الآلام المستمرة تدفع للإحباط واليأس والاستسلام.. يا إما للموت «مقتولاً» أو السجن «قاتلاً»
إن أكثر ما يوجع الإنسان، ويجرح كبرياءه ويمس كرامته، الشعور بالخوف من بلطجية وأشرار يهددون حياته وأسرته بالقتل، ويحاولون السطو على ممتلكاته أمام أعين الجميع، ولا يجد من ينصفه، بمن فيهم الدولة المتمثلة فى رجال الأمن.
هذا الوجع الذى يفوق آلام ووجع الأورام السرطانية فى مراحلها الأخيرة، يبعث بالنفوس المظلومة والمكلومة شعورًا ضاغطًا بالإحباط واليأس والاستسلام، يا إما الموت «مقتولًا» أو السجن «قاتلًا»، رغم قناعته الداخلية بأنه لا يستحق أن يتعرض لمثل هذه الأوجاع، وهو المواطن المحترم والشريف، وأن الدولة ألقت به بين أنياب البلطجية والمجرمين الذين لا همّ لهم إلا إثارة الرعب، وتأجيج الأوضاع، وشيوع عدم الأمن والأمان والاستقرار فى الشارع.
يزداد شعور الوجع والألم قسوة إذا كان بسبب الخوف على مصير وطن يعبث به البعض، سواء فى موقع المسؤولية، أو من مُدعين يرفعون شعارات الحرية والثورية، لأنه قائم على رؤية ومتابعة للتدمير، سواء عمدًا من خلال إثارة الفوضى، أو بتصرفات غبية تفتقد أدوات العقل والمنطق.
البعض ممن يتولون المسؤولية، سواء ممن كان فى هيئة أو إدارة حكومية، أو مديرًا للأمن، أو مأمورًا لقسم أو مركز شرطة، أو حتى كان أمينًا وخفيرًا وعمدة، يعتقدون من خلال امتلاكهم السلطة أن لهم الحق فى التصرف واتخاذ قرارات، تأسيسًا على قناعة منهم بأنهم يقفون خلف الدولة، وأنهم على حق وصواب، دون قدرة على قراءة جيدة، وتوقع بأن نتائج تصرفاتهم، وما تسببه من أزمات ستحرج الدولة، وتضعها فى موضع اتهام، وشك وريبة، ويوميًا نلاحظ تكرار الأزمات بسبب تصرف أمين شرطة هنا، أو رقيب شرطة هناك، أو موظف مرتشٍ فى جهة حكومية.
البعض أيضا يُسخر نفسه لتحقيق مصلحة شخصية، أو انتصار وهمى ضد الدولة، مثل محاولة نشطاء وسياسيين وحقوقيين، بجانب النقابات حاليًا، تحقيق انتصار ضد الدولة، وكسر أنف إرادتها، دون الوضع فى الاعتبار أن مصلحتهم الشخصية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمصلحة الدولة، فإذا انهارت الدولة فلن تكون هناك نقابات ولا نقباء، ولا أعضاء مجلس نقابة، ولا سياسيون ولا نشطاء.. أيضًا لا يدرك المسؤول، صاحب النفوذ والسلطة والجاه، أن ممارسته الصادمة، ومحاولة فرد عضلاته على البسطاء فقط، والسير عكس اهتمامات الناس، وإظهار كل التقدير والود والاحترام للبلطجية والمخالفين للقانون، وإعطاء ظهورهم للشرفاء، أنه يضرب بقوة فى صميم مصداقية الدولة، ويهز الثقة فى قراراتها..أيضًا المسؤولون المتقاعسون عن أداء واجبهم وعملهم، والبحث فقط عن الاستثمار فى مصالحهم الخاصة، وتوظيف كل شىء لهذه الخدمة، ولا يبالى بمصالح المواطنين، واضعًا كل العراقيل والعقبات أمامهم، مما يشيع حالة من حالات الغضب، فإنه يتسبب مع مرور الوقت فى تراكم هذا الغضب حتى يصبح بركانًا خطيرًا قابلًا للانفجار فى أى وقت.
هذا هو التوصيف للمشهد فى مصر للأسف، صراع المصالح بين سياسيين ونخب ونشطاء وثوريين، ونقابات ضد الدولة، وصراع بعض من فى يده السلطة والنفوذ مع خصومهم، واتخاذ قرارات تحقق مصالحهم الشخصية، قناعة منهم بأن تحقيق مصالحهم الشخصية يرمى فى مسار تحقيق مصلحة الدولة، ووسط هذا الصراع لا يبرز من يهتم بهذا الوطن إلا الرئيس عبدالفتاح السيسى، والقوات المسلحة، اللذان يبذلان جهدًا خرافيًا من أجل هذا الوطن، دون البحث عن جنى مغانم خاصة.
لكن للأسف الشديد، ووسط كل هذه الإنجازات المغلفة بالمعجزات التى يفتتحها الرئيس، والتى أنجزها أبناء الجيش، تجد أمين شرطة يرتكب حماقة، ويطلق الرصاص على بائع شاى، فتتحول الأنظار إلى جريمة مقتل بائع الشاى، وإعطاء الظهور لكل هذه المعجزات، نتيجة قيام أهل الشر بتوظيف الجريمة لخدمة مصالحهم المتعارضة مع مصالح الوطن، والباحثة عن إحراج النظام وإثارة البلبلة.. إذن مصر ابتليت بفريقين، فريق يمتلك السلطة والنفوذ، ويأتى بتصرفات حمقاء، وفريق يبحث عن تحقيق مصالحه على حساب مصلحة الوطن، دون إدراك الفريقين أنه بدون وطن تنتفى المصلحة نهائيًا، لارتباط وجودهم فى المشهد بوجود وطن آمن ومستقر.
وتبقى حقيقة وحيدة راسخة رسوخ الجبال، هى أن الرئيس والجيش يعزفان نشيد الأمل ونهضة الوطن وازدهاره فقط، دون يأس أو إحباط، ولا تعوقهم أى عقبات أو مطبات صناعية بفعل فاعل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة