تشير البيانات الصادرة عن اتحاد الصناعات، إلى أن هناك 10 مناطق صناعية فى 6 محافظات مصرية غير مقننة الأوضاع، تضم نحو 6509 مصانع وورشة، باستثمارات تصل إلى نحو 48 مليارا و210 ملايين جنيه، ويعمل بها نحو 451 ألفا و159 عاملا، ورغم ذلك لم تبد الحكومة أى استعدادات لتقنين أوضاعها، أو الالتفات إليها، أو لمنتجاتها أو العاملين فيها، على الرغم من العائد الرهيب الذى سيعود على الحكومة من بيع تلك الأراضى، إلى جانب عوائد الضرائب والتأمينات، ودخول تلك المنشآت فى الاقتصاد الرسمى للدولة.
بحسب البيانات الصادرة عن اتحاد الصناعات، فإنه من بين المناطق الصناعية غير المقننة الأوضاع «منطقة شق التعبان بالقاهرة، ومنطقة عرب أبوساعد بجنوب الجيزة، والمنطقة الصناعية بالعراكشة بمحافظة القليوبية، ومنطقتا الكوم الأخضر، واللبان بمحافظة الجيزة، ومنطقة بساتين الإسماعيلية «الزوامل» الواقعة بمحافظة الشرقية مدينة بلبيس»، وتعمل أغلبها فى إنتاج الصناعات المعدنية، والمنسوجات، ولعب الأطفال، والمسابك «درفلة المعادن»، وصناعة الألمونيوم، ومواد البناء، والرخام والجرانيت.
2000 مصنع بشق التعبان
يقول المهندس سيد البدوى، رئيس جمعية مستثمرى شق الثعبان، إن منطقة شق التعبان، تعد واحدة من أضخم المناطق الصناعية غير المقننة الأوضاع على مستوى محافظة القاهرة، حيث تضم نحو 2035 مصنعا وورشة، إلا أنه من أهم المشاكل التى تعانى منها المنطقة عدم تقنين وضع اليد للأراضى المقام عليها المصانع، وأنه من بين عامى 1997 و2000 لم يقنن وضع سوى 241 مصنعا وورشة، بعد إصدار محافظ القاهرة القرار رقم 1586 لتقنين عمليات وضع اليد للمصانع والورش بمنطقة شق الثعبان، وخلال الفترة من 2000 حتى 2006 لم يتم تقنين أوضاع سوى 100 مصنع، ليصل إجمالى المصانع المرخصة بالمنطقة 341 مصنع فقط.
ويؤكد محمود حسن، صاحب ورشة رخام، أنه قام ببناء ورشته على مساحة 715 مترا مربعا عام 1997، وتقدم لمحافظة القاهرة بطلب تقنين وضع يده عام 2002، وبعد تشكيل المحافظة لجنة لدراسة الطلب وطلبات أخرى تم تقديمها فى نفس الوقت، أقرت اللجنة بعد الدراسة بأنه لا مانع من تقنين الوضع، وصدر قرار من المحافظة بذلك فى عام 2009، وعلى الرغم من ذلك لم يصدر من المحافظة قرارات إزالة للورش، وتوقف التقنين لواضعى اليد بالمنطقة دون إبداء الأسباب، وعادة ما يكون رد إدارة المنطقة الجنوبية للمحافظة «أن الأرض المقام عليها المصانع مملوكة لشركة المؤسسة المصرية العامة للإسكان والتعمير، والتى كلفت شركة المعادى للتعمير والتشييد بتجهيز أرض شق الثعبان تمهيدا لبناء مساكن، فى الوقت الذى وصل فيه عدد المحاضر المحررة خلال الشهور الأخيرة بحق المصانع بالمنطقة إلى 100 محضر، 30 منها قرارات بإزالة نهائية.
ويقول المهندس محمد سناء، مدير الدعم الفنى لنائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، إن المحافظة بدأت فى تقنين أوضاع الصناع بمنطقة شق الثعبان بعد قرار المحافظ فى 22 أبريل الماضى، مضيفا أن المحافظة من خلال اللجنة الفنية لتلقى الطلبات، استقبلت نحو 430 طلبا حتى الآن من إجمالى 2035 مصنعا وورشة بالمنطقة، مشيرا إلى أن مشكلة تقنين أوضاع المنطقة قائمة منذ عام 1997، ولم تفعل قرارات أى جهة رسمية بشأنهم حتى الآن، وأن محافظ القاهرة يولى هذا الملف اهتماما كبيرا، نتيجة العائد الكبير من التقنين نتيجة بيع الأرض، وبالإضافة إلى متحصلات الحكومة من الكهرباء والمياه، والتأمينات والضرائب المهدرة، بالإضافة إلى تشغيل العمالة، وتحفيز وتشجيع الاستثمار، خاصة أن المنطقة حاليا تقدر استثماراتها بنحو 15 مليار جنيه حاليا، بالإضافة إلى تشجيع حركة التصدير التى تقدر بنحو مليارى جنيه سنويا، مشددا على أن هذه الأرقام ستتضاعف فى حال تم تقنين أوضاع المصانع بالمنطقة.
ويرى سيد البدوى، رئيس جمعية المستثمرين بالمنطقة، أن الأمور تسير ببطء شديد، معبرا عن تخوفه من أن تكون هذه اللجنة مثل التى سبقتها فى عام 2009، والتى أوصت بعدم الممانعة فى تقنين وضع اليد لأصحاب المصانع المقامة بالمنطقة، لكن قراراتها لم تفعل، مشيراً إلى أن تقنين أوضاع المصانع بشق التعبان سيدر عائدا على الحكومة لن يقل عن مليارى جنيه سنويا.
يقول محمود ياسين، صاحب مصنع رخام وجرانيت: «إن مصانع الرخام والجرانيت بالمنطقة تستخدم الكهرباء بكثافة عالية لتشغيل مناشير تقطيع الرخام والجرانيت، ما يجعلها تحتاج إلى كم كبير من الأحمال الكهربائية للتشغيل، وهو ما أدى إلى قيام أصحاب العديد من المصانع بتوصيل الكهرباء بالمخالفة، وتلجأ شرطة الكهرباء لهم باستخدام نظام الممارسة، وهو نظام متعارف عليه للمبانى والمنشآت المخالفة التى لا يجوز تركيب عداد كهربائى لها لعدم ملكيتها للأرض المقام عليها المبنى، بحسب عدد من فواتير الكهرباء، فإن استهلاك الكهرباء لمصانع رخام كهرباء يتجاوز 40 ألف جنيه شهريا، بالنسبة للمصانع التى تم تقنين أوضاعها، أما باقى المصانع والورش التى لم توفق أوضاعها فتدفع نحو 3 آلاف جنيه شهريا فقط كقيمة تقديرية للاستهلاك، مما يهدر حق الحكومة.
عرب أبوساعد
ويقول مسعد الشاذلى، رئيس جمعية صناع الطوب بمنطقة عرب أبوساعد بمحافظة الجيزة: «إن جمعية صناع الطوب طالبت من خلال غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، بتقنين أوضاع أصحاب المصانع بمنطقة أبوساعد حتى تستفيد الحكومة من تحصيل الرسوم والضرائب المهدرة، ويستفيد صاحب المصنع من العمل والإنتاج دون تهديد بالغلق، مشيرا إلى أن المنطقة تضم أكثر من 1000 مصنع وورشة، بينها 350 مصنع طوب، تتراوح مساحة المصنع الواحد من 5 آلاف متر إلى 40ألف متر مربع، ويبلغ الحد الأدنى لإنتاجها اليومى نحو 700 ألف طوبة، وهو ما يصل لنحو 21 مليون طوبة شهريا.
وأضاف الشاذلى، أن منطقة أبوساعد تم إنشاؤها مطلع الثمانينيات بشكل فردى على أرض تابعة لولاية إدارة الأملاك بالإصلاح الزراعى، وتوقفت الأملاك منذ سبع سنوات عن تقنين وضع المصانع وعن تقدير قيمة الأرض المقام عليها المصانع وبيعها، على الرغم من مطالبات الصناع بذلك، وفى 16 أكتوبر من العام الماضى، اجتمعت اللجنة العليا لتثمين أراضى الحكومة بالهيئة العامة للإصلاح الزراعى، وقامت بحصر أولى للأراضى المقام عليها المصانع بالمنطقة، وتحديد قيمة إيجاريه 12 جنيها على كل متر مربع يدفعها واضع اليد سنوياً.
«ويؤكد إبراهيم أبوغريب أحد أصحاب مصانع الطوب الطفلى بمنطقة عرب أبوساعد، أنه يقوم بدفع 120 ألف جنيه إيجارا لهيئة الأملاك على مصنعه المقام على مساحه 10 آلاف متر مربع كل سنة، إلى جانب أجور العمال والمواد الخام، مطالباً هيئة أملاك الحكومة التابعة لوزارة الزراعة بتقنين وضعة، مشيرا إلى أن مصنعه مهدد بالإغلاق وتشريد العمالة، علاوة على عدم قدرته على إبرام عقود مع جهات حكومية، لعدم ملكيته لأوراق تثبت حقه فى أرض المصنع، ما يجعله يقوم بالحصول على الأعمال الحكومية من الباطن، عبر مصانع مرخصة.
70 ألف مصنع غير شرعى تهدر مليارات سنويا
ويقول محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات: «إن هناك العديد من المناطق الصناعية غير المقننة الأوضاع تهدر مليارات الجنيهات من الضرائب المستحقة للدولة، إلى جانب حقوق التأمينات الاجتماعية المهدرة للعمال، علاوة على عدم دفع القيمة الحقيقية لفواتير الكهرباء، مشيرا إلى أن عدد المصانع التى تعمل خارج نطاق الشرعية يصل لنحو 70 ألف مصنع، تتوزع فى عدد كبير من المناطق بالجهورية، من بينها مصانع بمنطقة مسطرد، والمرج، والخانكة بالقليوبية، وشطا بدمياط، والزوامل بمنطقة بلبيس بالشرقية.
ويؤكد هانى المتولى، صاحب مسبك لإنتاج قوائم المصاعد الكهربائية بمنطقة بساتين الإسماعيلية «الزوامل» بمحافظة الشرقية، أن أصحاب المصانع والورش التى تعمل غالبيتها فى مجال الصناعات الحديدية والمسابك «درفلة الحديد» بالمنطقة، يطالبون محافظة الشرقية بتقنين أوضاع مصانعهم، حتى تنتفع الحكومة من الرسوم المقررة على أصحاب المصانع، والدخول ضمن الاقتصاد الرسمى للدولة، ويتمكن صاحب المصنع من إبرام تعاقدات مع جهات حكومية، مشيرا إلى أن عدم تقنين أوضاعهم منعهم من تركيب محاسبة الكهرباء طبقا للاستهلاك والتعامل بنظام الممارسة كل ثلاثة أشهر، علاوة على عدم تمكنهم من استكمال أعمال الحماية المدنية، ما يعرض استثماراتهم للخطر، مشيرا إلى أن محافظة الشرقية وعدتهم أكثر من مرة بتقنين وضع مصانعهم ولم يحدث حتى الآن.
ويقول مجدى خليل، رئيس مجلس مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية: «إن منطقة الزوامل تضم نحو 800 مصنع، من بينها 250 مصنع متوقف تماما عن العمل، وإن المنطقة تنتظر قرارا من المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، لتحويلها إلى منطقة صناعية، وتقنين أوضاع المصانع واسترداد مستحقات الدول، مشيرا إلى أن التقنين سيرفع أعداد المصانع بالمنطقة إلى نحو 1000 مصنع، تستوعب نحو 20 ألف عامل، وسترتفع الاستثمارات إلى نحو 15 مليار جنيه بدلا من 4 مليارات قيمة الاستثمارات الحالية بالمنطقة، مؤكدا أنه فور صدور القرار سيتم البدء فى تقنين الأوضاع، وإصدار التراخيص، وتوصيل الكهرباء، واستكمال المرافق والطرق للمنطقة.
التأمينات المفقودة
ويرى الدكتور سامى نجيب، الخبير التأمينى واستشارى التأمين بالمجلس الأعلى للجامعات، أن التأمين على العاملين لا يرتبط بمدى قانونية المنشأة التى يعمل بها من عدمه، موضحا أن عدم اشتراك المنشآت بالتأمينات كليا يعتبر جريمة اقتصادية واجتماعية، خاصة أن الاستفادة من أموال التأمينات يعتبر مصلحة متبادلة بين العامل والحكومة، مؤكدا أن وجود 6509 مصانع تضم نحو 451 ألفا و159 عاملا يعنى حرمان الحكومة من مبلغ 866.225.280 مليون جنيه سنويا، لافتا إلى أنه، وبحسب مصدر من الهيئة القومية للتأمينات الاجتماعية، فإن الهيئة تقوم بعمل حصر للمصانع المتهربة من سداد قيمة التأمينات الاجتماعية على عمالها، حتى لو كانت هذه المنشآت غير مرخصة أو مقننة وضعها، وذلك من خلال مكاتبها فى المحافظات والمراكز، لحثهم على الدخول فى التأمينات، حفاظا على حقوقهم المجتمعية، مشيرا إلى أن الهيئة حتى بعد عملية الحصر لا تمتلك رقما مؤكَداً عن أعداد العاملين بمنشآت غير مقنن وضعها.
الضرائب الضائعة
ويقول مصدر بمصلحة الضرائب: «لا يوجد لدينا حصر بأعداد المصانع غير المقننة، وإن مأموريات الضرائب تقوم بتشكيل لجان لمعاينة المصانع بالمناطق الصناعية غير مقننة الوضع لحساب معدل دوران العمل، وصافى الربح الخاص بكل مصنع، علاوة على حساب الشريحة الضريبية التى يخضع لها ومحاسبته ضريبياً، مشيرا إلى أن تلك المصانع عادة لا يوجد لديها فواتير مبيعات رسمية، وحتى الرسمية لا تكون تقديرات صافى الربح فيها حقيقية للتهرب من الاستحقاق الضريبى على صافى الربح الرسمى».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة