من وسط كل هذه الأحداث المدهشة، التى نمر بها لا أجد ما هو أكثر إدهاشا من موقف روسيا من مصر، وعلى الأخص موقفها من عودة السياحة الروسية بعد الحظر، الذى فرضته علينا، إبان تفجير الطائرة الروسية المقلعة من شرم الشيخ منذ أكثر من عام، روسيا فرضت هذا الحظر علينا ثم تبعها العديد من الدول فى أوروبا وأمريكا، فأصبح «حظر روسيا» لا يمثل نفسه، وإنما يمثل العالم أجمع، وبالتالى إذا ما فكت روسيا الحظر سيفك العالم كله القيود، التى فرضها على السفر إلى مصر، ويزداد العجب إذا ما علمنا أن روسيا تتعامل مع مصر بطريقة مريبة فى هذا الملف، فقد أعادت السياحة الروسية إلى تركيا برغم القتل المتعمد، الذى ارتكبته السلطات التركية لطياريها، كما أنها لم تفرض حظراً مماثلا على بلجيكا مثلا برغم أن مطارها اخترق أمنيا بطريقة أفدح مما حدث فى مصر، ولم تفرض حظرا مماثلا على باريس برغم أنها تعرضت مرارا إلى تفجيرات أبشع مما تعرضت إليه مصر، ليبقى السؤال كبيرا ومحيرا: لماذا تتعنت روسيا معنا إلى هذا الحد؟
لا أدعى هنا أننا لم نخطئ فى مسألة تأمين المطارات فى السابق، لكن ما يجب أن تدركه روسيا هو أن الإرهاب لا سقف له، وأنه لا توجد دولة فى العالم عصية على الاختراق الأمنى، ومن لا يصدق عليه مراجعة أحداث 11 سبتمبر، التى وصل مداها إلى وزارة الدفاع الأمريكية بذاتها، وفى الحقيقة فإنى قد رأيت بأم عينى كيف يتشدد الضباط والعاملون فى المطارات فى المسائل الأمنية، وكيف يخضعون الجميع للتفتيش لا فرق بين وزير أو خفير، وقد اندهشت حينما رأيت مسؤولا كبيرا فى رئاسة الجمهورية يخضع لجميع إجراءات التفتيش فى مطار شرم الشيخ بداية من خلع الجاكت، حتى فحص الأحذية، وقد حدث هذا دون تصوير أو ترويج فى الإعلام ودون حتى أن ينتبه إلى أن هناك كاتبا صحفيا يراقب المشهد، وهو ما يدل على أن المسؤولين عن تأمين المطارات أصبحوا لا يفرقون بين كبير أو صغير فلماذا تتعنت روسيا معنا إلى هذا الحد؟
تخوض مصر حروبًا طاحنة على عدة مستويات، وتتلاقى مصالح روسيا مع مصر فى الكثير من النقاط، وقد حان الوقت لتثبت لنا روسيا أنها حقا «دولة صديقة» بأن تتوقف عن تعنتها وتعاملنا كما عاملت «تركيا» التى اعتدت عليها، وأعتقد أن عودة السياحة الروسية الآن سيسهم فى حل عدة أزمات تمر بها مصر بعد قرار تعويم الجنيه، وعلى روسيا أن تعلنها صريحة: أهى مع مصر أم ضدها؟
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد علي
على غير عادتي .. اتفق معكم
لعل مفتاح هذا اللغز .. وهو مفتاح واضح .. هو الاصطفاف المصري السعودي رغم تباين المواقف بالنسبة لرؤية الدولتين للحل في سوريا ... روسيا تريد موقف مصري مؤيد لها في جميع الملفات دون قيد او شرط .. وحتى عند ذلك ليس من المرجح عودة السياحة الروسية اذ عدم عودتها يمثل ورقة ضغط على مصر .. وروسيا تريد ان تحتفظ بهذه الورقة لاطول فترات ممكنة .... ولاادرى لماذا لا نتجه بخطة تسويق سياحية مكثفة للصين .. فالصين من اكبر البلاد المصدرة للسياح .. وليس لنا نصيب كبير منها لاننا لانملك حلول لنقل هؤلاء السياح من الصين وحتى السياحة الروسية لنا امر عبر الشركات التركية في معظمها .. التحرك نحو الصين بالناقل الوطني و شركات الطيران الخليجية هو حل يعطي نتائج سريعه ومضمونة وعندها سيعود الروس وفق شروطنا .. امل ان تجد هذه الفكرة الدعم منكم من خلال مقالاتكم في اليوم السابع.