استهل كلامه قائلا "الدين علم مثل علم الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء وسائر العلوم، فكما لا يجوز لى الحديث فى الطب أو الهندسة لا يجوز لغير علماء الدين الحديث فى الدين!!
فضيلة الشيخ، تلك رسالة صادقة، وددت لو تصلك كى أبرئ ذمتى فيما يخصنى كطبيبة:
فى البداية يا مولانا هناك أمور تبدو مختلطة أحب أن أوضحها كى توضع فى نصابها، وأؤكد لك مولانا أننا حين نتكلم فيها لا نتعدى حدودنا ونكون نتكلم فى صميم تخصصنا، فحين نقول لا زواج لبنت فى التاسعة نكون نتكلم فى تخصصنا ونكون نتكلم فى الطب، ولعمرى لم يأت هذا اعتباطاً! وإنما وصل إليه علماء الطب بعد دراسة وبحث سنين طوال، وأؤكد لك مولانا أننا حين نقول لا لختان الإناث نكون نتكلم فى الطب وعلوم الطب الحديثة هى التى تحدد وظيفة الأعضاء وأهميتها، يا مولانا ألم يكن أجدادنا يُخْصُون العبيد دون رحمة ودون علم منهم بمقدار الضرر الجسدى والصحى والنفسى فى ألا يكون للإنسان جنسٌ محددٌ وما يصيبه من انحرافات نفسية وجنسية تنتهى بالاكتئاب والانتحار ولم يمنعهم أحدٌ لوقت غير بعيد حين ألغى الرق؟ وكل ما فعل الأئمة هو وضع التشريعات على أساس أنهم جنس ثالث فيما يخص الاطلاع على عورات النساء وما يخصص لهم أنفسهم فى الميراث!! وحين نقول يا مولانا لا لحجاب الطفلة لأنها تلزمها أشعة الشمس بڤيتاميناتها وإلا ستتأثر عظامها وأسنانها ويتساقط شعرها فهذا طب وحين نقول إن النقاب يمنع أشعة الشمس التى هى مصدر فيتامين D المهم جدا لصحة العظام والأسنان وإن الأشعة فوق البنفسجية Ultraviolet Rays هى المطهر الأقوى فى الدنيا وأنها الواقى من كثير من الأمراض منها السرطانية والجلدية والدرن وأنها المضاد الأول للاكتئاب وأنها علاج لصفراء الدم فهذا طب وحين نقول إن المنتقبة التى تعمل فترة ثمانى ساعات وتقضى ساعة ذهابا وساعة إياباً من وإلى منزلها ليس فقط تحرم أشعة الشمس وفوائدها الجمة بل وتتنفس تحت النقاب لعشر ساعات على الأقل هواءً معبأً بثانى أوكسيد الكربون وبخار الماء وبذلك ستعانى خلايا جسدها نقصاً فى نسبة الأوكسجين وأن لهذا تأثيرًا ضارًا على القلب والمخ وكل الأعضاء سينتهى بالتأثير على خلايا الدم الحمراء ويترتب عليه مضاعفات مرضية وهذا طب! وهل يستطيع أحدكم أن ينام الليل وانفه ورأسه تحت الغطاء! فضلاً عن معاناتها فى جَوَّنا الذى أصبح شديد الحرارة وتصبب العرق الذى يؤدى للإصابة بالأمراض الجلدية وفقدان الجسم للماء والأملاح ما يعرضه للإصابة بالجفاف الذى يضر بالكلى ويسبب زيادة لزوجة الدم ما يزيد نسبة الإصابة بجلطات القلب والدماغ بل يتمادى المتشددون ويرون أن على المرأة تغطية عين فالرؤية بعين واحدة تغنى! وكأن لا حاجة لنا لرؤية مجسمة ثلاثية الأبعاد التى لا تكون إلا بالنظر بعينين اثنتين stereoscopic vision وبذلك لن يمكنها أبداً تقدير المسافات ومن الممكن أن تصطدم بأى شىء ولن تتمكن من عبور الطريق وهناك من يقول بعدم الخروج من الأساس لا شمس ولا هواء متجدد نقى وكأن كلنا يسكن الجنان وكأن عضلات الإنسان لن تدمر وتترهل ولن يهن جسده لقلة الحركة disuse atrophy ولن تتيبس مفاصله، المشى لمسافات طويلة وقاية من ضعف العضلات وهشاشة العظام ومن أمراض السكر والضغط وارتفاع نسبة الكوليسترول وأمراض القلب وتصلب الشرايين والسمنة والاكتئاب وبغير المشى لمسافات تتعثر المرأة الحبلى فى الولادة فالمشى يساعد التفاف الجنين وانقباضات عضلات الرحم وكل هذا طب وحين نقول لا لإجهاض الأجنة ولا قبل الأربعين فنحن نرى قلبه النابض بالأشعة التليفزيونية رأى العين فهذا طب، وحين نقول إن نقل عضو من متوفى لمريض سيحييه بدلا من أن نقف نترقب موته وهو فى ذلك أولى من دود الأرض الذى سيأكلنا جميعا بكل أعضائنا بعد مماتنا فهذا طب وحين نقول نعم لنقل الدم فهذا طب وحين نقول أن بنوة الولد تثبت لأبيه البيولوچى بتحليل DNA فهذا طب وحين نقول لا مولود لمتوفى منذ أربعة أعوام لأن الحيوان المنوى يفقد قدرته على تخصيب البويضة فى أقل من ٤٨ ساعة فهذا طب وحين نتكلم عن تعريف الموت فهذا طب وحين نقول الذباب يسبب الأمراض فهذا طب وحين نقول بول البعير لا يشفى وأنه ينقل الأمراض وأن البول عموما عبارة عن سموم يتخلص منها الجسم بعملية الإخراج فهذا طب وحين نقول إنه ليس بإمكان المرأة أن ترضع عشوائيا فهى لا يتوافر عندها اللبن إلا بعد الوضع ويستمر فقط فى فترة إرضاع صغارها لأنها مسألة هرمونات فهذا طب وأن الرضاعة لن تؤثر ولن تصنع أيما فرقٍ فى تكوين جسد الكبير الذى تكون بالفعل فهذا طب وأن إدراك الكبير وتقبله لمسألة الرضاعة يختلف عن الطفل لأن هذا علم نفس يرتبط بفيسيولوجيا الجسم وتطوره الهرمونى والإدراكى للأشياء بالسن، وأن هذا طب غير أن التقبل النفسى للمرأة لمن يقترب منها لشىء من هذا القبيل يختلف من الطفل للكبير وهذا علم نفس وحين نقول أن الحجامة لا تعالج فهذا طب وإذا قلنا أن من الكائنات الحية ما يتطور ويتكيف فالفيروسات والميكروبات تتطور وتنتج سلالات جديدة وأن هناك طفرات جينية تغير الخلق والخِلقة فتكسب الإنسان صفات لم تكن فيه وتعدمه صفات كانت فيه وأن احتمالات التطور واردة جداً فهذا علم !
يا مولانا نحن لا نقول بغير ما تلكمتم به، وهل نطالب بغير أن يلتزم الشيوخ علوم الدين ويتركوا علم الطب والأمراض والوقاية والعلاج لأهل الطب ويتركوا الفيزياء والكيمياء والرياضيات والصيدلة والهندسة والچولوچيا والفلك وعلم الاقتصاد وعلم التجارة وعلم إدارة الأعمال إلى آخر ذلك من العلوم لأهليها من المتخصصين ويتركوا العيش لخبازه! لو فندت لك ما تدخل فيه الشيوخ من قضايا علمية لا تمت لعلمهم بصلة ما انتهيت مولانا، فأرجوك يا مولانا أن تخاطب الشيوخ أن يلتزموا علوم الدين ويتركوا لنا علومنا فنحن أعلم بها ونحن أعلم بشؤون دنيانا .
غير أنى أعتب عليك شيخنا الجليل أن تتهم عموم المصريين هذه التهمة الشنعاء، تهمة جهلهم بدينهم، مقارناً الدين بالعلوم كالطب والهندسة والصيدلة والچولوچيا والفلك!! لا وجه للمقارنة مطلقاً بين وضع الدين منا ووضع العلوم، فهذه علوم "خاصة متخصصة وللخاصة المتخصصة" أما الدين فهو عام لعموم الناس أنزله الله للعالمين كلهم الجاهل البسيط والعبقرى الجهبذ لم يفرق، ولن يعفى الجاهل لجهله من الحساب فالدين فرض عين لا فرض كفاية وهو حق كما هو واجب على الجميع ولا هو حكر لأحد دون أحد فالأساس أن لا رجال دين فى الإسلام وأهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم فى الآية هم أهل الكتاب فى واقعة بعينها، وأطمئنك مولانا أن ما من أحد فى مصر ليس على دراية كافية بدينه ففضلا عن كونه فرض عين فالمصريون عموماً يهتمون اهتماما خاصا بمعرفة ودراسة دينهم الذى هو فى متناول الجميع تجده فى التليفزيون والمذياع ليل نهار ذلك ناهينا عن كونه مادة نجاح وًرسوب تدرس فى جميع المدارس فى جميع مراحل التعليم كما يدرس كجزء من مادة اللغة العربية، والمصريون الذين لا يقرأون شيئا يهتمون بقراءة القرآن وسماعه ويقرأون فى مختلف مناحى دينهم فالقرآن والحديث وكيفية أداء العبادات والسيرة النبوية وسيرة الصحابة وتاريخهم كل هذا هم دوَّامون على متابعته فالدين عندنا ثقافة شعب ينام ويقوم ويتربى عليه عمل به أو لم يعمل! وأكاد أجزم أن من لا يعمل به ليس عن جهلٍ أبدًا، ذلك أن حتى مسيحىِّ مصر يعرفون الدين الإسلامى معرفتهم لدينهم بحكم المعاشرة والمعاصرة و كجزء من منهج اللغة العربية فى كل سنى الدراسة فى مدارس المحروسة وفى الأول والآخر أصل الدين واحدٌ وهل الدين إلا مكارم الأخلاق! فالدين المعاملة ولا يختلف اثنان فى ماهية مكارم الأخلاق ولا ماهية حسن الخلق وحسن المعاملة، وأقسم أنه ليس علم الدين بالعلم العسير على الفهم فقد نزل للبسطاء والموهوبين على حد السواء ليس كمثل العلوم المتخصصة التى ضربت بها المثل مولانا كالطب والهندسة وغيرها والتى تتطلب دراسات تمهيدية ومعرفة بالغات الأجنبية لقراءة المراجع، وإنما نقرأه بلغتنا بسلاسة ونفهمه بسلاسة وبإمكان الكثيرين التبحر فى قراءته ودراسته كيف شاءوا ونعلم الكثيرين من غير الأزهريين "بالاسم" ممن دراستهم الطب والهندسة أو التجارة أو السياحة والفنادق أو غيرها أو حتى ممن لم يتموا تعليمهم الجامعى من الأساس وتوسعوا فى دراسة الدين وأنتم تسمعون لهم وتسمحون لهم وتقرونهم وتوقرونهم! بينما لم يحدث أن شيخاً أزهرياً درس الطب أو الهندسة أو غيرها من الدراسات العلمية المتخصصة كى يتكلم فيما يتعلق بها.
ولكل ما سبق أريدك يا مولانا أن تطمئن تمامًا من أن عموم المصريين يعرفون عن دينهم بما يكفى ويلزم فى معظم حيواتهم ليس فقط لأنه واجب علينا كما سبق وذكرت لفضيلتك لكن أيضاً لأنه لا يمكن للمرء أن يصطحب معه من يفتونه طوال الوقت فى كل صغيرة وكبيرة وهو مضطرٌ لأن يعتمد على نفسه ومخزونه وضميره وقلبه فى أغلب الأحيان فلن يشفع له جهله إذا أخطأ ولن يغنى عنه من الله أحدٌ كما قلت لسيادتك، وإذا ما صادف ووصلت بنا الحاجة لتفاصيل دقيقة لا قبل لنا بها ووجدنا أن لا غنى لنا عنها ذات يوم أو حيرنا فى أمرٍ وعجزنا عن أن نصل إليه بالبحث، سنعود إليك إن شاء الله، وعد، وثق أننا لن نصل مرحلة الخطر فلن نحل حراما أو نحرم حلالا، واطمئن تماما مولانا فلن نكفر أحدًا أو نحل دم أحدٍ فلسنا دعاة عنف وقتل ونحر وتفجير فنحن حملة العلوم كالهندسة والصيدلة والطب دعاة تشييد و بناء لاهدم ، تعلمنا نحمى النفوس ونحييها لا نميتها وأهم ما أخذنا من ديننا أن من أحيا نفسًا فكأنما أحيا الناس جميعا فنحن نعالج ونطمئن، نبشر ولا ننفر، لا نرهب أو نرعب أو نحرض فلسنا دعاة كراهية عودتنا مهنتنا العطف والتعاطف فاطمئن تماما مولانا فلسنا خطراً على المجتمع ولسنا خطراً على البشرية بل على العكس مولانا تأكد أننا فى خدمة البشرية.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة