رغم أن بورصة لندن شهدت ارتفاعا ملحوظا، عقب خسارة حكومة المحافظين دعوى قضائية بموجبها لن تستطع بريطانيا تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة للخروح من الاتحاد الأوروبى دون موافقة البرلمان البريطانى، إلا أن الغموض بشأن ما قد يحدث فى الأشهر القليلة القادمة ألقى بظلاله على الجنيه الإسترلينى الذى هبطت قيمته لأدنى مستوى منذ 31 عاما شهر أكتوبر الماضى، قبل أن يعاود التعافى.
وقال موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى"، إن قرار المحكمة أثر على بنك إنجلترا، الذى عدل عن اتخاذ تدابير جديدة لتخفيض نسبة الفائدة (عند مستوى 0.25%) مرة أخرى بسبب هبوط قيمة الجنيه الاسترلينى فى الأسواق المالية، وقرر أن يتركها تتحرك فى أى اتجاه وفقا لمعدلات التضخم.
أثر على المدى الطويل
وتوقع البنك أثرا محدودا على المدى القصير، لكنه حذر من أن دخول بريطانيا لأسواق الاتحاد الأوروبى قد "يتقلص بشكل ملموس"، وهو ما سيضر بالنمو "لفترة ممتدة".
وقالت الحكومة، إنها ستستأنف الحكم ومن المتوقع أن تنظر المحكمة العليا البريطانية فى الاستئناف أوائل الشهر القادم.
أداء جيد غير متوقع
من ناحية أخرى، قال الكاتب ألون جون، فى تقرير لموقع صينى، إن أداء الاقتصاد البريطانى كان أفضل مما كان متوقعا بعد استفتاء 23 يونيو، الذى انتهى بخروج بريطانيا من أوروبا، وذلك بسبب ثقة المستهلكين ووضع خطة استجابة فورية بعد تراجع الجنيه الإسترلينى، ورغم ذلك، ليس من الواضح كيف سيستمر هذا الأداء مع زيادة الغموض بشأن "الخروج"، فالمسألة باتت الآن فى أيد البرلمان البريطانى.
ومضى الكاتب يقول إن أغلب التوقعات المتعلقة بالاقتصاد البريطانى بعد الخروج من أوروبا كانت سلبية، حتى أن مؤسسات التصنيف الائتمانى مثل "فيتش" و"ستاندرد أند بورز" خفضت تصنيف بريطانيا بينما أعطت "موديز" نظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد.
ورغم ذلك، جاءت المؤشرات الاقتصادية الأخيرة إيجابية، وشهدت المملكة المتحدة نموا بنسبة 2.3% فى الربع الثالث من العام الحالى، على عكس المتوقع.
تفاؤل حتى 18 عاما
وقال جيروم بروسترا، محلل اقتصادى بارز، إن هناك الكثير من التفاؤل بشأن الاقتصاد البريطانى خلال الـ18 شهرا المقبلة، فرغم تراجع قيمة الإسترلينى، (ومن المتوقع أن ينخفض أكثر)، إلا أن الشركات البريطانية لا يزال بإمكانها الدخول إلى أسواق دول الاتحاد الأوروبى.
ورغم التفاؤل على المدى القريب، إلا أن التوقعات على المدى البعيد ليست مطمئنة. وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزى البريطانى) من المخاطر المتزايدة للتضخم الذى ينتج جزئيا بسبب ضعف الإسترلينى، فى الوقت الذى يزداد فيه الغموض بشأن موقف بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، مما دفع مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتمانى لاعتبار أن "حجم تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى على آفاق نمو الدولة سيعتمد على صيغة العلاقة التجارية الجديدة التى ستجمع بين بريطانيا والاتحاد الأوروبى".
وقال العديد من الخبراء إنه من الصعب التنبؤ بما قد يحدث مستقبلا، لاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية (8 نوفمبر)، معتبرين أنه من الأفضل مراقبة الأسواق المالية فى بريطانيا خلال الفترة المقبلة.
الاسترلينى مهدد
وكان تقرير لـ"رويترز"، قال إن تعرض الإسترلينى لضغوط كبيرة حال كانت عملية "خروج" بريطانيا من السوق الأوروبية الواحدة صعبة، سيقوض وضع الجنيه الإسترلينى كعملة احتياطى نقدى أجنبى.
ومضى التقرير يقول إن بريطانيا تحتاج لمئات من المليارات من الإسترلينى لضخها كل عام حتى تعيد التوازن إلى ميزانيتها لاسيما أنها تعانى من عجز موازنة يعد من بين الأسوأ فى العالم.
وقال تقرير لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" الائتمانية، إن "التراجع الحاد الأخير فى قيمة الجنيه.. من شأنه أن يقوض الثقة فى الاسترلينى ويهدد فى نهاية المطاف دوره كعملة احتياطى عالمى. وقد نخفض (التصنيف الائتمانى لبريطانيا) التصنيف إذا وجدنا أن الإسترلينى يفقد مكانته كعملة احتياط".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة