اتسمت التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية مؤخرا بالتسرع، كما تباينت الآراء حول التغطية الإعلامية لجميع الأحداث الإرهابية، فهناك من رأى أن التغطية الإعلامية كانت غير دقيقة أو تسببت فى أزمات للدولة، فى حين رأى آخرون أنه يجب أن يكون للإعلام دور فى تغطية مثل هذه الأحداث، لذلك نفتح هذا الملف مع خبراء الإعلام وعدد من الإعلاميين والمتخصصين، الذين أجمعوا جميعا على الجملة الشهيرة التى قالتها رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارجريت تاتشر بأن "الإعلام هو أكسجين الإرهاب".
يرى الإعلامى حمدى الكنيسى نقيب الإعلاميين - تحت التأسيس - أن على الإعلامى أن ينسق العمل مع الأجهزة الأمنية فى ملفات الإرهاب تحديدا، مشيرا إلى أنه على الإعلامى أن يراعى الأمن القومى ولا يسعى للسبق وتحقيق مكسب شخصى ومهنى على حساب سرية المعلومات، وكشف الكنيسى أنه أثناء تغطيته لحرب أكتوبر طلبت منه المخابرات الحربية عدم إذاعة اسم عساف ياجورى الذى تم أثره، مشيرا إلى أنه التزم وأخفى الاسم من التسجيلات حتى أعلنت إسرائيل نفسها الاسم.
وأضاف الكنيسى أنه يجب وضع مواد ضمن قوانين الإعلام تنظم العملية الإعلامية فى موضوعات الإرهاب تحديدا، لأن بعض المعلومات البسيطة من الممكن أن تحدث ارتباكا أو أزمة حقيقية، مؤكدا أن تناول الإعلام للإرهاب شائك جدا، خاصة أن الإرهاب يستغل الإعلام بشكل عكسى.
فيما قالت الدكتورة هويدا مصطفى عميد المعهد الدولى للإعلام إن التغطيات الإخبارية فى الأحداث الأرهابية بها قدر كبير من التسرع والفوضى، مطالبة بوجود معايير وتشريعات تنظم العملية الإعلامية خاصة فى الأحداث الإرهابية، وأشارت إلى أنها وزملاءها كافحوا من أجل إلغاء مواد الحبس الخاصة بالنشر ضمن بنود قانون الإرهاب، إلا أنه لا يصح أن تترك الأمور بهذا الشكل، وكشفت أن المادة 33 بقانون الإرهاب كانت تؤكد على الحبس فى قضايا نشر متعلقة بالإرهاب، ولكنهم دخلوا فى مفاوضات طويلة مع الدولة لتعديلها وإلغاء الحبس وقدمنا مادة معدلة تخص نشر المعلومات المتعلقة بوزارة الدفاع أو الداخلية فقط.
وأبدت د.هويدا تعجبها من أداء الإعلام المصرى فى تغطية أخبار الإرهاب، مؤكدة أن بعض الإعلاميين يحرصوا على السبق الإعلامى متجاهلين خطورة الموقف، بل أن هناك من يقول معلومات مغلوطة تساهم فى نشر البلبلة فى الشارع، وهو ما يجب مواجهته من خلال مواد ضمن قوانين الإعلام تحكم الجميع وتنظم العمل، حتى لا يتسبب الإعلام فى إحداث هذه البلبلة.
وطالبت هويدا بوجود بروتوكول إعلامى يمنع نشر أخبار الإرهابيين الذين يساهم الإعلام فى بعض الأحيان لتحويلهم إلى نجوم.
وحول التغطية الإعلامية للأحداث الإرهابية قال الكاتب عبد الله السيناوى إن الإعلام دون أن يدرى كان يمكن الإرهاب ويسقط الروح العامة والمعنويات، ويساهم بشكل كبير فى وضع المجتمع بأكمله فى حالة حزن شديد وحداد دائم، مؤكدا أن الإرهاب يسعى قبل أى شىء أن "يسود" حياة الشعوب من خلال ظهوره فى مظهر القوى المؤثر حتى وهو فى أضعف حالاته، وأشار إلى أن هناك خطأ شائعا لدى وسائل الإعلام المصرية وهو النقل عن وسائل إعلام غربية دون التأكد، وأوضح أنه على الإعلام أن ينسق مع الدولة فى مثل هذه الملفات الشائكة من خلال مساحة ضرورية بين الإباحة بالنشر مع الحفاظ على الأسرار، مؤكدا أن هناك من يستضيف بعض المدعويين بالخبراء الأمنيين وهم ليسوا على دراية أو خبرة حقيقية بالواقع، ويساهمون بشكل كبير فى نشر شائعات تؤثر على الدولة بأكملها.
وشدد السيناوى على أنه لا يجب على إعلامنا أن يستبيح الجثث ويصورها فى مشاهد دامية تؤثر على نفسية المجتمع بالكامل وتمكن الإرهاب من فرض حالة الرعب والخوف على المواطنين.
فيما قال الإعلامى محمود الوروارى لـ"انفراد" أنه سافر إلى أفغانستان فى محاولة للقاء بن لادن لكنه فشل، وبعد عودته اقتنع أنه كان مخطئا، وانتقد ما تقدمه قناة "الجزيرة" من محاولات ترويجية للإرهاب ولتنظيم داعش ونشر بياناتهم وفيديوهاتهم، مؤكدا أن الإعلام المصرى للأسف انساق فى فترة من الفترات خلف الجزيرة وقام بعرض فيديوهات داعش الإرهابية وروج لها دون قصد، وأضاف الوروارى، لولا الإعلام المصرى الذى روج للمدعو أبوبكر البغدادى ما كانت عرفته الشعوب، ولكن داعش استغل الإعلام العالمى والعربى فى الحصول على "بروباجندا" فى المجتمعات العربية، واوضح أن الإعلام قدم خدمات مجانية للتنظيمات الإرهابية، مؤكدا أنه نفسه كان جزء من هذا الخطأ وتورط به فى فترة من الفترات دون قصد، وطالب الوروارى الإعلاميين بعدم الإنسياق خلف السبق على حساب الأمن القومى، ومراعاة خطورة المعلومات التى يتم نشرها قبل إعلان الدولة عنها.
فيما قال اللواء فؤاد علام، وكيل جهاز مباحث أمن الدولة سابقًا أن دور الإعلام فى قضايا الإرهاب لا يجب أن يكون التغطية الإعلامية فقط، لكن الأهم هو مواجهة الفكر بالفكر وإجراء حوار مفتوح حول أفكار المتطرفين وكشفهم، مع إبراز هذه الأفكار ومدى تأثيرها وخطورتها على المجتمعات، مشيرا إلى أنه يجب أن نسعى من خلال الإعلام لتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة والمغلوطة، وأشار إلى أن التجربة الأمنية فقط في التعامل مع الإرهاب فشلت على مدار 40 عاما، وكشف علام أن الجماعات الإرهابية كانت أول من استخدم الإعلام الإلكترونى في الشرق الأوسط وهدفهم توصيل رسالة ترويح للشعوب من خلال الإعلام، الذى يتورط دون قصد فى ترويج رسائلهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة