عجزت يد وزارة التضامن الاجتماعى عن تحجيم مشكلات دور الأيتام والتعامل معها، على الرغم من استحداث عدد من الإجراءات خلال العامين الماضيين من وضع معايير تقييم وإنشاء فريق للتدخل السريع فى الحالات العاجلة، وهو ما جعلها تفكير فى تفعيل مسار آخر يحل محل دور الأيتام ويقدم الرعاية للمحتاجين بأقل المشكلات.
وأصبحت "الأسر البديلة" هى المسار الذى تعمل وزارة التضامن حاليا على تفعيلة بشكل كبير وصولا إلى إغلاق جميع دور الأيتام بحلول 2025 أى فى أقل من تسع سنوات، وعلى الرغم من أنه ليس نظاما مستحدثا حيث يؤكد موقع وزارة التضامن الاجتماعى أن بداية اعتماد تطبيقه يرجع للعام 1959، إلا أن وزارة التضامن تتبع سياسة جديدة فى تطبيق النظام.
وفى هذا الإطار قال دكتور مسعد رضوان مساعد أول وزير التضامن لشئون الرعاية والتخطيط الإستراتيجى لليوم السابع أنه بالنظر إلى التجارب الدولية نجد أنه لم يعد هناك مؤسسات تسمى "مؤسسات رعاية" حول العالم، لافتا إلى أن جميع الدول التى مازال لديها دور أيتام بدأت تعمل على التخلص منها، بعد أن أثبتت عدد من الدراسات الدولية تزايد نسبة الشذوذ الجنسى والانحرافات والرغبة فى الانتحار بين الأطفال الذين يعيشون فى مؤسسات الرعاية.
وبالتالى فإن مصر تأخرت فى تفعيل هذا النظام، وأوضح رضوان أن الوزيرة غادة والى مددت العمل بقرار منع إصدار تراخيص جديدة لإنشاء دور أيتام، هذا بالإضافة إلى تشكيل لجنة لتطوير هذا النظام، وتلا ذلك تعديل قانون الطفل بحيث يسمح بتسليم الاطفال من سن ثلاثة أشهر مع العمل على تذليل العقبات التى واجهت الأسر البديلة، إعمالا لصحيح حكم القانون وتحقيقا للمصلحة الفضلى للأطفال، وتوسيع قاعدة الأسر البديلة التى يجوز لها كفالة الأطفال مجهولى النسب برفع سن الزوجين الراغبين فى الكفالة إلى ستين عاماً بدلا من 55 عاماً كما تم تعديل الشروط الواجب توافرها فى هذه الأسر على نحو يضمن للطفل النشأة داخل أسرة قادرة اجتماعياً ومادياً وصحياً ونفسياً.
ولكن تلك القرارات وحدها ليست قادرة على إقناع المجتمع بفكرة الأسر البديلة خاصة أنها معمول بها منذ أكثر من 5 عقود فى صورة نظام الكفالة ولكنه أثبت فشله فى حماية الأطفال الأيتام وإدماجهم فى المجتمع، وقال مسعد رضوان حول هذا الأمر أنه لابد من تغيير ثقافة المجتمع وتقبلها لفكرة الكفالة فى المنزل، لافتا إلى أن الرؤية بعيدة المدى للوزارة هو غلق جميع دور الأيتام ووضع الأطفال فى بيئة طبيعية.
وتساءل مساعد وزير التضامن عن أسباب فشل نظام الكفالة فى مصر، مؤكدا على عدم وجود ربط بين العرض حيث الأطفال الجاهزين للكفالة، والطلب أى الأسر التى ترغب فى الكفالة وبالتالى ستعمل الوزارة على وضع قاعدة بيانات بالأسر والأطفال، قائلا: "احنا عندنا نسبة كبيرة جدا ترغب فى كفالة الطفل وسط الأسرة، ولكننا نحتاج انشاء قاعدة بيانات وسننجزها قريبا وسنضعهم على الوايتنج".
كما شدد رضوان على ضرورة تيسير إجراءات الكفالة لافتا إلى أنها تستهلك وقتا طويلا وتخلق حالة عزوف عن الفكرة، وتطرق إلى مشكلة آخرى وهى أن الوزارة لكى تطمئن على سلامة الطفل فى الأسرة وعدم التلاعب به تقوم بتكثف الرقابة دون مراعاة ظروف الأسرة مما يجعلها تشعر بحرج، مؤكدًا على أهمية خلق طرق بديلة لوضع الأطفال تحت أعين الوزارة دون تجريح لهم أو للأسر الكفيلة.
ونبه إلى أن الأمر يتطلب تغيير الثقافة المجتمعية، مشددا على دور الدراما والإعلام فى هذا الأمر قائلا: "الدراما يجب أن تغير ثقافة المجتمع خاصة أن أغلب نماذج الكفالة فى الدراما سلبية بدءا من فيلم الخطايا وحتى العذراء والشعر الأبيض".
ويعد المشروع حل عملى لأزمة دور الأيتام ومخالفاتها ولكنه يحتاج إلى ضوابط واضحة فى تطبيقه هكذا أكدت دكتورة هند فؤاد أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث أكدت لـ"اليوم السابع" أنه لابد قبل تسليم الأطفال من اجراء دراسة حالة مستوفية للأسرة من الجانب المادى والنفسى والاجتماعى لنضمن حياة سوية للأطفال، بالإضافة إلى وضع نظام متابعة محكم من قبل الوزارة لهؤلاء الأطفال بعد انتقال معيشتهم للأسر الجديدة.
وشددت فؤاد على أن هناك أسر قد تكفل الأطفال للتكسب من خلفهم أو تشغيلهم فى أعمال مخالفة للقانون أو كخدم، وبالتالى فالمتابعة وليست المراقبة لا بديل عنها، لافته فى الوقت ذاته إلى أن الوزارة يجب أن تضع فى اعتبارها عدد من المواقف التى قد يتعرض لها الطفل تضعه فى موقف نفسى صعب مثل أسئلة من المقربين للأسرة "أنت مين؟"، وبالتالى لابد من أن يكون هناك مصارحة بين الأسرة والطفل لتأهيله نفسيًا لتلك المواقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة