لو تراجعت الحكومة عن قرار رفع الجمارك على الدواجن المستوردة، فإنها لا تستحق البقاء، وستدعم فكرة أنها عشوائية ومرتبكة، وتهدر مصداقية الدولة وتمس هيبتها، ولا أعتقد أبدا أن القرار صدر لخدمة مصالح بعض المستوردين، لوجود أجهزة رقابية قوية ويقظة، يستحيل أن يمر عليها فساد من هذا النوع، دون أن تضبطه وتقدم مرتكبيه للمحاكمة.
قرار إلغاء الجمارك عن الدواجن المستوردة، يستحق الثناء والإشادة، إذا كان السبب كما سمعت، هو ورود معلومات للحكومة بأن بعض المنتجين، يخططون لافتعال أزمة فى الأسابيع المقبلة، على غرار أزمات السكر والزيت والأرز، فأرادت أن تؤمن توفير هذه السلعة الاستراتيجية المهمة، التى لن يتحمل الناس ارتفاع سعرها، بجانب الارتفاع الجنونى فى أسعار اللحوم، وربما يفسر هذا الأمر أن تنفيذ القرار بأثر رجعى، لضخ كميات من الدواجن فى الأسواق، سبق التعاقد عليها، لإفساد أى محاولات لرفع الأسعار.
لو صح ذلك «براو» على الحكومة، لأنها فكرت وتحركت- على غير عادتها- فى الوقت المناسب، وعلى من يزعمون أن القرار يخدم مصالح بعض الكبار، أن يتقدموا بما لديهم من أدلة ومستندات إلى النائب العام، بدلا من الشوشرة والتهييج والإثارة فى الفضائيات، والتهديد بإلقاء الدواجن فى الترع، وغلق المزارع وتسريح العاملين، فلا يليق أبدا أن يتحول الأمر إلى «لى ذراع»، إما أن ترضخ الحكومة للتجار أو الويل لها، ولهذا يحب أن يخرج رئيس الوزراء إلى الرأى العام ويدافع عن قراره، إذا كانت أسبابه شفافة، وتخدم مصلحة المواطن.
مشكلة الحكومات الحالية والسابقة أنها لا تجيد إدارة الأزمات وتغرق فى شبر ميه، وتستعين بمتحدثين إعلاميين لا علاقة لهم بالإعلام، فيلجأون إما للعبارات الملائكية الخالدة، أو الادعاء بغير الحقيقة، وفى أزمة الدواجن مثلا، كنا ننتظر بيانا توضيحيا بعد صدور القرار، يوضح أسبابه وأهميته ومن المستفيد منه، ولماذا يصدر فى هذا التوقيت بالذات، ويقول للناس بصراحة ووضوح حجم الصفقات التى تدخل البلاد ومن مستورديها «كله فى النور».
ياحكومتنا الرشيدة.. 2017 هو عام التحديات الصعبة، ويجب أن نعبره بأمان وسلامة، وإذا استمر التخبط الحكومى فى إدارة الأزمات، ستقع البلاد رهينة لكل أنواع الشائعات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة