سامحنى لأنى لم أنشغل خلال الفترة الماضية بعجائن «إلهامى عجينة»، وخناقات موت شيمون بيريز، ولا أى قضية من تلك القضايا التى أعتبرها حطبا فى حريق دائم للعقل والفكر والحلم، فللأسف حينما تهاجر العقول المنيرة لا يتبقى فى الوطن سوى آفاته، وحينما ننفض عنا كل فكر حر يصبح التكلف سمة بارزة، والمزايدة سبيلا وحيدا، ثم يفيق المجتمع بعد فوات الأوان ليكتشف أن القبح صار عادة، واختلال التوازن صار مرضا مزمنا، فيتمادى البعض فى الكراهية، ويحترف البعض الآخر مهنة التزايد، فلا نكاد نفرق بين الملائكة والشياطين، ولا الغث ولا الثمين.
يكفى فحسب أن أذكر لك أن «عجينة» هذا لم يكن ليظهر فى مصر لو أن علماء السياسة والاقتصاد المصريين الذين يملأون العالم الآن ومن أبرزهم «نعمت شفيق» أول عميدة لكلية الاقتصاد بلندن، ظلوا فى مصر، ويكفى أيضا أن أقول لك إن إسرائيل لم يكن مقدرا لها أن تكون بقوتها الحالية لولا هجرة أفضل العقول إليها، فانظر لترى المأساة الحقيقية، ودعك من كل ما يثير بضوضائه زوابع الدخان فلا نرى إلا بحر السموم الذى نصارع أمواجه مندهشين، بينما نربى فى أحضاننا آلاف الأفاعى.
والحل؟
الحل هو أن تعود مصر إلى سابق عهدها، تقتطع من قوتها من أجل تنمية أبنائها وتعليمهم، الحل فى أن تفتح مصر أبواب الوصول لأبنائها فى الخارج، وأن تفتح أيضا نوافذ المعرفة لأبنائها فى الداخل، فنأتى بالعلماء المتخصصين المجيدين ليعلموا أبناءنا فى المعاهد والجامعات، ونبعث أبناءنا إلى الخارج ليحصلوا على أجدى العلوم والخبرات، وفى ذات الوقت نحاول استقطاب أبناء مصر الذين حققوا مجدا عالميا وصاروا علامة فارقة فى تخصصاتهم، على أن نبدأ بالنابغين من أبناء مصر الذين يبدون استعدادا كبيرا للعودة إلى بلدهم من أجل الإسهام فى رفعته ونمائه، وسأضرب لك هنا مثالين كبيرين، الأول هو الفنان التشكيلى وعالم الخط الدكتور أحمد مصطفى، الذى تملأ لوحاته أكبر وأهم متاحف العالم، والذى أتوقع أن يلبى نداء مصر فى أى وقت تنادى، والثانى هو الفنان رمزى يسى الذى صار علامة فارقة فى الموسقى العالمية، ولكى لا يصبح استقدام هؤلاء أشبه بزرعهم فى متاهة، أقترح أن يتولى كل فنان منهما مشروعا تنويرا تعليميا، الأول فى تشكيل الحرف العربى، والثانى فى تعليم الموسيقى لأبناء الصعيد، وهو الأمر الذى أعلن «رمزى يسى» عن رغبته فيه عبر أحد الأفلام الوثائقية.
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصيل
الانحطاط
مهما كانت عيوبنا لا نقبل هذه القذاره وهذا الانحطاط