لا شك فى أن خبر إدراج اليوان كعملة دولة معترف بها عالميا، ضمن سلة عملات صندوق النقد الدولى، هو خبر إيجابى على المستوى العالمى، إذ يضيف إلى القوى الاقتصادية الكبرى قوة جديدة كبيرة، قوة حركت المياه الراكدة «عالميا»، وأضافت أفقا جديدا للاقتصاد العالمى بعد أن احتكرتها القوى الأربعة الكبرى «أمريكا واليابان وأوروبا وإنجلترا» لمدة طويلة، لكنى فى الحقيقة لم أفهم ذلك الفرح المصرى بهذا الخبر إلا إذا كان المقصود بهذا الفرح هو مكايدة أمريكا فحسب، أما العائد الاقتصادى الذى سيعود علينا بعد هذا الحدث فأنا أعتقد أنه سيكون «لا شىء» لأننا نحتاج إلى الصين وعملتها أكثر بكثير مما تحتاج الصين إلينا وإلى عملتنا، فنحن نستقبل واردات من الصين بحوالى 10 مليارات دولار، بينما نورد إلى الصين بما قيمته حوالى 2 مليار دولار، فأين الانتصار فى تحويل جزء من الاحتياطى النقدى إلى العملة الصينية إذا كنا نحتاج سنويا إلى عملة الصين ستة أضعاف ما تحتاجه الصين لعملتنا؟
من حقنا أن نفرح، أو نهلل، أو نرقص طربًا وانتشاءً فى حالة واحدة، وهذه الحالة هى أن تضاعف مصر من صادراتها إلى الصين بشكل كبير، حتى يصبح استخدامنا لليوان الصينى مخصوما من رصيد استخدامنا للدولار، وبهذا ندعم الاحتياطى النقدى المصرى أو على الأقل نوقف استنزافه، لكن إذا ما بقى الحال على ما هو عليه فإن الجحيم هو المأوى، وفى الحقيقة لم أرَ فى حياتى كلها جحيما اقتصاديا أكثر مما نعيش فيه، فمن يقبض الآن 15 ألف جنيه، وهو راتب يعده الجميع فى مصر «ضخما» يعادل من يقبض ألف دولار فحسب، وهو راتب أقل المهن شأنا فى العالم كله.
أملنا الوحيد فى الاستفادة من هذا القرار، هو أن نتفق مع الصين على إقامة تحالف سياسى واقتصادى راسخ، بالشكل الذى تمنحنا الصين من خلاله مزايا نسبية فى السوق الصينى، وأن تعمل شركات السياحة المصرية على اجتذاب سياحة صينية كبيرة فى الفترة القادمة، مع العلم أن بالصين طبقة جديدة مرفهة قادرة على إنعاش سوق السياحة فى مصر، كما أنعشت سوق الفن فى أوروبا، حيث أدى ظهور هذه الطبقة إلى تنامى سوق الفن الصينى فى أوروبا بدرجة كبيرة، ووصول بعض القطع الفنية الصينية المباعة فى لندن ونيويورك إلى أرقام فلكية، أى باختصار إذا ما عملنا نلنا، فليس بالمكايدة وحدها تحيا البلدان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة