فى الاختلاف رحمة كما السفر يحمل مشاق وأحياناً مهالك للبدن ولكنه يعلو الروح ويجعلها ترتقى وتُدرك أكثر كلما بَعُدَ المقصد، فالاختلاف يحمل للذهن الكثير من المشاق ولكنه يفتح له آفاقا جديدة كُلما عَلَت ذات المواجهة.
فبين طيات مجتمعنا يظهر العديد من الأشخاص متشابهون فى القليل الظاهر ومختلفون - أشد اختلاف - فيما هو باطن.. فأُناسٌ فى غناهم جهالة ونفور وآخرون فى فقرهم علمٌ وقبول، أناس باتوا عُراة يحمون وطنهم وآخرون كرَّسوا حياتهم لسلب مُدخراته، أناس تجد فى حضورهم منفعة لعشيرتهم وآخرون تلعن الأرض وقع أقدامهم عليها.. لا يُعجب هؤلاء هؤلاء فمن عاش يَنشُد رضا الناس مات منفوراً.
والبعض ينفر من الاختلاف خشية وقوع الخلاف، ولكن ما أمتع الاختلاف الذى يُعلى هِمم البحث عن الحقيقة والتمسك بها والمراوغة عليها.. فلو لم يكن هناك اختلاف لكانت حياتنا تتسطر فى أوراق التحجر والانغلاق والجمود (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ومن التقوى التحقق والبحث عن الحقيقة.
إن المجتمعات المنغلقة متخلفة وإن كَثُرَ تعدادها والمجتمعات المنفتحة متقدمة وإن كان الطاعون يحيا بين جنباتهم، فالمناظرات وطرح الأفكار والتعدد وتعدد الكُتّاب والقراء لمن شيم المجتمعات المتقدمة، أما الأناس الآخرين فتجد على انغلاقهم خلاف وجدال.
مُنِحوا الجدل فمُنِعوا العمل.
نقاش - أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة