وثائق مصر السرية أو غير السرية تماماً كالآثار حق عام وليست إرثاً لأحد
بداية على أن أعطى كل ذى حق حقه، فعنوان هذا المقال يرجع الفضل لمعرفتى به بشكل ساخر الأستاذ والصديق الكبير وحيد حامد، فحين كان يعقد جلسات الشر، كما كان يُقال عنها، وتضم كثيرا من المشاهير الحرافيش، كان عمنا وحيد وهو الحكاء العظيم يحكى لنا نوادر يعرفها عن شخصيات عامة، ويستهل الحكاية بعبارة «بدون ذكر أسماء»، بينما كل ما يقوله يشى بالشخصية التى يحكى عنها، فلم يكن بحاجة لأن يقول الاسم، فجميعنا قد عرف من يقصد، ولهذا فحين قدم منذ عامين مسلسلاً رائعاً بعنوان «بدون ذكر أسماء»، قلت من حقه، فهو صاحب حق استغلال العنوان، مجرد بداية لزم التنويه عنها حتى أعطى كل ذى حق حقه.
1 - بدون ذكر أسماء، أستاذة جامعية فى إحدى كليات القمة، ولكنها تتميز عن زملائها بأهم ميزة، فهى ابنة زعيم حكم مصر، ومن هنا أصبح كل كلمة تقولها ابنته ذو قيمة، خاصة أنها تمتلك كما أعلنت فى أكثر من موضع أنها تمتلك مستندات لما تقول تحت عنوان سرى جدا، وتلك طامة كبرى فما هذا البلد الذى يسمح لأفراد مهما بلغوا من مكانة أن يرثوا وثائق تخص الدولة لمجرد أنهم أبناء رؤساء سابقون، وكأن الوثائق الرسمية جزء من ميراث يؤول للأبناء، كما تؤول الأموال السائلة والعقار. وثائق مصر السرية أو غير السرية تماماً كالآثار حق عام وليست إرثاً، ورغم أن الدكتورة أعلنت جهاراً نهاراً أن تيران وصنافير سعوديتان، بناءً على وثائق سرية تملكها، فلا أحد تحرك أو طالبها رسمياً بتسليم كل ما وضعت يدها عليه من وثائق تخص مصر، وللحق تصورت لو أن ابنة كينيدى أو بوش ظهرت أمام الإعلام وقالت معلومات بناء على وثائق خاصة بالدولة، غالباً سيكون البوليس الفيدرالى هو أول يد تتلقفها بعد الخروج من الاستوديو.
الأستاذة الدكتورة خرجت على الإعلام مؤخراً بالجديد أقرت بأن حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان كان رجلا وطنيا، وأن تنظيمه كان مؤسسا لحرب الإنجليز، وخلاف الإخوان مع الثورة كان بسبب اتفاقية الجلاء، واستشهدت بأن ماما قالت لى!
ولا أعيب على ابنة الزعيم أن تقول ما تود قوله، فهى حرة إذا كان بناء على ماما قالتلى، ولكن الأستاذة الجامعية ليست حرة، فهى يجب أن تلتزم بقراءة التاريخ والحاضر لتطلق تصريحاتها بما يتناقض مع التاريخ الذى يقول إن جماعة الإخوان ساهم فى تكوينها الإنجليز بالمال والمساندة، وأنهم أبداً لم يكونوا مرتبطين بالوطن بقدر ارتباطهم بالعولمة حتى قبل العولمة، وأن حلمهم الأكبر هو عودة الخلافة، بدون ذكر أسماء، الدكتورة لا بد أن تعيد التفكير فى ظهورها الإعلامى، وترحمنا وترحم الأجيال الجديدة.
2 - بدون ذكر أسماء، نجم شاب حصل على شهرة واسعة فى وقت قليل، لأنه لعب على فكرة فتوة الناس الغلابة، فأحبه الغلابة، ثم فتح عليه ربنا، فإذا به يضع صورته مع سيارات اشتراها كانت بالتأكيد حلماً بعيد المنال، وعرضها على حسابه على مواقع التواصل، ويبدو وكأنه تعامل مع الأمر بنفس منطق الدراما التى يقدمها، فيقول للفقير احلم فيوماً ما سيتحقق حلمك، ولكن النجم لم يكن يدرك أن الفارق بين الدراما والواقع كبير، والفرق بين جورج كلونى فى الغرب وتعامله مع الجمهور يختلف تماماً عن التعامل بين بدون ذكر أسماء، النجم الجديد والجمهور على اختلافه، فالثقافة هناك غير الثقافة هنا، الجمهور هنا غير الجمهور هناك، الحياة هنا غير الحياة هناك.
بدون ذكر أسماء، النجم الشاب، لا بد أن تعيد التفكير فى تعاملك مع تاريخ الفقر والقهر وترحم نفسك من النفسنة.
3 - بدون ذكر أسماء، رجل الاقتصاد الأول فى مصر، فى السابق لم يكن هناك من الشعب من يهتم بمعرفة اسم صاحب هذا المنصب إلا قليلاً، ولكن منذ أن تولى، بدون ذكر أسماء، هذا الرجل المنصب ولا أحد حتى بتاعة الجرجير إلا وتردد اسمه، وطبعا يأتى ترديد الاسم ليس حباً ولكن دعاء وكل واحد ونفسه فى الدعاء. بدون ذكر أسماءا رجل الاقتصاد الأول، ارحمنا فقراء وأغنياء، زمان كانوا يقولوا الجنيه غلب الكارنيه، والآن الجنيه مأسوف على شبابه لا يستطيع حتى أن يغلب ناموسة، فماذا نحن فاعلون بدون ذكر أسماء.
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد أبوهرجة
بدون ذكر اسماء