صدقًا أقول لكم حقيقةً لا خيالاً ولا حلمًا! فقد رأيت بعينى الطريق إليها!
طريق المدينة الفاضلة..
أى عملٍ فى مدينتنا يستطيع أن يقوم به من لا يملك مؤهلاً بعدما فقد أطرافه!! فى زيارة خاصة جدًا من مندوب المشروع لبحث الحالة، أسرة فقيرة، فقد عائلها عمله مع ذراعه وساقه اللتين بترتا فى الحادث، فالسائق معلق رزقه بعجلة القيادة ولو كانت السيارة أتوماتيك! عجز رب الأسرة وقعد عن العمل، زوجة لا عمل ثابت لها، فلا مؤهل! وعلى كتفها طفل رضيع وفى يدها آخران! تعرف مندوب البنك على أفراد الأسرة الست الأب المعاق والأم وأربعة أبناء كبيرهم ابن تسع أو عشر، سلم عليه المندوب وامسك يده بقوة وقال ممازحا: "ما هذا السلام الضعيف! اجمد يا رجل أنت الآن ساعد أبيك ورجله يبدو لى أنك لم تكمل طعامك اليوم؟ فأجاب الصبى: "اليوم ليس دورى فى الطعام هو دور "فلان" " يقصد أخيه الأصغر !.
هكذا أكمل حديثه الدكتور معز الشهدى صانع المستحيل، أحد مؤسسى بنك الطعام المصرى ورئيسه التنفيذى فانهمرت دموع الحاضرات؛ عضوات جمعيتنا الخيرية؛ فى اجتماعه أمس بنا وسرده علينا مثل تلك المآسى الإنسانية وما أكثر ما أخبرنا! انتهى اللقاء؛ ولكن؛ على غير ما بدأ عليه، شيئا فشيئًا استعدنا الرجاء حتى انبعث فينا الأمل كاملاً فى إمكانية تغيير الواقع أى واقع، وتولد داخلى عزمٌ قوى إن أشرك الكل الفكرة علنا نكون جميعًا جزءًا فاعلاً منها.
لم تكن الفكرة مألوفة فى ٢٠٠٥ حين بدأوا، ولم يكن الطريق سهلاً ممهداً، ولم تكن الحرب عليهم باردة ولا الهجوم هينًا، ولكن النهاية كانت مبهرة بدأت بالطعام المتبقى من بوفيهات الفنادق الكبرى الذى لم تمسه الأيدى "remaining untouched food ثم انتهت بمراعى للمواشى تلبيةً للطلب الكثيف على صكوك أضاحى العيد التى يتم توزيعها توزيعًا عادلاً منظماً على الأسر الفقيرة المسجلة فى سجلاتهم والتى يتم تحديدها بناءً على دراسة ميدانية؛ كالتى سبقت؛ لكل حالة تتقدم بطلب ضمها، وحين زادت الأضاحى أقيمت مصانع لحفظ اللحوم وتعليبها وبهذه الطريقة أصبح تقديم اللحوم للأسر المعوزة متيسر بصورة دائمة على مدار العام ووصلوا إلى مزارع الطماطم وأقاموا بجوارها مصانع لتعليب الصلصة، هكذا حتى شملوا كل مستلزمات الوجبة المتكاملة حتى أطباق التوزيع صنَّعوها، كل هذا لزوم التوفير والحصول على أرخص الأسعار للتوسع فى دائرة الخدمة، حتى إعادة تدوير المخلفات لم تفتهم كل هذا بالإضافة إلى تشغيل أفراد هذه الأسر الفقيرة أنفسهم فى ذات المشاريع للمساهمة فى القضاء على البطالة ومساعدة الأسر على الحياة الكريمة كى يأكل كل من عمل يده ما استطاع إلى ذلك سبيلاً حتى الكفيف له عندهم نصيب من العمل هذا فلهم ومن أجلهم أقيم المشروع، اتسعت دائرة الخدمات وشملت بنك الكساء وبنك الشفاء والتعليم والتدريب والتأهيل والتشغيل مؤسسة متكاملة أو مدينة كاملة أو مدينة فاضلة وكل هذا بالجهود الذاتية وتبرعاتهم وتبرعات أهل الخير والهدف توفير الهادر من موائد الأغنياء إلى بطون يعتصرها الجوع فى عالم الفقراء العالم الذى تناساه الناس إلا أصحاب الضمائر نموذج فى منتهى النبل والانسانية، هؤلاء صنعوا كل الممكن وغير الممكن كى يساعدوا الفقراء حتى أسطح المنازل زرعوها لهم يأكلون ويبيعون.
مجموعة من الملائكة فى صورة بشر استطاعوا بمشروعهم خدمة الملايين عن طريق البرامج المختلفة من إطعام وعلاج وكساء تعليم وتدريب وتشغيل، أعداد بالستة والسبعة أرقام ولكن لا يزال الكثيرون فى مصر ينتظرون .
ليست هذه قصة من قصص ألف ليلة قد تشبه فى أحداثها قصة روبين هود ولكن روبين هود المصرى تعفف عن سرقة الأغنياء كى يطعم الفقراء وأعطى ما يستطيع من مال ووقت وجهد وفكر غايته هنا؛ على الله؛ إن يطعم الفقراء بأيدى الأغنياء راضين متواضعين فينتهى الجوع فى ربوع بلادنا بحلول عام ٢٠٢٠ لهم منا كل التقدير والاحترام.
بصيص نور وقصة نجاح تعطى أمل فى الممكن تعطى أمل أنه بالفكرة مع قليل من الجهد والوقت وكثير من العلم والدراسة والتنظيم والإدارة يمكننا الحساب والتطبيق علميًا وعمليًا وتحويل المستحيل لممكن ولاستغنت مصر عن العالمين .
تجربة نجاح وصلت لحد تصدير الفكرة لدول أخرى وأصبح هناك ٢٠ بنك طعام بالمناطق المجاورة، عدلت بنوك الطعام بالعالم أنظمتها تأسيًا بالتجربة المصرية.
ولكن لا يزال واقع المحروسة بعيدًا بعيدًا عن أهدافهم النبيلة موجعًا للقلوب يحتاج منا كل الدعم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة