كرم جبر

الفاسدون الأغبياء لم يتعظوا ممن سبقوهم!

الأحد، 03 يوليو 2016 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- كلما سقط فاسد أزيلت بقعة سوداء من ثوب الوطن وتقدمت البلاد درجة فى سلم النزاهة والشفافية



أستغرب جدا مما فعله مدير أمن محافظة القاهرة، الذى ضبطت رشوة فى مكتبه 50 ألف جنيه، لم يتعظ من وزير الزراعة السابق ومستشار وزير الصحة، وطابور آخر من الفاسدين الذين يتساقطون فى الفترة الأخيرة كأوراق الخريف، ولم يفكر فى لحظة تساوى الدهر كله، عندما اقتحم رجال الرقابة الإدارية مكتبه، ثم ساقوه مكبلا أمام موظفيه إلى مصيره المؤلم، ومن النيابة إلى طرة ثم محاكمات طويلة وثقيلة، يفقد خلالها حريته وسمعته وحياته، ويترك لأهله وذويه التجريس والعار، فالحارس الذى كان يقف على باب مكتبه، ويؤدى له التحية دخولا وخروجا، أصبح سجانه الذى يكبل يديه بالحديد، ويغلق عليه أبواب الزنزانة، فى ليل طويل ومخيف قد لا يأتى بعده نهار.

لم يفهم الأغبياء أن شعار الدولة فى الوقت الراهن، هو ضرب الفساد بلا رحمة أو هوادة، وتأكد الشعار بسقوط عشرات الفاسدين والمرتشين، على أيدى رجال الرقابة الإدارية، وهذا الجهاز بالذات لا يتحرك فى أى قضية إلا بعد توافر الأدلة والبراهين والمستندات، وتدعمه تقنيات عالية فى الرقابة والمتابعة والتسجيل بالصوت والصورة، ويدقق بمنتهى الحرص والتأنى فى الشكاوى التى تصله، ويستبعد تماما البلاغات الكيدية، حتى لا يظلم بريئا، وتتسم الإجراءات بالحرص التام، فى تقنين كل مراحل التحقيق والضبط والاستجواب، حتى إحالة القضية إلى النيابة العامة مكتملة الأركان.

أستغرب من غباء الذين يسقطون فى شباك الفساد، وهم يعلمون جيدا أن الدولة عاقدة العزم على المضى فى الحرب ضد كل صوره إلى نهايتها، فالفساد هو الذى أسقط نظام ما قبل 25 يناير، وقضى على إنجازات كبيرة وجهود مثمرة، وأضاع الدولة وكاد أن يضيع الوطن كله، والفاسدون الذين امتلأت كروشهم وخزائنهم بالمال الحرام، كانوا نقمة ولعنة وجلبوا الخراب على أنفسهم وأسرهم وعائلاتهم، وأدى الزواج الحرام بين السلطة والثروة إلى تنامى الغضب والحقد فى النفوس، وانفجار الجماهير فى الشوارع، وهو درس قاس ويشبه الكى بالنار.

كان من المفترض أن يستوعب الأغبياء الدرس، من إصرار الدولة على محاكمة كل من ارتكب فسادا، فى فترات سابقة ولاحقة، ويدركوا أن سقوطهم حتمى ولو تأخر بعض الوقت، لأن الدولة لا تريد اتخاذ إجراءات تثير الفزع والخوف، أو يترتب عليها إيقاع الظلم ببعض الأبرياء، وهذا ما يحدث الآن فى لجنة استرداد أراضى الدولة، التى اكتشفت أن البلد كان يعوم فوق بحيرة من الفساد، وأن أصحاب الثروات الفلكية والمليارات الساخنة تحصلوا عليها عن طريق وضع أيديهم على أراضى الدولة، والمتر الذى لم يدفعوا فيه جنيها باعوه بآلاف الجنيهات، وتهربوا من دفع حق الدولة والمجتمع، وساعدهم حفنة من المسؤولين المنحرفين، الذين زيفوا الإجراءات الباطلة، وسهلوا نهب ثروات البلاد.

كلما سقط فاسد أزيلت بقعة سوداء من ثوب الوطن، وتقدمت البلاد درجة فى سلم النزاهة والشفافية، وترسخ مفهوم العدالة الحقيقية لدى الرأى العام، وتجرأ الناس للإبلاغ عن كل صور الانحراف والتسيب والفساد، وتولدت لديهم الثقة فى أن أجهزة الدولة جادة قولا وفعلا فى تطهير البلاد من هذا الوباء، دون أن تلوح بسيف التخويف أو الانتقام، كما فعل الإخوان فى عام حكمهم، عندما أرادوا الاستيلاء على ممتلكات كبار رجال الأعمال والمستثمرين، بتلفيق قضايا كيدية، لإجبارهم على التنازل عنها بأبخس الأثمان، وأشاعوا أجواء من القلق والتوتر، وتحولت دولة الإخوان إلى عصابة راعية للفساد، وترعى أسوأ صور الفساد تحت شعار الحرب ضده، وانقشع هذا الكابوس مع زوال دولتهم.

الحكمة التى تقول «ليس للكفن جيوب»، ليست صحيحة على إطلاقها، لأن هناك بشرا لا يصدقونها إلا إذا دخلوا القبر أو السجن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة