ابنة طبيب شهير فى القطر العربى لم تحب ما رأته من والدها فى معاملة المرضى وجشعه الشديد فى أخذ الأموال منهم فقررت أن تتطوع لعلاج الناس بالمجان وتكرس حياتها لرعاية جرحى الحرب والمرضى والضعفاء، ولم تكتفِ بذلك وإنما بدأت تعلم الفتيات كيفية رعاية الجرحى والمرضى.
فعلت كل هذا وأنفقت على علاج المرضى من مالها الخاص، وأصرت على مصاحبة الجنود فى حملاتهم وأنشأت مستشفى ميدانية فى ميادين الحرب لعلاج المرضى.
هذه القصة ليست من الخيال، وليست قصة لواحدة من الفدائيات فى أوروبا ولا العالم الغربى، وليست قصة معاصرة وإنما قصة الصحابية "رفيدة الأسلمية" التى عرفت بأنها أول ممرضة فى الإسلام وأنها صاحبة أول مستشفى ميدانية فى التاريخ العربى.
وحسب كتاب "الطب الإسلامى" للدكتورة "سعاد حسين" فإن والد سمية كان الطبيب الشهير "سعد الأسلمى" الذى عرف عنه أنه يعالج الناس بالكهانة وهو ما رفضته رفيدة فالتقت مبعوثًا للرسول عليه الصلاة والسلام وهو "مصعب بن عمير" وتحدثت معه عن الإسلام واقتنعت به ثم أعلنت إسلامها وبدأت عملها التطوعى المبهر.
حين تبحث فى قصة "سمية الأسلمية" تجدهم يصفونها بأنها كانت قارئة جيدة وكاتبة مجيدة، وكانت ثرية تنفق على مداواة الجرحى من مالها الخاص، وكانت مستقلة أيضًا تخرج إلى ميادين الحرب وتشارك فى كافة الغزوات وتكرس حياتها كلها للرسالة التى آمنت بها.
"سمية الأسلمية" هكذا عُرِفت "سمية" فى الكتب وفى التاريخ، لم تنسب لزوج ولا لابن ولا حتى للأب، عُرِفت بنفسها وعملها والإنجازات التى حققتها فهى أول من وضع نظام المستشفى وكونت فريقًا من الممرضات تدربهن وتعلمهن تطبيب الجرحى وقسمتهن إلى مجموعات متناوبة لرعاية المرضى على مدار اليوم ليلاً ونهارًا، وهى أول من ابتكر فكرة المستشفى الميدانية، فى غزوة خيبر حين ذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ومعها فريق كبير من النساء اللائى دربتهن على فنون التمريض، وطلبت من الرسول الخروج معه فى الغزوة لعلاج الجرحى ووافق الرسول فخرجت مع النساء وقمن بجهد كبير دفع الرسول عليه الصلاة والسلام إلى منحهن نصيبًا من الغنائم كأى جندى مقاتل.
ولشهرتها المعروفة فى تطبيب الجرحى وعلاجهم اختارها الرسول صلى الله عليه وسلم لعلاج "سعد بن معاذ" حين أصيب فى معركة الخندق إصابة خطيرة، وهو الموقف الذى تصرفت فيه بذكاء شديد وحكمة ونجحت فى براعة فى إيقاف النزيف فى صدره.
هذه الصورة المشرفة لصحابية جليلة هى الرد الأبلغ على ادعاءات الظلاميين بأن الفتيات ليس لها أن تتعلم أو تشارك فى الحياة العملية وأن الدور الوحيد والأهم للنساء كلهن هو الزواج ورعاية البيت والأبناء والاكتفاء بذلك، وأن الفتاة لا يمكن أن تختار بنفسها الطريق الذى تواصل فيه حياتها بعيدًا عن اختيارات الأهل أو رؤيتهم حتى لو كانوا مخطئة.
"رفيدة الأسلمية".. الفتاة المستقلة صاحبة أول مستشفى ميدانى فى التاريخ
الجمعة، 17 يونيو 2016 02:00 م
مسبحة ومصحف – أرشيفية
كتبت سارة درويش
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة