نقلا عن العدد اليومى...
لم يدرك الكثيرون أن هناك قمة لزعماء وقادة الدول العربية على وشك الانعقاد، وأن مكان انعقادها فى العاصمة الموريتانية يوم 25 من شهر يوليو الجارى، إلا مع تواتر أنباء عن اعتذار الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى عن عدم المشاركة وتكليفه رئيس الحكومة برئاسة وفد القاهرة فى القمة، فضلا عن تداول أنباء أخرى عن اكتشاف محاولة لاغتيال السيسى على الأراضى الموريتانية، ولولا ذلك ما عرف الكثيرون أن القمة على وشك الانعقاد بعد عدة ساعات، وهى قمة ربما لا يتبقى فى الذهن العربى منها سوى تلك الخيمة التى التأم جمع الوفود العربية ضعيفة التمثيل فى ظلها، فى دلالة رمزية، ربما لم يقصدها أصحابها، على أن الحال التى تعيشها أمة العرب من الخليج إلى المحيط حاليا تعود بها إلى واحد من أهم رموز تاريخها، وهو «الخيمة»، على الرغم من أن «خيمة القمة» كانت مقامة داخل مقر قصر المؤتمرات الدولى بنواكشوط، وليست فى إحدى الصحراوات العربية.
حملت قمة نواكشوط عنوان الأمل، وهو عنوان بدا رومانسيا أكثر من كونه سياسيا، كما أنه بدا بعيدا عن واقع أمة صار أقصى آمالها أن تحافظ على دورية انعقاد قمة قادتها، وهو ما عبر عنه تصريح نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلى الذى عد فيه أن أبرز إنجازات تلك القمة هو الحفاظ على دورية انعقاد القمة العربية، كما أن عنوان «الأمل» جاء متفائلا للغاية، وسط واقع يعرفه القاصى والدانى من حال الأمة العربية، أبرز مظاهره أن دولا عربية تتفتت بين صراعات طائفية وأخرى سياسية، ودولا أخرى على وشك اللحاق بها، وثالثة تعانى من أزمات اقتصادية خانقة، ولعل نظرة واحدة إلى الأوضاع فى كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق تغنى عن أى وصف لحال العرب وبلادهم.
وبتوصيات ضعيفة، وبتمثيل رسمى أضعف، وفى أقل عدد من الساعات، جاء حصاد قمة العرب فى نواكشوط ليصب فى صالح آراء وتحليلات تدفع فى اتجاه المطالبة بتبديل آلية القمة العربية بآلية أكثر قوة وفاعلية، ربما تسهم فى إعادة بعض من الدم فى الشرايين العربية التى تكاد تتيبس تحت وطأة قتال دموى هنا وصراعات هناك، بدأت مع انطلاق شرارة ثورات الربيع العربى من تونس.
حين اتخذت قمة القاهرة فى عام 2000 قرارا بدورية انعقاد قمة القادة العرب، فى شهر مارس من كل عام بإحدى العواصم العربية، استقبلت الشعوب العربية آنذاك القرار بمشاعر من التفاؤل، بعد أن كان انعقاد القمة رهنًا بأحداث تمر بها أى من الدول الأعضاء فى الجامعة العربية، وجاء اعتذار المملكة المغربية عن عدم استضافة قمة العام الجارى ليهدد دورية الانعقاد تلك، حتى التأم شمل من حضر من القادة والوفود العربية فى الخيمة الموريتانية.
ولأن قمم القادة العرب منذ انعقاد أولاها فى أنشاص المصرية عام 1946 وحتى انتهاء آخرها قبل أيام فى العاصمة الموريتانية، لم تقدم، إلا قليلا، لمواطنى بلاد العرب، سواء قبل إقرار دورية الانعقاد أو بعدها، ما يلبى طموحاتهم فى عمل جمعى قوى، فقد بات واضحا، وبحسب مراقبين، أنه على مؤسسات العمل العربى، وفى المقدمة منها جامعة الدول العربية، البحث عن آليات أكثر فعالية لتحقيق ما تبقى من متطلبات العمل العربى المشترك، وفى المقدمة من ذلك الحاجة الشديدة إلى التنسيق بين العواصم العربية لحماية الأمن القومى العربى فى ظل تحديات خطيرة تستهدف علنا النيل منه لصالح تنظيمات وأجهزة استخبارات دولية، ليست ببعيدة عن دعم تلك التنظيمات أيضًا، وفى ظل استهداف واضح لبنيان البلاد العربية واستقرارها، ومحاولات لهدم ذلك البنيان، حيث بات واضحا أن هناك حاجة لعقد قمة على مستوى خبراء السياسة والقانون فى البلاد العربية لبحث طرح آلية جديدة، لتنشيط العمل الجمعى العربى أو حتى الاستفادة من استمرار دورية انعقاد «القمة» حتى الآن، والانتقال بها من مرحلة الاجتماع السنوى الروتينى إلى مناسبة لتجديد دماء العمل العربى المشترك، بما يواكب التحديات التى تحيط بالأمة العربية من كل جانب وباتت أخطارها واضحة على استقرار تلك المنطقة من العالم.
موضوعات متعلقة:
القمة العربية فى نواكشوط تنطلق بـ 6 رؤساء..الرئيس السيسى يتعهد فى كلمة ألقاها رئيس الوزراء باستمرار مصر فى تحقيق التضامن العربى.. ورئيس موريتانيا يشدد على ضرورة النهوض بالدور العربى على الساحة الدولية
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة