دراسة: استراتيجية "البنك المركزى" للخروج من أزمة الدولار تعتمد على خلق "مستويين لسعر الصرف" لمحاربة المضاربين.. "مباشر القابضة":مصر نفذت هذا الأسلوب فى السبعينات..وليس لدينا قدرة على تحمل تعويم الجنيه

الأربعاء، 24 فبراير 2016 01:58 م
دراسة: استراتيجية "البنك المركزى" للخروج من أزمة الدولار تعتمد على خلق "مستويين لسعر الصرف" لمحاربة المضاربين.. "مباشر القابضة":مصر نفذت هذا الأسلوب فى السبعينات..وليس لدينا قدرة على تحمل تعويم الجنيه إيهاب رشاد - رئيس شركة مباشر لتداول الأوراق المالية
كتب محمود عسكر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعد مركز بحوث السوق التابع لشركة مباشر القابضة للأوراق المالية دراسة توضح استراتيجية الخروج من أزمة الدولار الحالية، وكشفت الدراسة عن خطوات يقوم بها الجهاز المصرفى حاليا لإنهاء الأزمة عن طريق العودة لنظام "المستويين لأسعار الصرف" فى نفس الوقت، للوصول خطوة خطوة إلى إعادة توحيد سعر الصرف مرة أخرى فى نهاية المطاف.

وقالت الدراسة التى حصل "اليوم السابع" على نسخة منها، إن استراتيجية الخروج الحالية تعتمد على نظام سعر صرف من مستويين (تعدد أسعار الصرف فعليا)، وتعتمد أولا على استراتيجية الخروج من نظام سعر الصرف الثابت.

وذكرت الدراسة أن طارق عامر عدل مع بدء ولايته الرسمية كمحافظ للبنك المركزى المصرى آلية مزاد بيع العملات الأجنبية حيث: (1) أصبح المبلغ المخصص للبنوك متناسباً مع مراكزها المالية من المعاملات التجارية، و(2) وجه البنوك لتخصيص غالبية مواردها الخاصة من العملة الأجنبية تجاه المعاملات "ذات الأولوية" والتى تتضمن مستوردى السلع الأساسية (المواد الخام والسلع الوسيطة والأدوية ومنتجات الألبان، وقطع غيار، إلخ).

وعلاوة على ذلك، رفع البنك المركزى المصرى سقف إيداع العملات الأجنبية لمستوردى السلع الأساسية إلى 250,000 دولار أمريكى شهرياً، أما بالنسبة للمصدرين فقد تمت زيادة الحد الأقصى لمليون دولار أمريكى شهرياً لدعم مدخلاتها المستوردة.

وقبل أسابيع قليلة، ذكرت وكالة رويترز أن الحكومة المصرية تبنت سعر صرف 8.25 جم للدولار الأمريكى فى مشروع موازنتها للسنة المالية المقبلة، بعد ذلك بوقت قصير، أعلن المتحدث باسم وزارة المالية أن الحكومة تعمل على سيناريوهات مختلفة للموازنة.

وأضاف أن البنك المركزى المصرى مستقل تماماً عندما يتعلق الأمر بسياسة سعر الصرف، وترى " مباشر" أن مثل هذا التفسير غريب، خصوصاً فى ظل وجود مجلس تنسيق السياسات النقدية الذى شُكل مؤخراً، كذلك طبقاً لتعليمات البنك المركزى المصرى فى القرار الصادر بتاريخ 27 يناير 2016 بشأن تنظيم عمليات الاستيراد، وجه البنوك للحفاظ على هامش للتحوط ضد تقلبات أسعار الصرف، وهو ما يعنى ضمناً التخلى عن نظام سعر الصرف الثابت.

ومع ذلك، نفى محافظ البنك المركزى المصرى مراراً إمكانية تعويم الجنيه أو تخفيض قيمته فى الفترة المقبلة، ونحن نعتقد أن التفسير الوحيد لذلك هو أن مصر قد تحولت إلى نظام تعدد أسعار الصرف من مستويين كمرحلة وسيطة.

لمحة تاريخية عن نظام تعدد أسعار الصرف من مستويين



نظام سعر الصرف المتعدد "من مستويين" بالمعنى التقليدى هو وجود سعرين للصرف بحيث يكون أحدهما خاص بمعاملات الحساب الجارى والآخر خاص بالمعاملات الرأسمالية.

ففى عام 1973، طبقت الحكومة المصرية نظام سعر الصرف المتعدد من "مستويين": سعر صرف خاص بالمعاملات الحكومية مقابل سعر آخر فى البنوك التجارية.

وفى عام 1979، تم نقل أكثر المعاملات (أى تحويلات العاملين بالخارج) إلى المستوى الثانى من سعر الصرف، فى حين تركت المعاملات الخاصة بالسلع الاستراتيجية ومدفوعات خدمة الديون تتبع سعر الصرف الخاص بالمعاملات الحكومية.

وساد هذا النظام حتى تم توحيد أسعار الصرف فى عام 1991 بعد اتفاقيتين مع صندوق النقد الدولى (IMF) والبنك الدولى، وهما برنامج الإصلاح الاقتصادى والتكيف الهيكلى (ERSAP) وقرض التكيف الهيكلى (SAL).

لماذا اعتمد البنك المركزى مثل هذا الاستراتيجية؟



صياغة استراتيجية "الخروج" فى وجود سعر الصرف الثابت هى ممارسة شائعة فى حالات مماثلة لمصر، فى الواقع، يبقى تحريك سعر الصرف "الرسمي" للوصول إلى سعر السوق "الحقيقي" هو الهدف فى نهاية هذا الطريق، ومع ذلك، فإن هذا التحول يتطلب اختيار التوقيت المناسب وكذلك بناء ما يكفى من الاحتياطيات الأجنبية لاستخدامها لكبح جموح المضاربات، يدرك صناع السياسة الاقتصادية فى مصر تماماً أن سعر الصرف الثابت لا يمكن أن يستمر، لكننا نرى سببين لماذا لم يتم البدء فى إجراء تعويم فورى:

أولا بسبب عدم وجود تغطية كافية للسيطرة على تعويم الجنيه، من خلال غطاء كاف لإقناع المضاربين بأن البنك المركزى المصرى قادر على القضاء على هجماتهم، وهو ما لا ينطبق على تدفقات بحجم 500 مليون أو مليار دولار أمريكى من هنا أو من هناك!

وفقاً لذلك، فإننا نترقب أى تدفقات أجنبية سواء من المؤسسات أو الودائع الدولية من دول مجلس التعاون الخليجى، فعلى سبيل المثال: فإن مصر ما زالت تنتظر مليار دولار أمريكى من البنك الدولى.

وذكرت تقارير إعلامية أن مصر تتفاوض مع دولة الإمارات العربية المتحدة على ودائع أجنبية، ومن المنتظر أن يزور عاهل المملكة العربية السعودية الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مصر فى أبريل المقبل.

ثانيا، عدم كفاءة "شبكة الأمان الاجتماعى" الحالى حيث أن التضخم يسير جنباً إلى جنب مع تعويم الجنيه: الوقود والمواد الخام والسلع الوسيطة تمثل أكثر من 60% من إجمالى الواردات فى العام المالى 2014-2015.

ونظراً للطلب غير المرن لهذه الواردات، فإن تحقيق سعر صرف رسمى قريب من القيمة السوقية من شأنه أن يضيف المزيد من الضغوط التضخمية تلقائياً.

فى هذا السياق، نُذَّكِّر أن التعريفات الجمركية المفروضة حديثاً على مجموعة واسعة من الواردات بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة (VAT) من شأنه أن يولد أيضاً تحولاً تصاعدياً للأسعار، وفى هذه الحالة يصبح وجود "مستويين" لسعر صرف الجنيه بمثابة آلية دعم لأسعار السلع الأساسية.

وكنظام وسيط فإن وجود "مستويين" لسعر الصرف يوفر للبنك المركزى المصرى بعض الوقت الإضافى للمناورة، وبموجب القواعد الحالية، فإن شريحة واسعة من المجتمع تتعامل فعلياً بسعر السوق.

وقال عامر فى مقابلة أُجريت معه مؤخراً أن البنك المركزى المصرى ملتزم بتوفير العملة الاجنبية بالسعر الرسمى لمستوردى السلع الأساسية، فى الواقع، فإن تعدد أسعار الصرف يسمح باستمرار المضاربة على الرغم من أى قيود وضوابط.

وعلاوة على ذلك، من حيث تقييم الأسهم، فإن تقييم الشركات سيتم بعد الأخذ فى الاعتبار كل حالة على حدة اعتماداً على النشاط الأساسى لها.

كما أن المستوردين والمصدرين الذين تندرج معاملاتهم ضمن "قائمة الأولويات" فى البنك المركزى المصرى سوف يستمرون فى الحصول على العملة الأجنبية بالسعر الرسمى، فى حين أن الآخرين سوف يحصلون عليه بسعر السوق.

وتلخيصاً، فقد قام البنك المركزى المصرى بالفعل بأولى الخطوات بعيداً عن نظام سعر الصرف الثابت.

ووفقاً لذلك، فإن قوى السوق لديها الآن بعض المساحة لتحديد سعر الصرف، وإن كانت محدودة، فى ظل أن تغيير نظام سعر الصرف لا يحدث فى ظروف مثالية خالية من الاضطراب.

وعلاوة على ذلك، فإن سعر الصرف هو مرآة لحالة الاقتصاد، ما يعنى أن المزيد من الإصلاحات (مثل السيطرة على عجز الموازنة، ووضع إطار قانونى مشجع للاستثمار، وما إلى ذلك) أصبحت واجبة لإعادة بناء المؤشرات الكلية للاقتصاد فى البلاد.

وأخيراً، نؤكد من جديد وجهة نظرنا بأن التقلبات تظل مصدر قلق صحيح على المدى القصير، ولكن احتمالات الاستقرار الاقتصادى على المدى المتوسط والمدى الطويل مرتفعة إذا نفذت الحكومة تعهداتها بالإصلاحات المذكورة آنفاً.


موضوعات متعلقة



- محافظ البنك المركزى: إعادة تقييم توجهات القطاع المصرفى بشكل كامل










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة