بعد فوز «ترامب» الشعب الأمريكى يعيش نفس المرارة التى عاشها المصريون عقب فوز «مرسى»
تعالوا نسمى الأمور بأسمائها الحقيقية، دون تضخيم، أو تسفيه، وباستخدام لغة محترمة، كلماتها لا تعرف لقاموس السفالة والانحطاط، طريقا.
خلال السنوات الست التى أعقبت ثورة 25 يناير 2011، عشنا فى حالة انبهار بكل شىء، وكأننا كنا نعيش فى صحراء مظلمة، وجرداء خاوية من كل وسائل الحياة، وفجأة انتقلنا إلى صخب وأضواء المدينة المبهرة و«المزغللة» للعيون، فانغمسنا فى الملذات دون تفكير جدى ومنطقى فى العواقب والنتائج. من بين حالات الإبهار الشديدة، التى زغللت أعيننا، وأصابت البعض بعمى فى «البصر والبصيرة» الإعجاب المفرط بالتجربة الديمقراطية الغربية والأمريكية، وبدأ النشطاء واتحاد ملاك يناير، يعتلون منابر الدعوة والتبشير لهذه الديمقراطية والحرية، واعتبار أن قمة الحريات الخروج فى مظاهرات ومليونيات، يحملون المولوتوف، لإشعال الحرائق وهدم المنشآت، واستعداء الجيش، والشرطة والقضاء، وكل مؤسسات الدولة.
ورأينا الإدارة الأمريكية ومن خلفها بريطانيا وألمانيا وقطر وتركيا، توظف حالة الانبهار لصالحها، وتتدخل فى كل كبيرة وصغيرة فى الشأن الداخلى المصرى، وأصبحت القاهرة مسرحا لكل أجهزة الاستخبارات العالمية، تجند ما تشاء، وتؤجج الأوضاع، وتعبث بالأمن القومى المصرى، مستغلة حالتى الفوضى، والانبهار، وجاءت ثورة 30 يونيو، لتعيد مصر المنهكة، والمسلوبة إراديا، التى تتهاوى بسرعة الصاروخ نحو السقوط فى الهاوية، فخرج أوباما و«ذيوله» يدينون بقسوة وعنف مساندة الجيش للشعب فى ثورته، وينفخون فى الكير بشعارات ثبت بالدليل القاطع، كذبها، مثل أن الجيوش تقبع فى ثكناتها فقط، وتحمى ولا تحكم، وسار المبشرون والدعاة الموكلون من البيت الأبيض على نفس نهج الترويج لمثل هذه الشعارات. كما جعلوا من حقوق الإنسان والتركيز على الحق فى المظاهرات والشتيمة ومعاداة المؤسسات، مطية للتدخل والإجهاز على مصر، ثم فوجئنا بقرارات وقوانين ديكتاتورية، من أمريكا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وتركيا عقب وقوع بعض العمليات الإرهابية على أراضيهم، وظهر الجيش فى الشوارع وأصاب الخرس الجميع ولم ينبس بكلمة واحدة حول حقوق الإنسان.
ووصل الأمر مداه، فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة، التى فاز بها دونالد ترامب، حيث غضب البيت الأبيض، واهتزت أركان حجراته وقاعاته بكل قوة، وخرجت المظاهرات فى الشوارع تطالب بإلغاء الانتخابات، وسط تأييد ودعم من وسائل الإعلام والمراكز البحثية والاستراتيجية، ونسأل هنا، سؤالا لوذعيا حلزونيا، أين ديمقراطية واحترام إرادة الصناديق التى قرفتونا بها بعد 30 يونيو عندما خرج 33 مليون مصرى للشوارع وأزاحوا الإخوان من الحكم؟ وتتصاعد أحداث المسرحية الديمقراطية الأمريكية الهزلية، لتصل إلى ذروتها خلال الأيام القليلة الماضية، وتحديدا يوم الاثنين الماضى، عندما فاجأنا باراك أوباما، «هادم اللذات ومفرق الجماعات» بتصريح «مسخرة» حيث قال: إن الجيش الأمريكى ليست مهمته حماية الحدود فقط، وإنما أيضا الدفاع عن القيم الأمريكية، مضيفًا: «اعتقد أن هذا الشىء يجب أن نقف بعض الوقت للتفكير فيه». ونعيد طرح الأسئلة اللوذعية اللولبية الحلزونية، هو حضرتك يا سيادة الرئيس الأمريكى هادم اللذات ومفرق الجماعات لماذا هاجمت الجيش المصرى فى 30 يونيو عندما حمى «القيم المصرية» وأنقذ البلاد من الاختطاف على يد جماعات متطرفة؟ أوباما لم يكتفِ فقط بالتلميح لتدخل الجيش، وإنما وجه تحذيرا للرئيس المنتخب دونالد ترامب عندما قال له نصا: «إذا لم تكن جاداً بشأن هذه الوظيفة فربما لن تبقى فى منصبك فترة طويلة لأن هذا من شأنه أن يكشف النقاب عن المشكلات». والآن نقولها وبكل قوة، على المصريين أن يستفيقوا نهائيا وبسرعة من حالة الانبهار بالحريات الأمريكية والأوروبية، والتأكيد على أن هؤلاء يعملون بمبدأ: «يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم»، كما نوجه رسالة للنشطاء والحقوقيين ونخب العار، لماذا لم نسمع لكم صوتا أو رد فعل على شعار آلاف الأمريكان: «يا حرية فينك فينك المارينز بينا وبينك»، وهل أصابكم الخرس، بعدما تكشفت حقيقة فساد تجاراتكم المستوردة والمغشوشة والمتعفنة من أمريكا؟
الحقيقة أن الشعب الأمريكى، وبعد فوز «ترامب» يعيش نفس المرارة التى عاشها المصريون عقب فوز المعزول «محمد مرسى»، إنه قصاص السماء ياسادة!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة