لم يكن شعارًا زائفًا ولا حديثا عابرا، إنه "الوعد الصادق" من الجيش العربى السورى، الذى وعد بتحرير كامل البلاد من أيدى الإرهابيين والمتطرفيين، فصدق وعده، وبدأ مشوار التحرير باستعادة حلب، ليستيقظ العالم العربى على فرحة الانتصار.
البلاد التى اكتوت بنيران الإرهاب، خلال السنوات الأخيرة، كانت الأكثر تعبيرًا عن فرحتها، وكأنها هى المنتصرة، وواقعيًا فصمود دمشق وانتصار جيشها يعد بمثابة صمام أمان للمنطقة العربية التى تتكالب عليها قوى الاستعمار عبر جيوشها بالمعنى المباشر أو عبر وكلاء الإمبريالية "الجُدد" وأبرزهم التيارات الإرهابية التى نشطت خلال السنوات الست الأخيرة.
صدق وعده حقًا، فالانتصارات التى تحققت على الأرض ستغير مسار معركة البلاد العربية مع التنظيمات الإرهابية، فبعد فشل الإرهابيين فى معركتى دمشق وحمص، كانت حلب آخر أمل لهم، لكن القوات السورية أصرت ولا تزال على قطع دابر المستعمرين من البلاد، الأمر الذى دفع بست قوى غربية إلى المطالبة بما اسمته بوقف النار وإقرار هدنة "إنسانية"، فإنسانيتهم لا تتحرك إلا إذا ضُيق الخناق على أتباعهم من المتطرفين.
حلب سورية وستظل، ومع ذلك تجد أذناب التيارات الإرهابية من إخوان وسلفيين يتباكون على استعادتها، فى الوقت الذي سبق وأن هللوا حين روّجت الصحافة التركية لتحويل المدينة السورية إلى “ولاية تركية”، وجاءت مانشيتات صحف رجب طيب أردوغان “حلب 82” في إشارةٍ منها إلى أن المدينة ستكون المقاطعة رقم 82 ضمن المقاطعات التي تشكّل دولة تركيّا.
انتصار الجيش العربى السورى لا يستعيد جزءًا من البلاد فحسب، وإنما يجهض مخطط أمريكا وتركيا وإسرائيل لرسم خارطةٍ جديدة للشرق الأوسط، بوابتها ضم حلب لولايات أردوغان! الذى بدأ فعليا فى تنفيذ مخططه منذ أن أعلن عن إقامة ما أسماه بـ“منطقة آمنة”، خالية من مقاتلي “داعش”، على أن تضمّ تلك المناطق مقاتلين “معارضين”، يتمّ اختيارهم بالتنسيق بين تركيا وأمريكا، كما يتمّ حمايتهم بغطاء جويٍّ تتحدّث أنقرة عن قدرتها على توفيره.
صدق وعده، فمع بداية الشهر الجارى أكدت بعض قيادات الجيش العربى السورى، والمسئولون السياسيون بالبلاد أن حلب ستستعاد بالكامل، والنصر فيها أصبح قريباً جداً، حينها سخر المتأسلون والمتأمركون، لتثبت الأيام صدق الوعد، وحسم معركة أساسية ستعين على تسطير النتائج المرجوة في مواجهة التكفيريين في المنطقة، وباستعادة حلب ستتغيّر مجمل الأوضاع، حيث بدأ رعاة التكفيريين بالتحول عن مواقفهم الأولى، بعد أن أصبحوا غير قادرين على مدهم بالسلاح بسبب محاصرة الجيش وحلفائه لهم.
وفى رد جنونى على الانتصار العربى، تدخل العدو الإسرائليى اليوم على خط المعركة، بعد أن أقدم على إطلاق عدّة صواريخ أرض- أرض من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلّة سقطت في مطار المزة العسكري غرب دمشق، فيما اعترف وزير الأمن الإسرائيلى، أفيجدور ليبرمان، أن قوات بلاده هى التى شنت الهجوم، فجر اليوم، على مطار المزة، متحججًا "نحاول منع تهريب أسلحة دمار شامل من سوريا إلى حزب الله"!!
سوريا تستعيد حلب، واحدة من أبرز وأعرق المدن العربية، التي قال عنها محمود درويش "وأَنا أُحبك، سوف أَحتاج الحقيقةَ عندما أَحتاج تصليح، الخرائط والخططْ/ أَحتاجُ ما يجبُ/ يجبُ الذي يجبُ/ أدعو لأندلسٍ/ إن حُوصرتْ حَلَبُ".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة