دأبت غالبية الصحف الأمريكية – بعد ثورة 30 يونيو – على انتقاد مصر، ونشر التقارير السلبية عن الوضع فيها، واعتادت على استيقاء معلوماتها المغلوطة من مراكز معلوماتية أو أشخاص موتورين حاقدين ، لديهم عداوة مع مصر وتوجه ضد الاستقرار.
وبعد الإجراءات الاقتصادية الأخيرة ، التى اتخذتها مصر فى سبيل برامج الإصلاح الاقتصادى، والخروج من عنق الزجاجة، وفتح آفاق واسعة للاستثمار وجذب رؤوس الأموال من الخارج، مما استلزم تعويم الجنيه والمناداة بضرورة أن يحصل على الدعم من يستحقه فقط ،كما تم تحريك سعر المحروقات، وهى الأمور التى استغلها البعض لمحاولة نشر الفوضى وبث الشائعات، بل والدعوة لنزول المواطنين إلى الشوارع يوم 11 نوفمبر، إلا أن الوعى الكبير لدى المصريين أفشل كافة الدعوات الهدامة، وخيب رهانات الموتورين والحاقدين على استقرار مصر، وأبدى المواطن المصرى تفهماً غير عاديا لجميع الإجراءات الاقتصادية التى قامت بها الحكومة للخروج من عنق الزجاجة الاقتصادية، وضرب نموذجاً رائعاً فى التحضر والثقة فى أن هذه القرارات لا بديل عنها.
ونظراً لثقل مصر الدولى، لم تفوت وسائل الإعلام العالمية هذه الأحداث بل تناولتها بشكل مكثف ، وكانت وسائل الإعلام الأمريكية فى مقدمة هذه الصحف ، ومن بينها صحيفة " وول ستريت جورنال " الاقتصادية الأمريكية التى أفردت مساحات كبيرة للأخبار والتحليلات المتعلقة بالشأن المصري ، كانت غالبيتها تستمد معلوماتها المغلوطة من جهات مشبوهة ، ومحللين حاقدين على مصر.
وانطلاقاً من الأهمية القصوى لتوصيل صوت مصر للمحافل الدولية والرد على كافة الافتراءات ودحض جميع الشائعات،حرصت الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي ، على نشر مقال بصحيفة "وول ستريت جورنال"، والتى طالما كالت الاتهامات ضد مصر وتناولت أوضاعها بصورة سلبية، ونظراً لأهمية ما تضمنته كلمات الوزيرة نعرض بعضاً مما ورد بها.. حيث قالت د. سحر نصر فى مقالها :
لا يغفل على الجميع أن مصر كانت تعاني من تحديات اقتصادية خطيرة منذ عام 2011. ما زاد الوضع سوءاً هو الادارة الاقتصادية غير المؤهلة في ظل حكم الاخوان المسلمين حيث تدنى معدل النمو الاقتصادي إلى حوالي 2% فقط.. لذا كانت المهمة الرئيسية التي تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي هي استعادة الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والوفاء باحتياجات المواطن المصري. ومع اتباع السياسات الحذرة بلغ النمو الاقتصادي حوالي الضعف بواقع 4.3% بين 2013 و2015، وانخفض العجز ليبلغ 11.7% من اجمالي الناتج المحلي مقارنة بـ13%.
وأردفت الوزيرة، "تدرك الحكومة الحالية أن مستقبل مصر يعتمد على تحقيق التطلعات الاقتصادية للمواطنين ورواد الأعمال المبتكرين دون فرض معوقات بيروقراطية.. إذ يعد تحقيق النمو عن طريق القطاع الخاص مسألة حيوية لإطلاق إمكانيات الدولة، وفي الوقت ذاته تعمل الحكومة على تحقيق الإصلاحات القانونية والتنظيمية اللازمة التى تكفل توفير مناخ اقتصادى جاذب للاستثمارات" .
ولتوضيح أهداف الإجراءات الاقتصادية الأخيرة قالت د. سحر نصر : "نهدف من خلال برنامج الاصلاح الاقتصادي إلى تحقيق معدل نمو بواقع 6% وخفض عجز الميزانية إلى 10% والدين العام إلى أقل من 88% من اجمالي الناتج المحلي بحلول 2018. هذا بالاضافة إلى تحرير سياسة الصرف الأجنبي ورفع أسعار الوقود، كما أدخل البرنامج ضريبة القيمة المضافة وترشيد الدعم على الغذاء" .
وبنظرة فاحصة فيما نشرته " وول ستريت جورنال " على لسان وزيرة التعاون الدولي المصرية، يتبين عدة أمور لعل فى مقدمتها تغيير اللهجة والسياسة الإعلامية التى انتهجتها الصحيفة طوال الفترة الماضية ضد مصر، فالصحيفة كانت دائمة الهجوم على مصر والتشكيك في كل سياساتها الإصلاحية..إلى أن جاءت كلمات الوزيرة لتمثل خطوة بالغة الأهمية لمخاطبة الرأى العام العالمى باللغة التي يفهمها وهي لغة الحقائق والأرقام مما قطع الطريق على تلك الصحيفة وغيرها لتقديم صورة مغايرة عما يجري في مصر.
ولهذا التغير أهمية قصوى في توضيح حقيقة الأوضاع وتشجع الاستثمارات في مصر، كما أنه يعكس اهتمام الوزيرة غير المحدود بتحسين علاقات مصر بالعالم عبر تقديم صورة إعلامية صادقة بدون تشويه أو تزييف للحقائق وهذا في حد ذاته يعطي بارقة أمل في أن هناك روح جديدة بدأت تدب في الحكومة شعارها التفكير خارج الصندوق وهذا داعم أساسي في جميع برامج الإصلاح الاقتصادي وعنصر قوة في مواجهة التحديات الكبرى التي تواجه ليس مصر فحسب بل المنطقة بأسرها.
ولعله ليس من قبيل الصدفة أن تصدر الخارجية الأمريكية تقريرها الحديث الذي وضع مصر في تصنيف الدول الأكثر أمناً لقضاء عطلات واحتفالات العام الجديد .. بما يتضمنه ذلك من شهادة تقدير للدور الذي تلعبه مصر في محاربة الإرهاب وتوفير الأمن والأمان لجميع زوارها مما يستتبعه عودة النشاط السياحي لمصر في غضون الأيام القريبة القادمة .
وفى النهاية ،إذا أردنا أن ندفع عن أنفسنا الشائعات وندحض الاقتراءات ، فعلينا أن نخاطب الخارج بلغته ، وأن يكون كلامنا مدعم بالبراهين والأدلة والحقائق ، فلغة الأدلة والحقائق يفهمها جمسع البشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة