لماذا كل هذه الضجة حول الطالب الإيطالى؟
«المؤمن وَقَّافٌ والمنافق وَثَّابٌ» هذا ما ورد فى حديث منسوب إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، أو بعض صحابته، وقبل الرسول ومن بعده هذا هو الصراط الذى يجب أن نتبعه فى حياتنا كلما سمعنا خبرا أو جاءتنا بشائر حادثة، فقد اشترطت تلك المقولة أن يتوقف الواحد أمام أى شىء يعرض عليه قبل أن يقول قولا أو يدلى برأى، خشية أن يصيب قوما بجهالة أو يفتى بغير علم أو يصرح بتصريح غير منضبط تحت تأثير رد الفعل الأول فيندم، وبصرف النظر عن الحمولة الدينية لهذه المقولة فإن العقل والمنطق والتاريخ تؤكد صحة هذا الاتجاه، فخير للواحد أن يصمت على أن يقول قولا غير منضبط حتى إذا كان هذا الأمر فى أبسط الأمور الشخصية، فما بالنا إذا كان هذا الأمر يتعلق بسمعة بلد وشعب ويتوقف عليه مستقبل علاقة بلدين كبيرين؟
للأسف لم يتمتع الكثير من «النشطاء» بفضيلة «التوقف» ولم ينتظروا نتائج التحقيقات، ولم يمنحوا أنفسهم فرصة لاكتشاف الحقائق، سارع البعض بصورة مريبة فى الجزم بأن للدولة يد فى واقعة مقتل الباحث الإيطالى جوليو ريجينى الذى اكتشفت جثته منذ أيام ملقاة فى طريق مصر إسكندرية الصحراوى، ومن أغرب تلك الأفعال هو قيام عدد من الشباب بوقفة أمام السفارة الإيطالية للتضامن مع الباحث الإيطالى معينين من أنفسهم طبيبا شرعيا ومحققا ووكيل نيابة وقاضيا ليؤكدوا أن الشاب قتل، وأن للدولة يد فى الأمر دون أدنى دليل ودون حتى أدنى قرينة، فالشاب لم يعرف بدور سياسى محدد، ولم يجر اعتقاله مسبقا ولم يزعم أحد أن بينه وبين الشرطة المصرية شىء، فلماذا يحاول هؤلاء المريبين إلصاق تهمة قتل الشاب لمصر ومؤسساتها، ولماذا يضعون الداخلية فى موضع الاتهام فيتحول الأمر بدلا من اكتشاف الحقيقة إلى محاولة لدفع التهمة.
دعنى أصارحك بأن رؤيتى لمدى الاهتمام البالغ الذى أولاه بعض النشطاء بهذا الشاب القتيل جعلنى أشك فيه أصلا، فلماذا استحوذت تلك الواقعة على كل هذا الاهتمام خلافا لغيرها من وقائع هى التى نالت كل هذا الاهتمام؟ وهل يعرف هؤلاء ما لا يعرفه الرأى العام عن هذا الشاب وطبيعة وجوده فى مصر ليزعموا أن فى الأمر أمر؟ ودعنى أرحك أيضا بأننى أشم رائحة خبيثة فى هذه الواقعة، فبعض المحطات التليفزيونية العالمية مثل الـ(bbc) تتعمد فى تغطيتها الإخبارية بالزج باسم الشرطة المصرية فى الحادث بطريقة خبيثة وملتوية، فتذكر فى نهاية كل خبر عن هذا الشاب إن مصر بها حالات اختفاء قسرى وأن بعض المختفين «قسريا» ماتوا فى ظروف غامضة، دون طبعا أن تتجرأ على اتهام الشرطة المصرية بهذا الاتهام لعلمها أنها ستقع تحت طائلة القانون إذا ما ادعت هذا الادعاء دون سند، ما يدل على أن هناك حالة «تربص» بمصر ومستقبلها واستقرارها من الداخل والخارج.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة