بعد أن تهدأ النفوس وتصمت البيانات، اللقاء مهم بين وزير الداخلية وكبار القيادات الأمنية، مع أعضاء نقابة الصحفيين وكبار الكتاب، وأن يتحاور الطرفان على قاعدة رأب الصدع ولم الشمل، وإزالة الجفوة وتقريب وجهات النظر، لا منتصر ولا مهزوم ولا فائز وخاسر، والصحافة كانت دائما عونا للشرطة فى حربها ضد الإرهاب، ولن يتراجع أبدا هذا الدور، خصوصا فى الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد، وتتطلب وحدة الصف فى تلك المعركة الأهم.
من يحمى الكتاب والصحفيين إذا اقترب منهم خطر الإرهاب، وهو أمر غير مستبعد؟ وهل نسينا أن أستاذنا مكرم محمد أحمد كان هدفا للإرهاب فى الثمانينيات، ونجاه الله من شرورهم، واغتالوا فرج فودة وحاولوا اغتيال نجيب محفوظ، وأرسلوا خطابات ملطخة بالدماء لكبار الكتاب والصحفيين لتخويفهم وترويعهم، وغيرها من الأحداث التى وقفت فيها الشرطة حائط صد، وقدمت تضحيات كثيرة ولم تبخل بأرواح ودماء أبنائها، وفى عز جبروت الإخوان وأعدادهم قوائم لاعتقال الإعلاميين والصحفيين وتصفيتهم، كان السياج الحامى لهم من الانتقام وصلاح إبوإسماعيل وحصار مدينة الإنتاج الإعلامى، والاعتداء على بعض دور الصحف.. هو الجيش والشرطة.
لن أتحدث عن مؤامرات يحركها البعض لإشعال الفتن بين الشرطة والصحفيين حتى لا أزيد النار اشتعالا، ولن أفتش تحت الرماد بحثا عن جذور مازالت متقدة، ويجب أن نتجاوز بسرعة أزمة الاقتحام وتسرع أعضاء مجلس النقابة، فليس فى صالح الشرطة ولا الصحفيين، الاستمرار فى أزمة كانت مفتعلة من الأساس، والجميع يعرف أنها معركة بلا بطولة، وليس فيها أوسمة ونياشين، وأن الصحفيين لم يكونوا على قلب رجل واحد إزاء موقف نقابتهم، وكان غالبيتهم ضد التسخين والتصعيد، وتسييس أزمة كان يمكن حلها بالطرق القانونية.
معركة الشرطة والوطن كله مع الإرهاب والإرهاببين، ويجب علينا كصحفيين أن نشد على أيديهم، وندعم جهودهم ونثمن تضحياتهم، لا أن نجرهم إلى معارك جانبية، لا يؤيدنا فيها الرأى العام، بل تغضب جموع المصريين، حيث لم تستح بعض الصحف والمواقع الإلكترونية فى استمرار نشر الشريط الأسد ووتسويد صورة وزير الداخلية، بينما كان يحضر الجنازة العسكرية لشهداء حلوان، فارتكبوا سقطة لا تُنسى.
أما مجلس نقابة الصحفيين فيجب أن يكون فى مستوى الأحداث، ولا يلحق أضرارا أخرى بجموع الصحفيين الذين يحتاجون دعم الدولة ماديا ومعنويا، وأن القلة القليلة التى تعبث فى المجلس لخدمة توجهاتها السياسية، وبال على أنفسهم وعلى المجلس وعلى الصحفيين، ولا يجب أن نخدع أنفسنا بأن المجلس على قلب رجل واحد، نعم أتمنى أن يكون كذلك دفاعا عن حقوق الصحفيين وإعلاء لكرامتهم، وليس من أجل زعامات زائفة.
أما الداخلية التى ندعمها ونقف وراءها فى الحرب ضد الإرهاب، فيجب أن تكون متيقظة لكل من يحاول إفساد علاقتها بالناس، من داخل جهاز الشرطة نفسه، فكثير من المشاكل التى حدث مؤخرا كان يمكن تلافيها بالالتزام بروح القانون، وهو بالمناسبة جائز قانونا فى إطار المواءمة السياسية لتفادى الأزمات، الشرطة يجب أن تكون حائط صد يمنع الأزمات ولا يصنعها، وأن تستخدم قبضتها الحديدية وسياسة الحزم والحسم مع المخطئين من عناصر الشرطة، وتحويلهم للمحاكمات العاجلة.
لماذا لا يجلس وزير الداخلية مع الصحفيين، ولماذا لا يتحاور الصحفيون مع الوزير، على قاعدة واحدة هى احترام الدستور والقانون وتهيئة الأجواء لعلاقات طيبة ومحترمة، وأن يكون الحوار الدائم هو السبيل الوحيد لمواجة المشاكل والأزمات التى قد تقع فى المستقبل، فالصحافة ملك للشعب والشرطة فى خدمة الشعب، ومعركة مصر كلها ضد الإرهاب الذى يهدد أمن واستقرار الشعب.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة