يعيش الاقتصاد المصرى أوضاعا صعبة فى الفترة الحالية بعد الظروف السياسية المضطربة التى مر بها خلال الفترة السنوات الأخيرة الماضية، لذا يحلم الجميع بانطلاقة جديدة، وربما لن تحدث تلك الدفعة إلا من خلال استثمارات أجنبية متنوعة على الأراضى المصرية.
"اليوم السابع" حاول التعرف على أحوال عدد من الاستثمارات الأجنبية فى مصر خلال الفترة الأخيرة، ورؤيتهم للأوضاع، وكذلك نظرتهم لمستقبل الاقتصاد المصرى، ومدى قدرته على التعافى على مدار الشهور المقبلة.
أكد وى جيان كينج الرئيس التنفيذى لشركة تيدا الصينية، أن هناك تطورا إيجابيا فى مناخ الاستثمار بمصر، إلا أنه مازالت هناك بعض التحديات خاصة أمام الاستثمارات الجديدة، مضيفا أن أبرز تلك التحديات خاصة بالنسبة للمستثمرين الصينيين وهى "الاستعلام الأمنى".
وأشار كينج، إلى لقاء عقده رئيس هيئة الاستثمار محمد خضير مؤخراً، مع المستثمرين الصينيين للتعرف على مشاكلهم بمصر، وكانت أبرز تلك المشاكل هى مشكلة الاستعلام الأمنى، والذى يأخذ فترة تتراوح من 4-5 أشهر لصدوره، فى المقابل فأن المستثمرين من الجنسيات الأخرى لا يأخذون نفس الفترة.
وقال وى جيان كينج، فى حواره لـ"اليوم السابع":"أنا أعلم أن الرئيس السيسى لكى يشجع جذب الاستثمار أنشأ المجلس الأعلى للاستثمار برئاسته، كما أعلم أن الرئيس يحاول تيسير إجراءات التراخيص وإنهاء مشاكل المستثمرين، ولذلك واثق من حلها..وهو يعتبر قدوتى".
وعن رأيه فى قانون الاستثمار الجديد، أكد وى كينج، أنه يجب أن يتضمن القانون تعديلات جوهرية لجذب الاستثمار، وحل المشكلات المتعلقة بالاستعلام الأمنى وتسجيل الأراضى، متمنيا أن يصدر القانون فى أسرع وقت، على أن يشمل حلول لكافة المشكلات.
وحول مشكلة رفع نسبة الضرائب بالمشروعات العاملة بقناة السويس، أوضح كينج، أن قانون المناطق الحرة المنظم للمنطقة، كان ينص على أن نسبة الضرائب على الدخل تبلغ 10% فقط، وهو ما كان يمنح المنطقة ميزة تفضيلية فى مقابل تطبيق نظام حق الانتفاع بالنسبة للأراضى، إلا أنه بعد ذلك ارتفعت نسبة الضريبة إلى 22.5%، وبذلك فقدنا المزايا التفضيلية للاستثمار بقناة السويس.
وفيما يتعلق بتأثير ارتفاع نسبة الضرائب على جذب المستثمرين لمنطقة تيدا، لفت إلى أن فقد المحور للميزة التنافسية الخاصة بنسبة الضرائب قلل من تنافسيتها أمام المناطق المنافسة سواء بأفريقيا فى كينيا أو إثيوبيا أو المناطق المشابهة حول العالم فى بورما أو إندونيسيا، والتى تمنح مزايا تفضيلية متنوعة وليست ضريبية فقط، كما أنه يؤثر على ثقة المستثمر بشأن عدم استقرار القوانين فى مصر.
وأضاف أن الدكتور أحمد درويش رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، متفهم جداً لتلك الامتيازات الضريبية، ويحاول حلها إلا أنه يعلم أن مثل تلك القرارات تمر بجهات عديدة حتى يتم الموافقة عليها بالبرلمان، ولكنه يتمنى أن تأخذ وقتا أقصر لجذب الاستثمار.
وأوضح كينج، أن حجم الاستثمارات الصينية خارج بلاده بلغت نحو 126 مليار دولار فى عام 2015، وبلغ نصيب مصر منها 200 مليون دولار فقط، وهو دليل على أن المستثمر الصينى أمامه اختيارات كثيرة جداً، ولذلك فى مصر لابد أن تكون هناك مزايا تفضيلية وتنوعية تجذب بها المستثمر الصينى والذى لديه استثمار جديد دائماً.
وحول رأيه فى مشروع قناة السويس، علق قائلا:"مشروع تنمية قناة السويس، مشروع عظيم، ووضعت خطة ممتازة جداً لتنميتها، كما أن المشروع يعد نقطة التقاء مع مشروع الصين لإحياء طريق الحرير".
وحدد كينج، أبرز المزايا التنافسية لمشروع قناة السويس، موضحا أن موقع المشروع ممتاز جداً، وأفضل من جبل على، كما أن مصر موقعة على كثير من الاتفاقيات التجارية العالمية مثل الكوميسا واتفاقيات التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبى، وهو ما يسمح للمستثمرين بأسواق كثيرة ومتعددة، فضلا على أن هناك سوق محلى مغرى للمستثمر به 90 مليونا، وفى نفس الوقت هناك قوى عاملة فى مصر متوفرة ومدربة، ولذلك لن يواجه المستثمر أى أزمات، إلا أنه يجب منحه مزايا تفضيلية للاستثمار.
وضرب كينج مثالاً بمقاطعة تشيجنيج، قائلا:"منذ 30 سنة كانت الصين دولة فقيرة، وكانت القرية قائمة على الصيد فقط..والرئيس الصينى وقتها صرح بأنه غير قادر على تطوير القرية سوى بمنحها مزايا تفضيلية للاستثمار، وهذه أهم تسويق للمنطقة، لتصبح حالياً من أهم المدن الاقتصادية"، مضيفا أن المزايا التنافسية وجذب الاستثمارات مكسب للطرفين سواء الحكومة والتى تحصل على ضرائب وتساهم فى خفض البطالة، وفى نفس الوقت يكون للمستثمر هامش ربح معين حتى يستكمل الاستثمار فى البلد ولذلك مكسب لجميع الأطراف.
وعن نصائحه للحكومة لتنمية مشروع قناة السويس، يرى كينج، أن مساحة المنطقة تبلغ 461 كيلو متر وهى مساحة ضخمة، ولذلك يجب تقسيمها إلى مراحل والبدء بمرحلة صغيرة لكى يكون التركيز عليها وتجريب أمثل الضمانات والامتيازات، وبعدما تنجح يمكن تطبيق المراحل الأخرى، كما يجب الاستثمار فى البنية التحتية لتكون جاهزة لاستقبال أى مشروعات.
وتابع وى جيان كينج حول تأثير أزمة الدولار على الشركة، أن الأزمة أثرت على المستثمرين الصينيين، والسوق المحلى عامة، مضيفا أن الحل الأفضل هو جذب المستثمرين، رغم أنه صعب جدا بسبب سعر الجنيه، ولكن يمكنك أن تستطع جذب مستثمرين جدد، وهناك حل ثانى طويل الأجل وهو وقف الاستيراد، ولكن لا يمكنك أن تقرر مرة واحدة أن توقف الاستيراد، لأن ذلك سيسبب مشكلة كبيرة، ولكن الحل المناسب هو تشجيع الصناعة المحلية، من خلال جذب مستثمرين للاستثمار فى مصر، وفتح باب استيراد مستلزمات الإنتاج حتى تصل إلى مستوى يمكن للمستثمر الحصول على كافة مستلزمات الإنتاج محلياً.
وأضاف أن هناك حلا ثالثا وهو اليوان الصينى عقب انضمامه لسلة العملات الأجنبية، وهناك مناقشات بين حكومة البلدين، وسيكون حل مناسب لاستخدام اليوان فى المعاملات التجارية بين البلدين، وتحديدا للمستثمرين الصينيين يستطيع أن يحصل على اليوان للتعامل به فى مصر، وهو حل سريع وسيسهل كثير على المستثمرين الصينيين.
وحول مشروع شركة تيدا بمصر، أوضح أن الشركة انتهت من تطوير منطقة صناعية متكاملة بالعين السخنة على مساحة 1.3 كيلو متر مربع بها حالياً استثمارات بنحو مليار دولار، وتسلمت مساحة أخرى بجانبها تبلغ 6 كيلو متر لبناء مدينة صناعية متكاملة، مضيفا أنه بدأ العمل بالمنطقة مطلع العام الجارى خلال زيارة الرئيس الصينى لمصر، وسيتم الانتهاء من البنية التحتية للمرحلة الأولى لها نهاية العام الجارى.
واستطرد أنه يحلم أن تتحول مدينة تيدا الصناعية إلى أن تكون مثل تيانجين بالصين، وهى إحدى أكبر المناطق الصناعية بالعالم، مشيرا إلى أن المدينة الصناعية ستكون أفضل مساهمة فى الاقتصاد المصرى، حيث ستوفر 40 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، كما سيحسن من المستوى الثقافى والتدريبى من العاملين فيه، ويشجع الصناعة المحلية بدلا من الاستيراد، وفى نفس الوقت يرفع القدرات التصنيعية والإدارية للمناطق الصناعية.
وكشف عن تفاوض الشركة مع 10-20 شركة حالياً لإنشاء مشروعات بمدينة تيدا الصناعية، إلا أنه رفض الإفصاح عن سرية المفاوضات إلا بعد الاتفاق عليها، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق حالياً على المشروع الأول وهو شركة داين موتورز لتجميع المحركات للدراجات البخارية، والمشروع الثانى وهو مدينة الذهب.
وقال إنه يتوقع أن يتم استقطاب 100 شركة صينية رئيسية بالمدينة الجديدة لإقامة مشروعات بحجم استثمار يتراوح من 2.2 مليار إلى 3.4 مليار دولار لتحقق مبيعات بحجم 11.5- 15.5 مليار دولار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة