لا يزال مولانا جلال الدين الرومى قادراً على بث السحر فى قلوب المتصوفة الذين يواجهون الحياة المادية ويتحدونها ويسعون إلى شغف القلب والرضا والطمأنينة والحب الإلهى، فها هى هوليود بكاميراتها واستوديهاتها ودعايتها تستعد لبث الروح فى واحد من أشهر رجال القرن الثالث عشر، وعلى شاشات العالم كله، سيمارس القطب الكبير رقصته مرة أخرى أمام الجميع.
فى سنة 2007 قالت الـ«بى. بى. سى» عن جلال الدين الرومى، إنه أكثر الشعراء شعبية فى الولايات المتحدة، وهذه الأيام يعكف كاتب السيناريو ديفيد فرانزونى، أحد كتاب سيناريو فيلم «المصارع» الحائز على الأوسكار والمنتج ستيفن جويل براون، على صناعة فيلم عن الشاعر الصوفى الكبير ويحددان هدفهمها من الفيلم بأنه تحدٍ للصورة النمطية عن الشخصية المسلمة فى السينما الغربية التى أصبحت صورة المسلم لديها واقعة فى فخ النمطية والصورة الداعشية.
وصناع الفيلم يرون أن ما دفعهم إلى مشروع يتناول حياة الرومى هو تأملاته التى ظلت صالحة فى التعامل مع هموم الإنسان المعاصر، والحقيقة هى أن جلال الدين الرومى فرض نفسه على الجميع، فصورته المتسامحة التى جعلت يوم تشييع نعشه، كما تقول كتب التاريخ، خرج الناس جميعا خلفه مسلمون ومسيحيون ويهود، والكل يرون أنهم عرفوا الطريق إلى الله من طريقة مولانا جلال الدين الرومى، فقد عُرف جلال الدين الرومى «1207 - 1273م» بإسلامه السمح، كما تركت أشعاره ومؤلفاته الصوفية تأثيراً واسعاً فى العالم الإسلامى بصورة عامة، وفى العصر الحديث ترجمت بعض أعماله إلى كثير من لغات العالم ولقيت صدًى واسعاً، وترجمت أجزاء كتابه «المثنوى» إلى معظم اللغات العالمية، إذ وظف فيه قصصا من الحياة اليومية وإرشادات قرآنية فضلا عن خبرته وتجربته الواسعة فى الحياة، ليقدم كتابا قيما مفعما بالتأملات العميقة والأفكار النيرة.
وفى النهاية نقول، علينا أن نعترف بدور التكنولوجيا والميديا فى صناعة الرأى العام، فمعظم الصورة السلبية المأخوذة عن الإسلام فى الغرب هى من صناعة الإعلام ووسائله المختلفة، لذا لا يجوز لنا بأى شكل من الأشكال أن نستهين بفيلم جلال الدين الرومى، ونعتبره مجرد فيلم، بل علينا أن نتابعه ونركز عليه، لأن ذلك فى صالحنا تماما، فعندما قدم المخرج العالمى «ريدلى سكوت» فيلمه مملكة الجنة عن القدس والصراع بين المسلمين والصليبيين، وظهرت شخصية صلاح الدين الأيوبى بكل إيجابياتها وبحبها لدينها ودفاعها عن أرضها بالتأكيد أحدث ذلك نوعا من الاختلاف حتى ولو لدى قطاع بسيط من الغربيين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة