التفكير المصرى العام يعانى بعض الأمراض والقيود أهمها حق الفتوى عن جهل فى كل شىء وأى شىء، اجتاح هذا المرض مصر فى الأيام العشرة الأخيرة عند مناقشة الانقلاب التركى أو مشاكل الاقتصاد وأنا لست خبيراً فى الاقتصاد، لكنى مواطن مصرى شاركت خلال الأسابيع القليلة الماضية الكثيرين من أبناء وطنى فى متابعة ما ينشر فى الداخل والخارج عن أزمتنا الاقتصادية، كما استمعت إلى أحاديث وفتاوى كثيرة عن تضخم الديون وتدهور الجنيه وارتباك الأسواق ومخاوف الأثرياء قبل الفقراء من التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع الدخول إذا حسبناها بالدولار والعملات الأجنبية، التى نستورد بها ثلاثة أضعاف ما نصدره!!
طيب ما العمل؟.. وكيف ننقذ اقتصادنا؟.. هناك اجتهادات ومقترحات مفيدة يطرحها عدد من الاقتصاديين، كلها خارج صندوق الأفكار والسياسات القائمة. وهناك بالطبع كمية هائلة من الفتاوى والاجتهادات غير السليمة التى يطرحها أشخاص غير متخصصين ومن طراز الخبراء الاستراتيجيين، كما أن بعض الفتاوى يقدمها ما يقال عنهم خبراء اقتصاد، وهم لم يكملوا تعليمهم!!، ومع ذلك يدّعون العلم والخبرة. وأنا شخصياً لا يمكن أن أتجرأ وأقدم فتاوى اقتصادية، لكن اعتقد بضرورة أن تراجع الحكومة مجمل الأداء الاقتصادى لأننا بالتأكيد وفى ضوء كل المؤشرات الاقتصادية المعروفة لا نسير على الطريق الصحيح، كما أن قدرات الحكومة ووزراء المجموعة الاقتصادية ورئيس البنك المركزى أقل بكثير من المأزق الاقتصادى، وبالتالى لابد من الاستعانة بخبراء مصريين من خارج الوزارة والنخبة الحالية كى يقدموا أفكارهم ويطرحوا بدائل. خبراء بجد ومشهود لهم عربياً ودولياً وهم كثيرون، وأتمنى أن يبادر الرئيس بتكليف بعضهم بإدارة الأزمة الاقتصادية بدلاً من الوزارة الحالية التى فشلت فى الاقتصاد والسياسة والنهوض بالخدمات.
التغيير لا يعنى عدم الاستقرار، بل إن الإبقاء على وزارة فاشلة يؤدى إلى أزمات، ومن ثم ضرب الاستقرار. وطبعاً تغيير الوزارة ليس كل شىء، وإنما هناك ضرورة لمصارحة الشعب بحقيقة الأزمة الاقتصادية، وأن هناك حاجة ماسة وسريعة لبعض التضحيات التى يجب أن يتحملها الغنى قبل الفقير، كما أننا بحاجة إلى تأجيل بعض المشروعات العملاقة مثل العاصمة الجديدة أو مشروع المفاعل النووى بالضبعة، الذى أعلن أنه يعنى اقتراض 25 مليار جنيه، وهو أكبر قرض فى تاريخ مصر!!. ولن أناقش هنا أن أغلب دول العالم تتخلى عن المفاعلات النووية وتركز على إنتاج الطاقة من الشمس والرياح وغيرها من المصادر الجديدة للطاقة، كما أننا حققنا حالياً فائضا فى إنتاج الكهرباء بفضل المحطات التى شيدت بسرعة وبتكلفة كبيرة، ولاشك أنها، إضافة إلى صفقات أخرى كثيرة، شكلت ضغطاً على احتياطى مصر من النقد الأجنبى، إلا إنها كانت ضرورية ولاغنى عنها.
رسالتى أنه لابد من التواضع ومراجعة مجمل الأداء العام اقتصادياً، والاستماع إلى آراء ومقترحات خبراء من غير المتصدرين للمشهد الآن، وتنظيم حوار وطنى لمناقشة كل القضايا. مليارات كثيرة فى مشروعات ضرورية لكن بعضها كان يمكن تأجيله، والمفارقة أن المواطن لم يشعر بمردود كل هذا الإنفاق، ربما لأنها تحتاج لوقت، وربما لأننا واجهنا ظروفاً صعبة وحظاً سيئاً، فقد تراجعت أسعار النفط وانهارت السياحة ولم تتدفق الاستثمارات الأجنبية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة