ذات يوم .. "المسلة المصرية "هدية محمد على لفرنسا تدخل باريس

الجمعة، 23 ديسمبر 2016 12:00 م
ذات يوم .. "المسلة المصرية "هدية محمد على لفرنسا تدخل باريس  المسلة المصرية
كتب : سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغب محمد على باشا، والى مصر، فى إرضاء الدول الكبرى، فقرر منح مسلة إلى فرنسا، وأخرى إلى إنجلترا، وكان عالم المصريات الفرنسى «شامبليون» فى زيارة إلى مصر عام 1828، واستقبله محمد على، وحسب كتاب «مصر ولع فرنسى»، تأليف روبير سوليه، ترجمة لطيف فرج، الصادر عن «مكتبة الأسرة، الهيئة العامة للكتاب، القاهرة»: «أعجب شامبليون بهاتين المسلتين «إبرتا كليوباترا» حين نزل الإسكندرية أغسطس 1828، وأرسل خطابًا إلى شقيقه أعرب فيه عن أمنيته بأن تأخذ فرنسا هديتها قبل أن تفلت الفرصة منها، لكنه حين وصل إلى الأقصر أصيب بنشوة وذهول، ووقع أسير الإعجاب بمسلتين أخريين من الجرانيت الوردى عند مدخل المعبد، ووجد أنهما أفضل بكثير من مسلتى الإسكندرية».
 
فى إبريل 1830 استقبل محمد على رسولًا من ملك فرنسا، شارل العاشر، وأعرب له عن امتنان فرنسا منحه بسخاء مسلتى الأقصر، وواحدة من مسلتى الإسكندرية، ولأن ثلاث مسلات كثير للغاية، اكتفوا بمسلة واحدة من الأقصر اختارها «شامبليون»، وبقى التحدى، كيف يمكن نقلها من الأقصر إلى باريس ووزنها 230 طنًا.
 
شكّل ملك فرنسا لجنة خاصة تقوم على تنفيذ اقتراح «شامبليون» ببناء سفينة خاصة لعملية النقل، على أن تكون ذات قاع مستوٍ تستطيع السفر فى البحر والصعود فى نهر النيل بمصر، والنزول فى نهر السين بفرنسا لتفادى نقل المسلة من سفينة إلى أخرى، وبدأ العمل فى السفينة الجديدة بميناء طولون وسميت «الأقصر».
 
ووفقًا لـ«سوليه»، غادرت الأقصر فرنسا يوم 15 إبريل 1831، وعلى ظهرها طاقم مكون من 150 شخصًا يضم نجارين، وحدادين، ونحاتى حجر، وميكانيكيين، ووصل هذا الطاقم إلى الأقصر يوم 14 أغسطس، وأقاموا وسط أطلال طيبة، وعاش أفراد هذا الطاقم فى الأقصر لمدة عام، قاموا خلاله بتحويل جزء من المعبد القديم إلى حى للبحارة مزود بمساكن منفصلة لـ«الأنباشية» و«الرقباء»، وأقام الضباط فى شقق علوية مزودة بأثاث بحرية، وقاموا ببناء مطبخ وفرن ومطحن ومخبز، بل ومخزن للأسلحة وآخر للبارود والمتفجرات، ومستشفى يضم ثلاثين سريرًا، وكان هذا التجهيز بمثابة مدينة فرنسية فى أحضان معبد فرعونى.
 
توقف العمل فى نقل المسلة بسبب تفشى وباء الكوليرا حتى غادرت مقعدها يوم 31 أكتوبر، وفى اليوم التالى كتب قبطان السفينة إلى «شامبليون»: «ابتهج معنا يا سيدى المواطن العظيم، لقد غادرتنا الكوليرا، وخضعت المسلة الغربية بالأقصر أمام أبسط الوسائل الميكانيكية الحديثة، فقد أمسكنا بها أخيرًا، ومن المؤكد أننا سنحضر إلى فرنسا هذا الصرح الذى لابد أنه سيزودكم بمادة لدروسكم الممتعة، وسيحوز على إعجاب العاصمة.. ستشهد باريس ما صنعته حضارة قديمة من أجل صيانة التاريخ فى ظل انعدام مطبعة، وسترى أنه إذا كانت فنوننا مدهشة، فإن شعوبًا أخرى صنعت فنونًا قبلنا بأزمان طويلة لا تزال نتائجها المدهشة تذهلنا حتى اليوم».
 
كان يفصل المسلة عن ساحل النيل 260 مترًا، وتم التغلب عليها حسب «سوليه» بالتفاوض مع الفلاحين لشراء أكواخهم وهدمها من أجل إفساح الطريق، وتم اتخاذ احتياطات لا حصر لها من أجل نقلها على  قضبان من الخشب، وبمعاونة 400 عامل تم استئجارهم محليًا.
 
اضطرت السفينة إلى انتظار الفيضان فى طيبة حتى أغسطس 1833، وقضى الفرنسيون هذه الإقامة الجبرية فى الصيد وزيارة الآثار، وأخيرًا انحدرت فى النيل، لكنها اضطرت إلى الإقامة فى رشيد لفترة بسبب صعوبة عبورها إلى البحر المتوسط، وتم استدعاء سفينة بخارية تمتلكها فرنسا، واسمها «أبوالهول» التى قامت بجرّ «الأقصر» وسط بحر مضطرب، وفى النهاية وصلت السفينة إلى ميناء «طولون» الفرنسى يوم 10 مايو 1833، وفى «طولون» واجه طاقم السفينة مفاجأة غير سارة، وهى حجزهم فى الحجر الصحى بالرغم من احتجاجهم، وفى يوم 20 يونيو اسـتأنفت «الأقصر» رحلتها فى اتجاه مدينة «روان» الفرنسية عن طريق جبل طارق، وعبرت مصب نهر السين، ثم صعدت فى النهر حتى باريس، ووصلتها فى مثل هذا اليوم «23 ديسمبر 1833».
 
دامت هذه العملية 32 شهرًا، لكن ووفقًا لـ«سوليه»: «مرت ثلاثة أعوام أخرى من أجل إنجازها بنجاح»، حيث تم نصب المسلة يوم 22 أكتوبر 1836، وتلك قصة أخرى شهدت جدلًا قويًا.    









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة