"ما شافوهمش وهما بيسرقوا شافوهم وهما بيتحاسبوا"، هذا المثل الشعبى الذى يشرح حالة الخلاف بين أفراد العصابة الواحدة، ربما يكون الوصف الأبلغ والأكثر انطباقًا على وقاع جماعة الإخوان الإرهابية وحلفائها المصريين المقيمين فى الخارج، وبالتحديد على صعيد الاستثمارات الإعلامية والقنوات التليفزيونية المدعومة منهم أو الموالية لهم، إذ لا يمر يوم دون اشتعال معركة، أو تجدد شرارة ساخنة فى معركة قديمة، محورها الخلاف بين رؤوس القنوات والنوافذ الإعلامية التابعة للجماعة، والذى يبدو أنه لا يبعد عن دائرة المصالح والمكاسب والخلافات المادية، ما يجعل المثل السابق هو الوصف الأدق الذى يمكننا اختزال القضية من خلاله.
خلال الفترة من 2013 وحتى اليوم، تضاعف عدد فضائيات "إسطنبول" التابعة لجماعة الإخوان، وصارت تعمل تحت مسميات مختلفة، ولكن المضمون واحد، فالفارق الحقيقى بين "الشرق" أو "مكملين" أو "وطن" ربما لا يمكن إدراكه بالعين المجردة، ولكن مع هذا التطابق فى الرؤى والأفكار الآتية من منبع واحد، ربما لا يبعد كثيرًا عن منبع التمويل الواحد، لم تعصمهم من الشقاق والخلاف والشجار، فقد تحسبهم للوهلة الأولى جميعًا، وتشير الوقائع إلى أن قلوبهم شتّى، وخلافاتهم تصل عنان السماء.
دوائر الخلافات بين الأذرع الإعلامية والنوافذ التليفزيونية الموالية للجماعة الإرهابية، والتى تنطلق من إسطنبول وبرعاية مباشرة من النظام التركى، تتوزع وتتداخل، وكثيرًا ما تتخفّى وراء شعارات عن "المهنية" أو "الخذلان" للجماعة والرئيس المعزول مرسى ومن التف حولهم، ولكن كثيرًا منها فى حقيقة الأمر يتركز فقط حول الخلاف على الغنائم وتوزيعها، وفيما يلى نستعرض أبرز "الخناقات" داخل الوسط الإعلامى الإخوانى.
وصلة ردح بين آيات العرابى وعمرو عبد الهادى وقناة الشرق
رامى جان، الناشط القبطى المؤيد لجماعة الإخوان الإرهابية، ظهر على قناة الشرق، مدافعًا عن أيمن نور، مالك القناة، ومهاجما آيات العرابى، إذ طالب جماعة الإخوان بإعلان التبرؤ رسميًّا من آيات العرابى، ووصف أفعالها بأنها "مختلة"، وذلك ردًّا على دعوتها "الطائفية" بمقاطعة الأقباط فى مصر.
قبلها كانت آيات عرابى قد شنت هجومًا حادًّا على مجموعة من الشخصيات الليبرالية الموالية لجماعة الإخوان، وعلى رأسهم أيمن نور رئيس مجلس إدارة قناة الشرق الداعمة للجماعة، واصفة إيّاه بـ"المقرب من الإسرائيليين"، كما وصفت فى كلمة مسجلة نشرتها عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، الجمعية التى يسعى أيمن نور ومحمد محسوب (القيادى بحزب الوسط)، وسيف عبد الفتاح (الموالى للإخوان) لتشكيلها خلال الفترة الأخيرة بـ"جمعية الطعمية الاستهلاكية".
واتهمت آيات عرابى، أيمن نور، بتلقى أموالا من جهات خارجية، قائلة: "عبده مشتاق.. أيمن نور صديق الإدارة الأمريكية فى عهد بوش وصديق كوندوليزا رايس، الذى كان يرسل لها الخطابات من محبسه، وأحد مؤسسى جبهة الخراب مع البرادعى، وصاحب قناة الشرق التى تنفق شهريًّا ما يزيد على 300 ألف دولار، لا يعلم أحد من أين جاء بها".
فى سياق متصل، لا بد من الإشارة إلى أن آيات العرابى كانت قد اتفقت مع قناة الشرق الإخوانية، قبل أن يشتريها أيمن نور، على تقديم برنامج، لكن إدارة القناة الجديدة تراجعت، ومنذ هذا التوقيت وتشن "آيات" تجومًا ضاريًا ضد القناة وأيمن نور.
خناقة عصام تليمة مع قناة وطن الإخوانية
آخر الخلافات التى نشبت فى هذا الإطار، المعركة العنيفة التى حدثت بين عصام تليمة، مدير مكتب يوسف القرضاوى السابق، وقناة وطن الإخوانية، خلال اليومين الماضيين، على خلفية تجاهل بعض قنوات الجماعة لخبر حبس حمزة زوبع، القيادى البارز بالإخوان، 3 سنوات، لاتهامه بنشر أخبار كاذبة، إذ تبادل كل منهما الاتهامات ورمى الآخر بالخيانة.
وسخر عصام تليمة فى البداية من موقف قناة "وطن" الإخوانية، وتجاهلها لخبر حبس حمزة زوبع عن عمد، ووجه حينها رسالته لقيادات وقواعد الإخوان، قائلا: "حكمت محكمة مصرية على حمزة زوبع بالسجن ثلاث سنوات، وطوال أمس أتابع أخبار قناة وطن، التى يشرف عليها فريق محمود حسين، الأمين العام للإخوان، لا أجد أى إشارة للخبر، يبدو نظرًا لمعارضة زوبع للمشرفين على القناة، وموقفهم منه، فهل وصل الحال بالمهنية فى تتبع الأخبار الحقوقية لأن يكون المعيار فيها ليس المظلومية بل المحسوبية؟ ومن يتبع الشخص الذى سنعرض أخباره؟!
وتابع مدير مكتب القرضاوى السابق حديثه فى السياق نفسه، قائلاً: "ألا تلاحظون معى إن فيه ناس لو سيف الدين عبد الفتاح (أحد حلفاء الإخوان فى تركيا)، أو عمرو دراج، أو جمال حشمت (القياديان بالجماعة الإرهابية)، قالوا أى كلمة أو طرح، بعد أقل من دقيقة من كلامه يخرجوا يهاجموه ويردوا عليه، بس لما إبراهيم منير (أمين التنظيم الدولى للإخوان)، أو محمد سودان (القيادى الإخوانى فى لندن)، أو محمود حسين (الأمين العام للإخوان)، يقول نفس الكلام أو أسوأ منه، لا تسمع لهم صوتا ولا حرفا ولا كلمة؟!
هجوم "تليمة" على القناة الإخوانية التى تبث من تركيا، دفع إسلام عقل، القيادى الإخوانى ومسؤول قناة وطن الإخوانية، للرد عليه قائلا: "حمزة زوبع أخ وصديق، ويقينًا سقط الخبر سهوًا من الزملاء فى الأخبار، رغم تعليق عدد من مقدمى البرامج عليه، ناهيك عن أن زوبع ليس بحاجة لمن ينشر خبر الحكم عليه، وهو يملك التعليق عليه من خلال منبره ومساحته الواسعة على قناة مكملين".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة