ذات يوم..عيون القائد السرى لثورة 19فى لقاء مفتى الديار ومبعوث الاحتلال

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2016 10:13 ص
ذات يوم..عيون القائد السرى لثورة 19فى لقاء مفتى الديار ومبعوث الاحتلال محمد بخيت - عبد الرحمن فهمى
كتب : سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
طلب اللورد «ملنر» من مفتى الديار المصرية، فضيلة الشيخ محمد بخيت، اللقاء فى أى مكان يريده الشيخ، فاشترط المفتى أن يكون فى منزله، ويقوم ولده بدور المترجم بينهما.
 
كان «ملنر» سياسيًا إنجليزيًا رفيعًا، ووزيرًا للمستعمرات البريطانية «مصر واحدة منها»، وجاء إلى القاهرة على رأس لجنة شكلتها الحكومة البريطانية لبحث أسباب ثورة 1919 التى اندلعت شرارتها يوم 9 مارس، ووصل بلجنته وسط دعوات وطنية لمقاطعة أعمالها، لأنها لا تحمل المطلب الأساسى للثورة، وهو «الاستقلال التام»، أى رحيل الاحتلال الإنجليزى عن مصر. ونزلت اللجنة فى فندق «سميراميس» بالقاهرة، وأخذت تستدعى كل من ترى فيه ميلًا إلى الإنجليز، بحسب تأكيد عبدالرحمن فهمى فى الجزء الثانى من مذكراته «يوميات مصر السياسية»، «دار الكتب والوثائق القومية، القاهرة».
 
كان «فهمى» هو قائد الثورة السرى، بحسب رأى البعض، ومنهم فتحى رضوان فى كتابه «مشهورون منسيون»، «الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة»: «سعد زغلول، الزعيم الرسمى للثورة، نفى إلى مالطة يوم 9 مارس سنة 1919، وأطلق سراحه وزملائه بعد شهر «7 إبريل»، ثم سافر إلى باريس، وبقى فى أوروبا حتى عاد فى 4 إبريل 1922، فكمل غيابه هناك عامين، وهما فترة الثورة الخصبة، فمن يكون  قائد هذه الثورة؟».
 
يجيب «رضوان» عن سؤاله: «عبدالرحمن فهمى الذى سنى نار الثورة، وكان شأنه شأن جميع الأبطال الحقيقيين فى القوميات الشعبية والهبات الوطنية، ففى خلف هذه الحركات العنيفة السريعة يقبع رجل ذو إرادة حديدية، زاهد فى الظهور، أو لعله يحسنه، بارع فى التدبير، قادر على التجميع، وبقى بطل ثورتنا مجهولًا حتى فى الوقت الذى كانت يداه تجمعان خيوط العمل الثورى، فلم تهتف باسمه المظاهرات، ولم ترفع لشخصه الصور، ولم تتجه إلى بيته أو مكتبه الجماهير».
 
ما علاقة «فهمى» كقائد سرى للثورة بلقاء المفتى واللورد «ملنر» فى مثل هذا اليوم «20 ديسمبر 1919» بالشروط التى حددها المفتى؟
 
يذكر «فهمى» فى الجزء الثانى من مذكراته، أنه لما رأى لجنة «ملنر» تستدعى الذين لهم ميل إلى الإنجليز، فكّر فى كيفية التعامل معهم، وهم «الخارجون على رأى الأمة»، فتوصل إلى: «بثثت العيون والأرصاد فى جميع المسالك التى تؤدى إلى فندق سميراميس، مركز اللجنة، وقد تزينوا بأزياء مختلفة، فكان منهم العاجز، والمتسول، وبائع الفول واللب والسجائر، وأعطيت لكل منهم ما يسهل عليه كتابة أسماء القاصدين إلى الفندق والراجعين منه، وخصصت إناسًا آخرين يمرون على الأولين من وقت لآخر ليجمعوا منهم الأوراق التى كتبوها، وبذلك أستطيع معرفة الذين خرجوا من مقابلة اللجنة، فأرسل إليهم الوفود لتستعلم منهم عن سبب ذهابهم، وعما دار من حديث، وكان لكل وفد رئيس وسكرتير، وبينما يوجه الرئيس السؤال يقوم السكرتير بكاتبته وكتابة الإجابة عنه، وبعد أن يجيب كل منهم عن الأسئلة يقوم بالإمضاء عليها».
 
كان «فهمى»- حسب تأكيده- ينشر هذه الأسئلة والأجوبة عنها أولًا بأول، ليستفيد منها القاصى والدانى، وبهذه الوسيلة حصل على أسرار زيارة «ملنر» إلى المفتى، ونص الحوار بينهما، وفيها أن المفتى اشترط أن تكون المقابلة شخصية ولست بصفة «اللجنة»، وتحدد يوم السبت 20 ديسمبر موعدًا فى الساعة السادسة بمنزل المفتى بـ«الزيتون»، ومن بين الأسئلة التى وجهها «ملنر»: «هل يمكنك أن تقنع مواطنيك بأن المناقشة معنا خير من إصدار الأمور بما نريد، إذ لا يخفى عليكم أننا أقوى دولة فى العالم، ولا توجد دولة تجرؤ على معارضتنا، وأننا نود بالمناقشة أن نكون أصدقاء، وليس فى مصلحة المصريين أن نملى عليهم ما نريد، كما أننا لا نوده».
 
رد المفتى: «أنت تعلم أننى رئيس دينى، وبطبيعة وظيفتى بين الأمة مختلط مع جميع طبقاتها من أكبر كبير فيها إلى أفراد الطبقة السفلى، وأخبرك بصراحة أننى لا أود التفكير فى إقناع أحد، لأننى من جهة ليس فى إمكانى أن أقنع الغير بما يخالف معتقدى، ومن وجهة أخرى أعلم أن آراء جميع هذه الطبقات متفقة على المطالبة باستقلال مصر، وعدم المناقشة فى دائرة أقل من دائرة الاستقلال، وثق تمامًا أنه لا يخفى علىّ قوة بريطانيا، ومركزها فى العالم بين الدول، وأنه يمكنها أن تسحق الشعوب، لا أن تملى إرادتها عليهم فقط، ولكن لا يخفى علىّ أيضًا أن المصريين إن خضعوا للقوة يومًا فسيرفعون رأسهم فى أقرب فرصة سانحة».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة