إسلام مسعد السيد حسيب يكتب: فن إدارة الوقت

الوقت هو المادة التى صنع منها الحياة هذا ما قاله بنجامين فرانكلين أبرز مؤسسى الولايات المتحدة الامريكية كم منا حاول الوقوف امام الساعة يراقب عقرب الثوانى الذى يعبر عن نزيف العمر فكل ثانية تمر من عمرنا لا يمكن ان تعود مرة اخرى، فالمادة الخام للعمر أى الوقت تنفذ تتبخر ولابد وان نتساءل ماذا قدمنا والى اين نسير فالوقت هو الثروة التى يمتلكها الانسان هو المورد الطبيعى الذى لابد من استغلاله الاستغلال الأمثل كى يحقق الانسان أهدافه.

وحينما نتحدث عن إدارة الوقت لابد وان نكون اكثر دقة فى تعبيرنا فلابد وان نقول إدارة أنشطة الوقت لان الأنشطة نمتلكها ولنا حرية التصرف فيها اما الوقت فلا نمتلكه وليس لنا حرية التصرف فيه هنا نجد دكتور إبراهيم الفقى رحمه الله يضعنا امام اختلاف كبير بين إدارة الوقت وإدارة أنشطة الوقت وبالتالى عليك ان تجاوب على سؤال كيف ادير أنشطة وقتى ؟
فى البداية لابد وان نتفق ان إدارة أنشطة الوقت تعنى أولا إدارة الذات فالوقت هو مورد طبيعى منحه الله للبشر كافة ما دامو على قيد الحياة اليوم 24 ساعة كاملة متاحة يوميا للبشر كافة تتمتع بخصائص لابد وان نتفق جميعا عليها الا وهى.
1- ينقضى سريعا
2- ما مضى منه لا يعود ولا يعوض
3- اندر ما يمتلكه الانسان
ومن خصائصه الفريدة نستخلص أهميته وكما قال ابن القيم رحمه الله ” إضاعة الوقت أشد من الموت، لأن إضاعة الوقت يقطعك عن الله والدار الآخرة، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها “ ويقول ابن مسعود رضى الله عنه ” ما ندمت على شيء ندمى على يوم غربت شمسه أنقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي“ويقول الخليفة عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه ” إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل فيهما “ويقول الحسن البصرى ” يا ابن آدم، إنما انت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم ذهب بعضك“.
ولكى تقوم بإدارة أنشطة الوقت عليك أولا ان تقف امام نفسك وتتساءل من انت ؟ ماذا تريد ان تكون؟ لماذا خلقت؟ ما هو دورك فى الحياة ؟ هل تعيش فى الماضى ؟ هل تقارن نفسك بالأخرين ؟ وعندما تجد إجابة صادقة لكل هذه الأسئلة سوف تضع نفسك على اول طريق إدارة أنشطة وقتك فالكثير منا لا يعرف من هو ولا يعرف لنفسه هدف فهو يعيش كى يعمل أو يدرس أو يعيش لمجرد الحياة فقط فنحن خلقنا لعبادة الله وعمارة الأرض هذا هو دورك الرئيسى فى الحياة العمارة فمنا من يعمر الأرض بعمله واخر بفكره فعلينا جميعا ان ندرك سبب وجودنا فى الحياة فانا لم اخلق كى أعيش فى الماضى فالماضى ليس الا ذكريات خلقت كى تثقلنى علما وخبرة فى الحياة واذا قارنت نفسى بالأخرين ظلمت نفسى قبل ان اظلم غيرى فكل انسان منا له ظروفه التى قادته إلى موقعه الحالى فلا بد والا يجد الحسد مكانه لقلبك فصدقنى ان احسنت عملا فان الله لا يضيع اجر من احسن عملا وسوف يقودك ذلك الاحسان إلى مكان افضل بكل تأكيد فلا تضع الكثير من الوقت فى المقارنة مع الاخرين.
تخيل ان معرفتك لذاتك تعنى التفوق تخيل أنك ان حددت مكانك على الخريطة البشرية سوف توفر على نفسك الكثير من الجهد والتعب فى لا شيء فبداخل كل انسان منا طاقة روحية كبيرة جدا هى التى تقوده إلى النجاح ومن اهم مبادئ العقل ان تحديد الهدف والسعى ورائه يجعل كل حواس الانسان تعمل من اجل الوصول إلى الهدف.

وضع المهتمون بعلوم الإدارة بعضا من المبادئ لإدارة أنشطة الوقت منها

1- المبادئ المتعلقة بالتخطيط
1. مبدأ تحليل الوقت

فى البداية لابد من ان تقوم بإحضار ورقة وقلم وكتابة كل ما تقوم به من أنشطة خلال اليوم حتى النوم ليس هذا فحسب ولكن عليك أيضا ان تقوم بتحديد عدد الساعات التى تقضيها فى كل نشاط على حدى فهذا سوف يجعل الرؤية واضحة تماما امامك كى تقوم بإدارة أنشطة الوقت.

2. مبدأ التخطـيط اليومي

يمكنك فى بداية كل صباح ان تقوم بتسجيل الأنشطة التى لابد وان تقوم بها خلال اليوم وتقوم بترتيب اولويتها حسب رؤيتك.

3. مبدأ تخصيص الوقت حسب الأولوية

بعد ترتيب أولويات الأنشطة يتم تخصيص وقت لكل نشاط ويتم مراقبة ذلك ومحاولة الالتزام بالوقت المخصص للنشاط ويأتى هذا مع التدريب.

4. مبدأ المرونة

قد يظن البعض ان الالتزام بالوقت المخصص للأنشطة يعنى الالتزام الحرفى وهذا غير صحيح حيث انه لابد من ان تقوم بتخصيص وقت أكبر من الوقت المطلوب لأى نشاط تقوم بعمله وذلك لمواجهة أى ظروف غير مخططه مما يجعل تخطيطك لوقتك اكثر مرونة.
2- المبادئ المتعلقة بالتنظيم
1. مبدأ التفويض
ممكن ببساطة شديدة جدا ان تقوم بنقل بعض الاعمال التى لا يتسع وقتك للقيام بها إلى بعضا من زملاء العمل أو مشاركة اسناد المرآه بعضا من مهام البيت إلى الزوج فالتعاون بين افراد العمل أو افراد الاسرة ينجز الكثير من الاعمال فى اقل وقت ممكن.

2. مبدأ تقسيم العمل

خلق الله تبارك وتعالى البشر للتكامل فى اعمار الأرض فكل منا يحتاج إلى الاخر بشكل أو باخر فلا يمكن لأى عضو من أعضاء الجسد ان يقوم بعمل الاخر فلا يقوم المخ بعمل وظائف الكبد ولا القلب وبالتالى فان التنويع الوظيفى الذى خلقنا الله عليه هو مبدئ من مبادئ الحياة وتقسيم العمل يؤدى إلى أفضل إنتاجية ممكنة فكل شخص يتقن دورة ويعمل على تحسينه.

3. مبدأ التحكم فى المعوقات

لابد عند تخطيتك لأنشطة وقتك ان تعلم تماما انه قد تواجهك بعض المعوقات منها ما قد تتجنبه لإنجاز مهامك ومنها ما لا يمكن تجنبه فعليك ان تعطى وقتا أكبر من المتوقع فان أنجزت مهامك قبل الوقت المتوقع يمكنك اخذ قسطا من الراحة أو انجاز الاعمال الأخرى.

4. مبدا الاقلال من العمليات الروتينية

ما يميز العمليات الروتينية هى تعودك على أدائها بسرعه وعليك ان تقوم بتلك الاعمال من خلال تصميم برنامج خاص بك أو تحضير التقارير الروتينية الدورية قبل طلبها منك كى تجعل هناك متسع من الوقت كى تقوم بأعمال اكثر أهمية.

3- المبادئ المتعلقة بالرقابة

1. مبدأ تنفيذ الخطة اليومية والمتابعة اليومية ضروريان لإدارة الوقت.
بعد تحديد أولويات الوقت وتخطيط وقتك جيدا لابد وان تقوم بمتابعة التزامك بالتخطيط وتقييم نفسك يوميا وحث ذاتك على ان يكون تقييمك ليوم غد اعلى من اليوم.
2. مبدأ إعادة التحليل.
بعد مرور ستة اشهر على التحليل الأول لوقتك لابد من عمل إعادة تحليل لأنشطة وقتك وستجد عن تجربة ان هناك العديد من أنشطة الوقت قد تخليت عنها وتجد تحسنا كبير فى استغلال الوقت.

ولعل اهم الأدوات التى تساعدك على تخطيط الوقت الورق وهناك العديد من الأدوات التى تتيحها التكنولوجيا الحديثة منها مثلا التقويم الموجود على الموبيل والذى يمكن ربطه لمستخدمى الاندرويد بتقويم موقع جوجل عن طريق ايميل الجى ميل الأكثر شهرة.

ومن اهم المعوقات فى إدارة أنشطة الوقت ما نطلق عليهم لصوص الوقت ومنها
المقاطعات والزيارات المفاجئة.

حينما تكون فى اجتماع أو فى جلسة مع احد اصدقائك أو زملائك أو اسرتك تجنب المقاطعة سواء كانت لك أو لغيرك حيث ان المقاطعة تؤدى غالبا إلى تشتيت تركيز المتحدث ويأخذ المزيد من الوقت.
اما الزيارات المفاجئة فتخرجك عن ترتيب احداث يومك وتجعلك فى اطرار إلى تأجيل بعض الاعمال لحين الانتهاء من الزيارة.

الاتصالات الهاتفية غير المنتجة.

تجنب الأحاديث الهاتفية غير المنتجة فهناك من يتصل بك ويعيد ويزيد فى الكلام دون أى جدوى فعليك ان تحدد النقاط التى سوف تتكلم فيها قبل القيام بالاتصال وقم بإنهاء تلك النقاط فى أسرع وقت مما يجعلك توفر وقتا ومجهودا ومالا مهدرا على الاتصالات.

الاجتماعات والأحاديث غير الفعالة.

بعد كل اجتماع فى عملك أو فى حياتك بشكل عام قم بتقييم ما هى أوجه الاستفادة من هذا الاجتماع وان كانت تلك الاجتماعات اهدارا لوقتك دون أى جدوى ارجو ان تتجنبها تماما.
التسويف أو التأجيل بأعذار واهية.

الحزم لابد وان يكون أسلوب حياة حيث ان التسويف واختلاق الأعذار لتأجيل موضوعات معينة قد تكون مهمة فى حياتك هو اول الطريق إلى الفشل

الأهداف غير الواضحة.

حاول حينما تقوم باى عمل ان تعرف أولا ما هو الهدف منه كى تتجنب القيام بأعمال اخرى بعيدة عن الهدف الأساسي

النقص فى المعلومات

النقص فى المعلومات يجعلك تحاول البحث عن معلومات اكثر عن العمل الذى تريد إنجازه مما يجعلك تأخذ وقتا اكبر.

عدم تحديد الأولويات.

قد تقوم بأداء بعض المهام غير المهمة فى وقت كان يمكنك أداء بعض الاعمال الأكثر أهمية.
عدم القدرة على قول” لا“.

قد لا تقدر على قول لا مما يدفع مديرك على اعطائك المزيد من الاعمال وبالتالى لا يمكنك السيطرة على وقتك فليس معنى ان تقول لا انك تسيئ إلى مديرك بالعكس فقول لا له أسلوب معين قول لا بشكل مؤدب ومحترم فلدى الكثير من الاعمال الان هل يمكننى البدء فيها بعد ان انتهى من اعمالى الحالية فهنا قد يكون الخيار لمديرك بان يكلف احد زملاءك بالقيام بهذه الوظيفة.

عدم تخطيط أنشطة الوقت.

عدم التخطيط لأنشطة الوقت يجعلك غير قادر على التحكم فى وقتك وبالتالى قد تهدر الكثير من الوقت فى لا شيء

انخفاض الروح المعنوية.

حاول ان تكون روحك المعنوية مرتفعة دائما ازرع فى نفسك الامل فمادام الله سبحانه وتعالى موجود ورزقك بيده لن يضرك احد ابدا فالروح المعنوية المنخفضة تجعل لديك نوع من اللامبالاة والإهمال فى الوقت والعمل مما يضيع المزيد من الوقت.

عدم الاعتراف بالخطأ.

الاعتراف بالحق فضيلة فان اعترفت انك اخطات وفرت على نفسك الكثير حيث انك سوف تقوم بتحليل خطاك والاستفادة منه وعدم تكراره حتى لا تضيع وقتك فى شىء خطأ ونتائجه غير مضمونة
ونستخلص مما سبق اننا لدينا قواعد لإدارة أنشطة الوقت وهى حدد أهدافك وأولوياتك وكن قادر على قول ”لا“ وأتقن فن الاتصال الهاتفى ولابد حين تحديد اهدافك ان تكون اهدافك محددة ومتفق عليها أى لا تكون ضد الأعراف والقوانين وواقعية أى قابلة للتحقق وان تربط هذه الأهداف بمدى زمنى معين لتحقيقها.