قل إنه نهم، أو قل إنه اشتهاء، قل بلاغة أو روعة تشبيه، قل مزج خيالى، قل تماثل فى الشكل والغاية، لكنك بالتأكيد بعد كل ما ستقوله ستقف متعجبا متسائلا: لماذا يشبه الرجال النساء دوما بالفاكهة؟
لا توجد إجابة نهائية، فجميع أدبيات العالم أجمعت على تشبيه النساء بالفاكهة دون إدراك حقيقى للمغزى، فشبهنا الشفة بالفراولة، والرضاب بالشهد، والخد بالتفاح، والرقبة بالجمار، والصدر بالرمان، والردف بالكمثرى، ومضينا فى هذه التشبيهات دون أن نسأل أنفسنا عن العلة أو نفكر فيما نقول، وكأننا نتعامل مع أمر بدهى، أو كأن النساء هن أصل الفاكهة أو إحدى مشتقاتها، عائلة واحدة، غير أن الفاكهة تفنى بمجرد أكلها، وتظل النساء على حالهن، شهيات جميلات مشتهيات حلوات.
طبيعى أيضا أن يصحب هذا التشبيه أداء جسدى لا يظهر إلا مع تناول الفاكهة، وكأن من يشبه الشفة بالفراولة يشعر بلذة تلك الثمرة الشهية تسرى فى وجدانه، بعد أن استشعر عصارة الفاكهة تسيل على جانبى فمه، وهو ما يوحى بأن إدراك الرجل للمرأة ظل منذ آلاف السينين واحدًا، فالمرأة ابنة الطبيعة، ابنة الأرض، رمز الخصوبة التى تحوى بداخلها بذرة الحياة، فهى الثمرة وهى الشجرة، وخصرها «غصن»، ورأسها بيت من ثمار.
تشترك النساء مع الفاكهة أيضا فى الاستدارة، فى الخط المنحنى، فى الليونة التى تسكنها، وهو أمر يفتقده الرجل الذى تشبه بالعديد من التشبيهات الكاشفة عن وعى المرأة- أو لاوعيها- بالرجل وصفاته، فتشبهه بـ«العمود» حينما تقول إنه «عمود البيت» أو تشبهه بالحائط حينما تعده «سندا» أو تعده أقوى من الحائط حينما تقول «ضل راجل ولا ضل حيطة» أو تتغنى بصلابته وقوته حينما تقول إنه كان يقف فى الأزمات «مثل الألف» فى حين أنه غالبا ما يرمز إلى الأنثى بحرف التاء المربوطة، وهو أيضا حرف مستدير أشبه ما يكون بثمرة فاكهة مكتملة النضوج.
ومثلما يشبه حسن المرأة بالفاكهة، فيشبه انكسار المرأة بصفات انكسار الفاكهة أيضا، فنقول إن تلك الفتاة «ذابلة»، والذبول عدو النضارة، عدو الاشتهاء، تراه فى شىء فتزهد فيه وتتركه، الذبول موت مؤجل، الذبول علامة الزوال، ولا يرتبط الذبول بسن معينة أو حالة معينة، الذبول انحدار الروح، انطفاء الشغف، استسلام للفوات، واستعداد للموات، وبيد الأنثى أن تستجيب للموات، أو تظل على طزاجتها الأبدية بابتسامة نابعة من القلب مشرقة فى الوجه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة