كارثة مجتمعية جديدة تسقط فوق رأس المجتمع المصرى المتدين بطبعه، سواء كان مسلما أو مسيحيا، والكارثة كشفت عنها لجان تسوية فض المنازعات فى محاكم الأسرة برصدها 1076 حالة زواج ملك يمين منظورة أمام محاكم الأسرة هذا العام فقط، ورغم الكارثة فإننا نلاحظ غيابا تاما من الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف أمام هذه الظاهرة التى تمثل زلزالا كبيرا فى منظومة القيم فى الشارع المصرى..
ولا يختلف اثنان حول أن هذا النوع من الزواج هو "زنا" حاول الدعاة إليه، والمقبلون عليه، والذين وقعوا فى مستنقعه، أن يغلفوه – زورا وبهتانا - فى قالب زواج.. فى هذه العلاقة الآثمة تقوم الزوجة بتمليك نفسها للزوج دون شهود أو إثبات أو مهر هروبا من المسئوليات، وتحللا من القيم والثوابت الدينية والتقاليد والعادات، ورغم أننا نحاول البحث عن الشباب وقضاياهم لتمكينهم سياسيا واقتصاديا فإننا نجد أن هذه العلاقات المؤثمة تنتشر بين شباب الجامعات بنسبة 60% من الدعاوى المتداولة، منها 30% من الإسلاميين، 10% من دعاة العلمانية والتحرر، وهو الأمر الذى يؤشر إلى الخطر الداهم الذى ينزلق الشباب إليه دون وعى..
وهذا الزواج هو نوع من العبث بأعراض المسلمين، والأصل فيها التحريم، فالله حرم العرض ولم يحله إلا بالطريقة التى سنها فى كتابه وفى سنة نبيه، وفقا لما استقر عليه علماء الإسلام فى كل عصر، ولا يوجد "ملك يمين" الآن فهو انتهى بعد أن أنهى الإسلام على كل صور الرق والعبودية، ومن تقول لرجل "ملكتك نفسى" يجب عليها أن تتوب إلى الله، لأنها لا تملك نفسها حتى تملك نفسها لغيرها، فهذه العلاقة تنافى الشرع والقانون لإيجاد علاقات غير سوية باسم الزواج، وعلاقة الزواج هى علاقة متينة لا عبث فيها ونذكر أن الرسول عندما وجد خروجا عن المألوف فيما يتعلق بالزواج والطلاق ورأى رجلا طلق امرأته بلفظ واحد، قال: "أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم".
وملك اليمين معناه أن تكون أمة مملوكة لشخص، ولا يوجد رق حاليا، هذه سيدة حرة، وتمليك امرأة معناه أن الأولاد الذين سيأتون منها سيأخذون حكمها فى الرق، أى إنجاب عبيد وخلق أجيال أذلاء، خاصة أن هذه العلاقات الآثمة أنتجت نحو 450 طفلا، يصارعون الحياة من إجل إثبات نسبهم..
وقد حذرنا من قبل، وحذر كل الوطنيين المخلصين من أن المؤامرة على مصر لا تتوقف عند حد أو صورة معينة، وأن شبابنا مستهدف لضرب قوته، وتحلله عن دينه، وعندها ستصبح مهمة المتآمرين على الوطن سهلة بعد أن يفقد الشباب عناصر قوته، وأسباب نبوغه، ثم تتحلل الأسرة المصرية، وتضعف قواها وهو ما ينصرف سلبا إلى الكتلة الكلية للمجتمع المصرى.
وعلى المجتمع ومثقفيه وعلماء الدين مواجهة هذه الظاهرة الكارثية التى تفت فى عضد الوطن المحاصر بالمتآمرين، والغارق فى أزمات اقتصادية نحاول عبورها إلى حيث التقدم والتنمية..
وأن ما أعلنته لجان تسوية المنازعات هو تلك الدعاوى التى وصلت للمحاكم بالفعل، وتقوم محاكم الأسرة بنظرها، مع القطع بأن هناك أرقاما كبيرة لم تصل للمحاكم بسبب إدراك البنت بالعار الذى يلاحقها بعد ما ارتكبت هذه العلاقة "الفضيحة"، لأن الشباب عندما يقدمون على هذا الفعل فإنهم لم يكونوا قد وضعوا فى تصورهم النتاج الأخير لهذه الزيجة وهو "الأولاد"،ثم تفيق البنت على كارثة فتهرول إلى المحكمة بعد تردد، أو تقبع ذليلة دون أن تتخذ أى إجراء يفضح سترها..
ثم يأتى نتاج هذه العلاقات الغريبة والشاذة وهو الأولاد، حيث رصدت مكاتب التسوية فى محاكم الأسرة عن 450 طفلا يبحثون عن نسبهم، وهو الأمر الذى نراه أن 450 قنبلة جديدة تسكن زوايا المجتمع المصرى وتهدد استقراره بسبب هؤلاء الأطفال وغيرهم من الأطفال الذين لم يتم الإعلان عنهم سيكونوا بالضرورة أطفالا مشوهة نفوسهم، ومريضة أفكارهم، وسيحملون نقمة وغضبا ضد المجتمع كله، وهو ما يعنى أزمات جديدة تنطلق إلى قلب المجتمع المملوء بالأزمات..
وفى ظل هذه الكارثة الخطيرة نلحظ غيابا لكل الجهات المنوطة – ولم يحضر فيها أحد - دون رأى يقطع بحرمة هذه العلاقة، فأين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر من هذه المصيبة ؟، وهو الذى يحمل على كاهليه مهمة الدفاع عن الإسلام فى كل بقاع الأرض، لماذا لم يخرج بيان من الأزهر الشريف يقطع بأن هذه العلاقة "زنا"؟؟...ونقول لفضيلة الدكتور أحمد الطيب"سنأتى يوم القيامة ونقول لك لقد أعلمناك بجريمة ترتكب فى ديننا، على أرض وطننا، وبقيت صامتا، والكارثة تتعاظم وتمتد وتنتشر بين شبابنا"، وسنقول لك ما قاله لك الرئيس فى معرض تكليفكم بإحداث ثورة فكرية فى تجديد الخطاب الدينى "سنحاججكم بمقالنا هذا أمام الله".
وأين فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية من فتوى حاسمة قاطعة لا لبس فيها ولا غموض أو مواربة، وهو الذى يصدر كل يوم من دار الافتاء المصرية مئات الفتاوى فى قضايا أقل أهمية، ويسكت أمام كارثة ترتكب فى حق الدين والمجتمع..؟
وأين وزارة الأوقاف المصرية وعلمائها من حملات التوعية التى يجب أن تجوب الجامعات، ومن فوق المنابر فى المساجد المنتشرة فى كل مكان؟..وندعوه أن تكون خطبة الجمعة القادمة وما بعدها فى كل أنحاء مصر عن الزواج فى الإسلام وشروطه وأركانه، وبيان أن هذا الزواج الذى يقال عنه أنه ملك يمين ماهو إلا "زنا"..
والجامعات المصرية التى فقدت اتصالها بطلابها، وصارت المساحة شاسعة بين الأساتذة والطلاب، وغياب الأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية، وهو ما يؤكده وتنبئ عنه تلك الكارثة التى سقطت على رؤسنا،فقد انتشرت المصيبة فى الجامعات وعلى رأسها جامعات محافظة القاهرة والإسكندرية ولم يسلم صعيد مصر من هذه المؤامرة الخبيثة عندما استشرت الظاهرة فى جامعة الفيوم وجامعة المنيا.. وهنا أدعو رؤساء الجامعات أن "يتقوا الله فى أولادنا ومستقبل مصرنا،ويخرجوا من مكاتبهم المكيفة الوثيرة ليلتقوا بطلابهم لإعادة اللحمة معهم"، وليكن شرط اختيار رئيس أى جامعة أن تكون لديه القدرة على التواصل مع الطلاب لقطع دابر أى مؤامرة قبل أن تستفحل وتتحول إلى ظاهرة خبيثة.
ورغم ذلك أيضا نجد مجلس النواب وقد دخل الغيبوبة، ولم ير أعضاؤه هذه الكارثة رغم أن السادة النواب لا يتوقفون عن الكلام فى كل صغيرة، وعندما تأتى الأزمة الكبرى يتوارون، دون كلمة واحدة أو بيان عاجل أو طلب إحاطة، أو مشروع قانون يجرم هذا الفعل بأغلظ العقوبات، أو غير ذلك من الأدوات الرقابية والتشريعية التى كفلها القانون والدستور للنواب.. ومازال البحث جاريا عن نائب منهم يدرك مخاطر الكارثة التى تهدد الوطن كله.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة