية والرقابة على المسئولين التنفيذيين بشكل مباشر.
فساد القمح
ولعل ما يبرز جهود مجلس النواب الرقابية، تشكيل لجنة تقصى حقائق حول الفساد فى توريد القمح، حيث أجرت اللجنة البرلمانية زيارات ميدانية على أرض الواقع للشون والصوامع، وكشفت فسادًا يقدر بالملايين، الأمر الذى يؤكد تحرك البرلمان فى الطريق الصحيح فى إطار مراقبة الحكومة.
ولكن نتساءل: هل تسفر هذه الجهود عن حل الأزمات؟ وهل يتم تفعيل أدوات البرلمان الرقابية بالشكل المطلوب؟.. واستنادًا إلى المعلومات السابقة يمكننا القول أن البرلمان يسير فى الاتجاه الصحيح، ولكن ينقصه مزيدًا من الخبرة فى التعامل مع الحكومة، وتشكيل الكثير من لجان تقصى الحقائق حول الأزمات التى تؤرق المواطنين يومياً، والأهم من ذلك حل تلك الأزمات وعدم الاكتفاء بكشف أسبابها كما يحدث فى فساد توريد القمح.
وبالنظر إلى طلبات الإحاطة والاستجوابات، نجد أنها لم تسفر عن تحقيق أى تقدم على أرض الواقع، نظراً لتجاهل بعض أعضاء الحكومة المثول أمام البرلمان، حيث يشتكى النواب دائمًا من غياب الوزراء لحضور اجتماعات اللجان وحضور الجلسات.
العلاقة بين البرلمان والحكومة
وبالنظر إلى العلاقة بين البرلمان والحكومة، نجد أنها علاقة قائمة على أساس التكامل والتعاون، وليس التحارب، وهذا لا يمنع أن يُظهر البرلمان أنيابه للحكومة وينتصر عليها فى معاركه الموضوعية، حيث انتصر مجلس النواب على الحكومة فى معركتين بارزتين شهدتا سجالاً واسعاً بين الطرفين.
المعركة الأولى، كانت برفض تمرير القرار بقانون الخدمة المدنية، ضمن مشروعات القوانين التى صدرت فى غياب البرلمان، حيث صوت 332 عضواً على رفض القرار بقانون، بينما وافق على القانون 150 عضواً، وامتنع عن التصويت 7 أعضاء.
وواصل البرلمان معركته مع الحكومة حتى أجبرها على تعديل قانون الخدمة المدنية، بما يتوافق مع الإرادة الشعبية، ونجح فى رفع العلاوة الدورية بالقانون من 5% لـ7%، فضلاً عن إدخال تعديلات أخرى تصب فى صالح الموظفين المدنيين.
وبعد جلسات فى لجنة القوى العاملة بالبرلمان بحضور أعضاء الحكومة، وعقد جلسات عامة، تمت الموافقة على القانون بشكله الجديد بعد التصويت عليه مادة مادة، فى مشهد يجسد قوة البرلمان.
أما ثانى المعارك التى انتصر فيها البرلمان على الحكومة، فكانت إلغاء مجلس النواب العمل بـ"التوقيت الصيفى"، حيث شهدت قضية إلغاء التوقيت الصيفى، بالرغم من عدم أهميتها بالنسبة للموازنة العامة التى كانت تتم مناقشتها فى اللجان فى ذلك الوقت، حالة من الشد والجذب بين الحكومة والبرلمان، وعقد مجلس النواب على إثرها عدة جلسات انتهت بإجبار الحكومة على إلغاء التوقيت الصيفى.
معارك البرلمان الحالية مع الحكومة
وعن المعارك الحالية، يخوض البرلمان فى الوقت الراهن معركة تنتظر الحسم، بشأن مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، حيث يواجه هذا القانون رفضاً من أغلبية نواب البرلمان، إلى حد وصفه من جانب بعض النواب بـ"الجباية".
ومن هنا نتساءل: لماذا ينتصر البرلمان فى معاركه مع الحكومة؟، والإجابة تكمن فى الصلاحيات التى منحها الدستور للبرلمان، حيث يستطيع مجلس النواب إقالة الحكومة بالكامل، وأن يحاكم أى وزير أو رئيس وزراء.
موضوعات متعلقة..
- رئيس البرلمان يهدد النواب بسبب التفافهم حول الوزراء: سأرفع الجلسة
- "أنياب البرلمان" فى مواجهة الحكومة.. ظهرت فى أزمة "التوقيت الصيفى" وفساد صوامع القمح.. واختفت مع تسريب امتحانات الثانوية العامة.. ونواب: المجلس أقوى من الحكومة بسلطاته الرقابية والتشريعية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة