نقلا عن العدد اليومى...
الأمراض النفسية مثلها كالعضوية تماما يجب أن يهتم بها الشخص ويذهب إلى الطبيب عند بداية ظهور أعراضها ولكن الأمر مختلف فى مجتمعنا المصرى، من يطلب المشورة النفسية يصبح «مجنونا»، وإن كانت مشكلته بسيطة تتمثل فى بعض الضغوط العصبية اليومية، وإذا ما تم حجزه داخل مستشفى للأمراض النفسية يتم التعامل معه بعد الخروج مثل ما يتم التعامل مع السجين بعد قضاء مدته بمزيد من الحذر والابتعاد والعزلة الاجتماعية على الرغم مما يحتاجه من اندماج وتقبل من الآخرين.
نقدم آراء الأطباء النفسيين ونسب الأمراض التى يعانى منها أكثر الحالات المترددة على العيادات، ونجيب عن أسئلة مهمة مثل: «متى يحتاج الشخص إلى زيارة الطبيب النفسى مع التعرف على الأعراض التى تميز الأمراض النفسية الأكثر شيوعا، وكيفية التعامل معها من قبل الأسرة والمحيطين، ومتى تصل الحالة لحد من الخطورة يجب معها التحرك سريعا لأقرب عيادة طبيب نفسى أو معالج نفسى.
يقول الدكتور أحمد عبد الله، أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق، إن نسب توافد المرضى النفسيين على العيادات فى زيادة مستمرة، وتختلف كثيرا عن ذى قبل، ومع ذلك لا توجد دراسة عن أسباب الزيادة، مضيفا: «الناس اتغيرت عن الأول والأمهات من أكثر شرائح المجتمع زيارة للعيادات النفسية لعدم معرفتهم كيفية التعامل مع أبنائهم». وأضاف أكثر الحالات التى تتردد سواء على العيادات الخاصة بالمستشفيات الحكومية أو الخاصة تعانى من الاكتئاب والقلق ومشكلات فى العلاقات والتربية، بالإضافة إلى أمراض نفسية أخرى كالفصام والاضطراب الوجدانى، وأحيانا يرجع سبب هذه الأمراض إلى العنصر الجينى، وأسلوب التربية أحيانا أخرى، ويمكننا أن نرجع السبب الرئيسى إلى الظروف المحيطة وضغوط الحياة فى حدوث مثل هذه الاضطرابات.
وقال الدكتور شريف درويش، أخصائى الأمراض النفسية والعصبية، إلى أن طبيعة نسب الإدمان عالية جدا لدى الشعب المصرى، مضيفا أنه وفقا لما نشره المركز القومى للإدمان على مستوى الجمهورية، هناك ما يزيد على 50 % من الشباب جرب المخدرات وما لا يقل عن 30 % من الشعب يتعاطوا المخدرات بشكل غير منتظم، وما يتراوح بين 5 إلى 15 % يتعاطى المخدرات بشكل يومى.
أما عن المواد التى احتلت المراكز الأولى فى سوق المخدرات بين المصريين، فقد كشفت إحصاءات «صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى» فى عام 2015، أن إعداد المدمنين المتقدمين للعلاج من عقار الترامادول احتلوا المرتبة الأولى بنسبة بلغت 51.8 %، ويأتى الهيروين فى المرتبة الثانية بنسبة 25.6 %.
وصلت نسبة التعاطى لمخدر الحشيش والبانجو والماريوانا 77 % وهى الأكبر على الإطلاق، يأتى بعدها الكحوليات وتصل نسبتها إلى 28.6 فى المائة، ويأتى فى المرحلة الثالثة الترامادول ومشتقات الأفيون، وتشمل الأفيون نفسه والمورفين والهيروين.
كما أرجع الدكتور شريف زيادة نسبة الإدمان إلى انخفاض نسب التعليم مما كان له أكبر الأثر على الثقافة العامة للمجتمع التى أصبحت تسمح بتعاطى الترامادول أو الحشيش ولا تعد الأمر غريبا.
ورصد الدكتور محمد على أخصائى الأمراض النفسية وعلاج الإدمان، الأمراض النفسية الشائعة التى تبدأ بالاكتئاب والتوتر ثم الإدمان ثم الاضطرابات الناتجة عن العلاقات ومشاكل التربية والمراهقة، وذلك بخلاف الحالات الذهنية المرضية مثل الفصام وغيره مما يحتاج إلى تدخل طبى.
وتعجب من النظرة المجتمعية للطبيب النفسى التى تجعل المريض لا يلجأ إلى العلاج إلا بعد تدهور حالته بعد مرور من 6 أشهر إلى عامين على بداية أعراض المرض، وهو الأمر الذى يصعب العلاج والتعامل مع الحالات، مؤكدا أن الطبيب النفسى هو الخيار الأخير لدى أى شخص يعانى من عرض نفسى ما، والدجالون ينافسون الأطباء فى عملهم بالبخور والخزعبلات ثم يعود المريض للطبيب تجربة سيئة.
وأشار إلى الثقافة الخاطئة التى تسود بعض فئات المجتمع الذى يتقبل فكرة خروج جن من شخص على يد أحد الدجالين، ولكنهم لا يقبلون دخوله عيادة نفسية واصمين إياه بالمجنون، على الرغم من أن كل الأمراض النفسية من أهم أسبابها المشاكل والضغوط التى يتعرض لها الجميع.
ومن هذا المنطلق، أطلق الدكتور على هاشتاج «مش دكتور مجانين» رافضا الصورة المجتمعية الخاطئة للمريض النفسى على أنه مجنون، وقال الإنسان مهما بلغ علمه أو جهله وفى أى مكان فى العالم، له نظام إذا تعرض لتهديد بدأ فى الاضطراب ودائما ما يؤثر المجتمع على الفرد والعكس، ولكن للأسف لا يتم تدريس ذلك فى الجامعات الحكومية بما فيها كلية الطب إنما يخصص دراسات عنه فى الجامعة الأمريكية.
وأضاف أخصائى الأمراض النفسية، أن السياسة هى مرآة لتغيير الأفراد داخل المجتمع فإن الاتجاهات المجتمعية هى التى تحدد الاتجاهات السياسية، والتغير السياسى الذى حدث فى مصر فى الفترة الأخيرة، أثر فى نفسية المواطنين بالسلب، لأنهم يبحثون عن الاستقرار وهذه هى طبيعة الإنسان عامة، ولهذا سنجد كثيرا من الأشخاص يبحثون عن وطن آخر أو الاستسلام لحالة الإحباط والاكتئاب العام الذى ينعكس على إنتاجية الأشخاص وعدم رغبتهم فى التنافس الحقيقى من أجل ابتكار شىء ما أو تطويره.
أعراض الأمراض النفسية الأكثر شيوعا
وهناك عدد من الأعراض لمجموعة من الأمراض النفسية تستوجب العلاج والتوجه للطبيب النفسى للتعامل معها سريعا، وقد تحدث كلها أو بعض منها، ويتم التعامل معها إما بالعلاج النفسى وإما السلوكى وعن طريق العقاقير أو الاثنين معا، وذلك وفقا لموقع « webmd» الطب
الاكتئاب
هناك فرق كبير بين حالة حزن عادية أو اكتئاب، لذلك يجب الحذر من ذلك، فإن الاكتئاب يتعدى مجرد الحزن إلى صعوبة التركيز واتخاذ القرار وتذكر التفاصيل، والإجهاد وفقدان الطاقة بشكل مستمر، ويصاحب كل ذلك الشعور بالذنب والإحساس بفقدان الأمل والرغبة فى الأنشطة والهوايات وكذلك الرغبة الجنسية.
كما يفقد الشخص المصاب بالاكتئاب الشهية أو تزيد لديه عن الطبيعى، وذلك بخلاف آلام الرأس ومشكلات الهضم والشعور بالقلق وعدم وجود المشاعر، وأخيرا الوصول لمرحلة الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار.
الفصام
الفصام هو اضطراب نفسى يتسم بسلوك اجتماعى غير طبيعى والفشل فى تميز الواقع، كما تشمل الأعراض الشائعة له الوهام واضطراب الفكر والهلوسة السمعية كما أنه أكبر من الهلاوس فيشمل أيضا أعراضا خطيرة أخرى مثل انخفاض المشاركة الاجتماعية والتعبير العاطفى وانعدام الإرادة، وكذلك نوعية كلام وتفكير مضطرب لا تتيح للشخص الحياة الطبيعية.
القلق
يعد القلق شعور إنسانى طبيعى يختبره الجميع بشكل يومى ولكن اضطرابات القلق مختلفة، لأنها تعرض الشخص لضغط عصبى وتمنعه من ممارسة حياته الطبيعية وتتمثل أنواعه فى اضطراب الهلع، اضطراب القلق الاجتماعى، الرهاب، واضطراب القلق العام، وتضمن أهم أعراضه فى الإحساس بالقلق مع الخوف الذى لا يقاوم وقد يؤدى لحالة شلل مؤقتا أحيانا.
الاضطراب الوجدانى
عبارة عن ذهان الهوس والاكتئاب أو الاضطراب ثنائى القطبية، وذلك لأن ما يحدث فيه مخالف للطبيعة عندما يشعر الشخص بتقلبات فى المزاج ما بين أحاسيس السعادة والحزن والغضب بشكل غريب، فهو يعتبر مرضا طبيا يعانى فيه المصابون من تقلبات بالمزاج لا تتناسب مطلقاً مع أحداث الحياة العادية التى تحدث لهم، التى تؤثر على أفكارهم وأحاسيسهم وصحتهم الجسمانية وتصرفاتهم خلال اليوم العادى.
كيف تكتشف أن من يعيش معك مريض نفسى؟
- نقدم لك الملامح العامة التى تدل على وجود مريض نفسى معك، التى عرضتها الجمعية الأمريكية للطب النفسى، وتتمثل فى الانسحاب من الحياة الاجتماعية وفقدان الرغبة فى التعامل مع الآخرين، وانخفاض أداء الأبناء فى المدرسة أو الأنشطة بشكل عام سواء عدم ممارسته للرياضات التى كان يحبها أو الرسوب فى الامتحانات أو صعوبة أدائه لمهام أسرية، وقد تكون كل هذه العلامات نتيجة لمعاناته من مشكلة نفسية.
هناك أعراض أخرى تضمن مشكلات فى التفكير خاصة فيما يتعلق بالتركيز والذاكرة، لذلك على كل أم معرفة ما يجول بفكر ابنها فى فترة الامتحانات لأنه قد يعانى أحد المشكلات النفسية وهى على غير علم بذلك وقد توجه له يد الاتهام بعدم المذاكرة أو التركيز وهو أمر خارج عن يده.
كما تجد الشخص الذى يعانى من مشكلة نفسية لدية حساسية عالية للأصوات والروائح واللمس، ويشعر أحيانا بأنه غير مرتبط بشىء فيتملكه شعور منفصل عن الواقع الذى يعيشه، ويتصف بالتفكير غير المنطقى والمعتقدات الوهمية عن قدراته الشخصية مع الشعور بالارتياب من الآخرين والتوتر الشديد وتغير المزاج وعادات النوم والشهية والتصرفات غير الاعتيادية.
ولا يشترط أن توجد كل هذه الأعراض معا، فقد يكون بعضها أو معظمها، ولكن أيضا ليس معنى عرض واحد من هذه الأعراض أن الشخص وصل لمرحلة من المرض النفسى بل قد يكون تحت ضغط وتنتهى عندها العرض مع قضاء الموقف.
كيف تتعامل مع الحالة النفسية عند ملاحظة هذه الأعراض؟
- أثبتت الأبحاث كلها أن المرض النفسى مثله كأى مرض جسمانى إذا ما تم التعامل معه سريعا ومبكرا تقل أعراضه وقد لا يحتاج الشخص إلى الذهاب إلى عيادة نفسية على الإطلاق فى بعض الأحيان. ومن أهم الخطوات والطرق التى تمكننا من مساعدة كل من يتعرض لهذه الأعراض أولها القراءة أكثر عن الأعراض للتمييز بين ما يعانيه الشخص الذى نتعامل معه مريض أو لديه بادرة لمرض نفسى معين ثم تشجيع هذا الشخص على الاندماج فى الحياة الاجتماعية من خلال التقليل من الضغط الواقع على كاهله ورعايته بشكل مركز خاصة أن بعض الحالات تراودها أفكار انتحارية أحيانا. كما تعد الإجازات أمر جيد لأنها تفصله عن مشكلته الحقيقية وكذلك الدعم والمشاركة الوجدانية وإنشاء حلقات عائلية لحل المشاكل التى تواجه أى من أفراد العائلة سواء بداخلها أو بالخارج، بالإضافة إلى التوجه إلى الاستشارة الطبية إذا ما تفاقم الوضع النفسى للحالة وتلقى العلاج المناسب، سواء كان بجلسات نفسية أو أدوية علاجية.
متى تصبح الحالة خطيرة على نفسها والآخرين؟
- ليست كل الحالات النفسية خطيرة كما ينعكس دائما فى الدراما، فبحسب ما ذكره موقع «Propublica»، أن هناك بعض الأمراض العقلية هى ما تكون خطيرة مثل الشيزوفرينيا التى يرتفع معها مستوى العنف الناتج عن الشخص بمعدل 3 إلى 4 مرات عن الشخص الطبيعى، ولكن معظم الحالات النفسية والأمراض العقلية لم تكن خطيرة أو عنيفة على الإطلاق. كما تتمثل الخطورة فى المراحل الأخيرة من الاكتئاب بسبب الأفكار الانتحارية التى تراود المرضى، وكذلك الحالات التى تعانى من الاضطراب الوجدانى، ولكن فيما عدا ذلك لا تعد الحالات خطيرة بالحد الذى يجب الالتزام فيه بفصل المريض فى غرفة بمفرده وتحت رعاية مركزة ومراقبة دائمة.
أسباب غير متوقعة تصيبك بالاكتئاب.. أبرزها الموبايل
أشارت العديد من الدراسات الأخيرة زيادة معدلات الإصابة بالاكتئاب بسبب كثرة استخدامات الهواتف الذكية والجلوس أمام مواقع التواصل الاجتماعى.
وأوضح تقرير نشره الموقع الهندى «بولد سكاى» أن الاكتئاب له صور متعددة، ومن أسوأ أعراضه الميل للانتحار، لذلك ينبغى أن يبدأ علاجه مبكرا عن طريق جلسات معرفية مكثفة والتحليل النفسى وتعاطى بعض الأدوية.
وأورد التقرير بعض الأسباب الغريبة التى قد تصيب بالاكتئاب وتشمل:
الإفراط فى استخدام الهواتف الذكية: إذا كان الشخص مدمنًا لاستخدام الهواتف الذكية فى جميع الأوقات، فقد يكون أكثر عرضة للاكتئاب أو كما هو معروف بزيادة الأرق والقلق.
الجلوس فى وضع خاطئ: حيث توصلت العديد من الدراسات إلى أن الشخص الذى يجلس فى وضع خاطئ، يكون أكثر عرضة للأفكار السلبية ما يؤدى إلى الاكتئاب، لذا من الأفضل الجلوس فى وضع مستقيم والمشى والكتفين مفرودين.
إدمان وسائل التواصل الاجتماعى: قضاء الكثير من الوقت تجعل الشخص ينسحب من العلاقات الاجتماعية ويكون غير قادر على التفاعل بشكل جيد مع الناس فى الحياة الواقعية، كما أن مواقع التواصل الاجتماعى قد تجعل الشخص أكثر سعادة مما يبدو فى الواقع، مما يعرضه للاكتئاب.
موضوعات متعلقة
تناول جرعات من الكيتامين تقلل من التفكير فى الانتحار بين مرضى الاكتئاب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة