لو كان فيديو جثة مجدى مكين، بائع السمك الذى لقى حتفه فى الأميرية صحيحا، لأوجب إنزال أشد العقاب بالضابط الذى نكل به، وأن تتبرأ منه وزارة الداخلية وتطهر ثوبها من أمثاله، وأن يساق إلى محاكمة سريعة، وتقدم الحكومة الاعتذار لذويه، فهذا الوطن العظيم يجب أن يبرأ تمامًا من داء التعذيب، وأن ترتفع كرامة الناس عالية فى السماء، ولا يلحق بهم ضررًا معنويًا أو جسديًا، ولا أريد تكرار عبارات ليس مجالها الآن، حول تضحيات الشرطة وشهدائها، فالجريمة لو كانت صحيحة لا تمسهم ولا تعبر عنهم، ويتحمل مرتكبها مسؤوليتها.
ولو كان الفيديو غير صحيح ومزيف ومفبرك، فنحن أمام محاولات إجرامية جبانة، لاستنساخ كليبات تعذيب مثلما كان يحدث قبل 25 يناير، لإفساد العلاقة بين الشرطة والشعب، فى وقت نحن أحوج فيه للحفاظ على العلاقات الطيبة، لمواجهة الإرهاب عدو الوطن كله، ولن يتم إفساد مفعول المؤامرة، إلا بإعلان الحقائق على الرأى العام فى أسرع وقت، وكما لم تهتز شعرة لمؤسسة القضاء العريقة، بعد ضبط قاضى الحشيش فى نفق أحمد حمدى، لن تختزل تضحيات رجال الشرطة، فى سلوك فردى شاذ لو أثبتت التحقيقات مسؤولية الضابط عن الجريمة.
الضحية مجدى مكين، هو مواطن مصرى قبل أن يكون مسيحيًا، وإظهار الحقائق يهم المصريون جميعًا دون النظر لديانة أو عقيدة، ومن العبث أن يحاول البعض إخراج القضية من هذا السياق، وإشعالها بنزعات طائفية، فلا علاقة للأديان بما حدث، ولم تنته النيابة العامة من تحقيقاتها، وهى الجهة المحايدة والأمينة، ولا مصلحة لها إلا تحقيق العدالة، وإعلاء شأن القانون وإعماله على الكبير قبل الصغير.
كنت أتمنى أن يكون لدى قدر من المعلومات، يسمح لى بوضع النقاط على الحروف بشكل أوضح، وحتى يحدث ذلك ونطمئن لأن العدالة ستفصل فى اللغط الدائر، يجب التأكيد على بعض الثوابت، وأهمها أن وزارة الداخلية ليس من مصلحتها أن تحمى منحرفًا، إذا أثبتت التحقيقات مسؤوليته، وسوف تجرده من بذلته ورتبته، وتطهر صفوفها من كل من يسىء إليها.. وثانيا يجب ألا تنسينا زحمة الأحداث أن تفعيل تحسين العلاقة بين الشرطة والناس، يحتاج جرعة تنشيط من وقت لآخر، وأن تُزال الجفوات الصغيرة أولًا بأول، فقد تنفسنا الصعداء بعودة الأمان للشارع المصرى، وهو إنجاز كبير لا يجب أن تفسده أعمال غير مسؤولة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة