محمد أبو الفضل يكتب: غرفة نومى مكتبى!

الخميس، 11 فبراير 2016 10:00 ص
محمد أبو الفضل يكتب: غرفة نومى مكتبى! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الكثيرون يعتبرون أن غرفة النوم هى للنوم فقط ولكنى لست منهم، فالحقيقة يمكن أن يجعل الفرد حصة من قراءته لوقت ما قبل النوم فينام على الكتاب، ولهذا أهمية كبرى أنها تذهب إلى اللاوعى فتشحنه بالفكر، وعلى الفرد ألا ينسى وضع قلم وورق بجانب رأسه من أجل تسجيل الأفكار المنهمرة فجأة، لقد هضمت العديد من الكتب فى فترة ما قبل النوم، وهى نصف ساعة رائعة؛ فحاول مران نفسك على تشكيل هذه العادة الحميدة، وهناك أناس يستبدلون الكتاب ببرامج التوك شو والأفلام فيطير النوم ويسهرون ومن ثم يعانون من الكثير من الأمراض، لأن نوم كل ساعة قبل منتصف الليل تعادل اثنتين بعده، وفى العادة فإن الفيلم المثير ينتزع النوم من الأجفان؛ أما الكتاب فعلى كتفه الارتخاء برفقة ضوء خافت يمنح الفكر تدفقا فى الدقائق الأولى ثم ينزع الفرد إلى النوم، لذا وجب على كل قارئ بنهم أن يخصص حصة من القراءة قبل أن يخلد للنوم، فيقرأ ما طاب قبل النوم، وأنا شخصيا حببت إلى القراءة من ربع قرن على كل حال ولو كنت فى باص أو أنتظر دورى فى البنك، فأقرأ، من كل صنف أروعه وبدون خوف على العقل من الاهتزار، واليقين من الاضطراب، والروح من القلق وعدم الاستقرار، وأذكر قولاً لمفتى طرابلس الأسبق (نديم الجسر) وصاحب كتاب قصة الإيمان بين الفلسفة والعلم والقرآن يقول: "إن الفلسفة بحر على خلاف البحور يجد راكبه الاضطراب على شاطئه والأمان والاطمئنان واليقين فى أعماقه"، وهذا الكلام صحيح لمن ذاق المعرفة وعرف لذتها.

روى عن ابن سينا، أنه كان مؤرق دائما يستيقظ أكثر من مرة وهو فى نومه وإن كان الأطباء ينصحون الفرد أن ينام ست ساعات متواصلة، ولقد جاء فى الحديث الصحيح فى كتاب زاد المسلم "أن أفضل الصلاة صلاة داود فقد كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه"، وحين نقسم الليل إلى 12 ساعة معناه النوم ست ساعات وقيام الليل أربع ساعات ثم النوم لفترة ساعتين وهى حصة معقولة فى القسمه بين النوم والقيام، فابن سينا كان يقوم الليل ويسجل الأفكار الشاردة، وأنا شخصيا مرت على ليال كثيره وصعبة ولا أستطيع أن أخلد للنوم فيها وأقفز كل بضع دقائق بسبب أفكار تأتينى حتى أشفق على نفسى وأجبرها على الراحة والنوم والآن أنام على نحو جيد وأحترم قوانين الجسد الفيزيائية ولا أشتكى من أى علة والحمد الله وما أذكره من قراءاتى الليلية أننى ذات ليلة قرأت متلذذا ولفترة طويلة أوشكت على العام كتاب عبد الله عنان فى موسوعته عن (التاريخ الأندلسى) فى سبعة مجلدات، قرأتها وأنا أحمل قلماً فوسفورياً وآخر رصاصاً فأسجل فى أول الكتاب ما طاب من أفكار، ولم يكن هذا الكتاب الوحيد بل قرأت كتاب أحلامى لا تعرف حدود لجيفارا وكذلك كتاب فيكتور فرانكل بعنوان (الإنسان يبحث عن المعنى) وهو كتاب رائع عن تجربته الشخصية فى معسكرات الاعتقال، وحين أمسكت به أشفقت على زوجتى ولم ترتح لقراءتى لهذا الكتاب وخاصة فى فترة ما قبل النوم ولكننى قرأته لأكتشف أمرا أبعد من التجارب الشخصية لأنه أبدع فى شق الطريق إلى مدرسة جديدة فى علم النفس أطلق عليها مدرسة علم النفس الإنسانى فكانت وهى فى الحقيقة لا تقل فى روعتها عن مدرسة علم النفس التحليلى أو مدرسة علم النفس الارتقائى التى أسسها جان بياجييه أو مدرسة علم النفس السلوكى التى أسسها سكينروواتسون أو علم نفس الجشتالت على يد هولمهلتز، أو الأخيرة علم النفس المعرفى ومازلت أذكر من اللقاءات الليلية كيف قرأت زوجتى قصة المنفلوطى عن ماجدولين والزيزفون ولم تكن مغرمة بالقصص فسكبت دموعها كما سكبت دموعى أنا الآخر من قبل، حين قرأت هذه الدراما.











مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة