عاد بنا الزمن مرة أخرى فى القرن العشرين وأصبحنا نرى دعوات "الخلافة الإسلامية" بل ونراها رأى العين فى تنظيم داعش لكننا رأيناها شيئا وحشيا مضرجا بدماء الأبرياء، من هذه الجزئية انطلق الكاتب شريف حامد فى كتابه "الاستثناء الإسلامى.. كيف يعيد الصراع على الإسلام شكيل العالم" الصادر باللغة الإنجليزية فى رصد نحو 14 قرنا من التاريخ الإسلامى الذى كان يتحرك تحت غطاء "الخلافة الإسلامية".
يبدأ شريف حامد، والذى يعمل بمركز سياسة الشرق الأوسط فى معهد بروكينجز فى كتابه قائلاً: فى وقت سابق هيمن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على عناوين الصحف العالمية، وحينها أصبح شبح الخلافة الإسلامية أمرا مطروحا بسهولة وخاضعا للنقاش فى كثير من الدوائر المهتمة بالشأن السياسى العالمى.
وفى قراءة للتاريخ القريب أكد "حامد" أن معظم المسلمين، وهو واحد منهم، تربوا على أنهم جزء من هذا التاريخ الذى يعد الخليفة أحد أسسه، فكل شخص لديه معرفة بما يسمى "القائد التقى"، وذلك عندما نجح النبى محمد (عليه السلام) فى تأسيس مجتمع دينى معتمد على رسالة الإسلام، ثم جاء من بعده الصحابة أبو بكر وعمر الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن ابى طالب، والذين تربطهم علاقة وثيقة بالنبى، فأسسوا ما يمكن أن نطلق عليه إمبراطورية إسلامية ووقتها عرفت الخلافة بمفهوم آخر باعتبارها قيادة لترتيب عادل للمجتمع الإسلامى وفقا لإرادة الله.
لكن مفهوم الخلافة بعد ذلك أصبح به الكثير من التنوع والتعقيد والتطورات وفقا لمتطلبات الزمان والمكان، وبعيداً عن الواقع الإسلامى المرير والقاسى، فإن الخلافة فى العصر العباسى فى الوقت ما بين 750 إلى 945، استطاعت حصد التقدم العلمى وصناعة ازدهار ثقافى وفكرى مميز.
واستعان الكاتب بالعديد من الدراسات البحثية، واسترشد بالقرآن والأحاديث والبحث الفلسفى المتمكن.
وفى نهاية الكتاب يوضح المؤلف مدى ارتباط الإسلام بالسياسة، ومدى الآثار العميقة التى تحاول فهم مستقبل الشرق الأوسط، إضافة إلى أنه رصد الانقسامات التى أصبحت بين المواطنين ليست فقط حول السلطة، ولكن حول طبيعة الغرض من الدولة الأمة.
ويسلط "حامد" الضوء على المشكلة الشائكة الحديثة التى تم إدخال الدين فيها عنوة فى الحياة العامة فيتوقف كثيرا عن "داعش" الذى يعتبر مثالا مرعبا ومثيرا للقلق، ويرى أنه يقدم فهما جديدا عن الإسلام السياسى وعن مشكلة الدين والدولة.
ويبين "حامد"، أن دخول الكبير لعدد كبير من المتأسلمين يمكن أن نرى الصورة البانورامية حول تدفق الجماعات الإرهابية ومدى العنف الذى يعم فى هذه المناطق التى تسيطر عليها.
وكتاب "الاستثناء الإسلامى" يعد مساهمة مهمة فى فهم التطور الذى أصاب الجماعات الإسلامية فى الوقت الماضى وللحاضر وأيضا، ويسلط الضوء على مدى تأثيره ودوره فى السياسة الحديثة، فالكتاب يقدم دليلا على أن الإسلام دين وفكرة، وسيظل قوة ليست فقط فى دول الشرق الأوسط، ولكن فى الغرب ولعقود قادمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة