لم تنم مصر ساعة واحدة وسيناء تحت الاحتلال الإسرائيلى، ودخل جيشها العظيم سباقا مع الزمن للاستعداد لمعركة الشرف والكرامة والكبرياء، ووقف خلفه الشعب الصامد ينتظر ساعة الصفر ولحظة الخلاص، وبعد حرب أكتوبر المجيدة، بدأت معركة سياسية ودبلوماسية أكثر عنفا وشراسة، لاستكمال تحرير الأرض، وتحقق الحلم فى 25 إبريل 1982 بإتمام الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، تتويجا للانتصار العظيم، وثمنا لأرواح الشهداء ودماء المقاتلين، وجهود الشعب العظيم وقواته المسلحة، الذين أصبحوا روحا واحدة فى جسد واحد، هو مصر.
لا يمكن أن نتحدث عن تحرير سيناء، دون أن نتذكر إرادة شعب قرر الصمود والتصدى، وما أحوجنا لذلك الآن لنستنهض روح النصر، ونسترجع أروع أيام الوطن، فمصر وشعبها وجيشها عاهدوا الله ألا يذوقوا طعم الراحة، إلا بعد تحرير قطعة غالية من الوطن من براثن الاحتلال، غنينا لبيوت السويس «يا بيوت مدينتى استشهد تحتك وتعيشى انتى»، و«فاكرين يا سينا والرملة الحزينة»، و«رايحين شايلين فى إيدنا سلاح، راجعين رافعين رايات النصر، حالفين بعهد الله، واهبين حياتنا لمصر»، فالمصريون ليسوا كغيرهم من الشعوب، التى يمكن أن تصبر على احتلال أراضيها.
وتبدلت الأحزان إلى أفراح، والدموع إلى زغاريد و«سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم فى عيد»، و«وصباح الخير يا سينا رسيتى فى مراسينا، تعالى فى حضننا الدافى ضمينا وخدينا يا سينا»، والأرض عند المصريين مسألة حياة أو موت، وعند الجيش قضية مصير ووجود، ويضحى من أجلها بكل غال ونفيس، لا يفرط فى حبة رمال ولا يساوم على الاستقلال والكرامة الوطنية، وهذا الجيش هو الذى نهض من الهزيمة بعد نكسة يونيو، وأعاد بناء قوته فى زمن قياسى، وقبل مرور أيام من الانكسار، لاحت فى الأفق بشائر الانتصار، حتى تحقق فى العبور العظيم.
كانت الخطوات الأولى على طريق النصر استرداد سيناء، بعد أيام معدودة من هزيمة 1967، وظن المعتدى أنه لا يقهر، وأن المصريين لن تقوم لهم قائمة، وقبل زلزال أكتوبر بأكثر من ست سنوات، شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة مدوية لإسرائيل، حيث بدأت المواجهة على جبهة القتال بعد الهزيمة بأقل من شهر، واستمرت حتى السادس من أكتوبر، وانطلقت القوات المصرية معلنة بدء حرب العبور، واقتحام خط بارليف، واسترداد السيادة الكاملة على قناة السويس، وجزء من الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، وعادت الملاحة فى قناة السويس فى يونيو 1975، وتغيرت الاستراتيجيات العسكرية فى العالم، وانقلبت نظم التسليح وخطط الحروب.
25 إبريل يوم فرح واستعادة لذكريات البطولة والنصر، ويجب أن يكون يوما للاحتفال واسترجاع روح الانتصار، وتبادل التهانى وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء.. يوم يتكاتف فيه المصريون لإزالة آثار السنوات الصعبة الأخيرة التى مرت بها البلاد، وأن يجددوا الثقة فى الرئيس والقوات المسلحة، ويقولوا لهم «أعانكم الله»، فالمؤامرات مازالت مستمرة، وأعداء الداخل لا يقلون خطورة عن أعداء الخارج، أما الدعوات التى تنطلق للتظاهر فى هذا اليوم، فتشكل خطرا حقيقيا على حالة الاستقرار التى تعود تدريجيا، وتسترد معها الدولة قوتها وقدرتها، وتخطو للأمام فى طريق التنمية والبناء.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة