ـ الكاتب إريك تريجر: تحرك الجيش قبل 30 يونيو سببه لجوء الإخوان إلى العنف
ـ الكتاب يرصد: الإخوان لم يكن لديهم رؤسة سياسية سوى ملئ الحكومة بمسئولين من الجماعة
ـ الكتاب يكشف كواليس الليلة الأخيرة لمبارك فى السلطة.. ويؤكد: مستشارى أوباما احتفلوا بشرب "الفودكا" بعد التنحى
ـ "تريجر": مشروع "النهضة" الإخوانى حمل الكثير من التناقضات.. والإخوان لم يوضحوا آلية لتنفيذه
رصد كتاب جديد لباحث أمريكى كواليس سقوط الإخوان من الحكم فى مصر، ,كيف افتقدت الجماعة الرؤية والكفاءة السياسية خلال توليها السلطة، الأمر الذى دفع الحشود للخروج مرة أخرى خلال أقل من عامين على اندلاع ثورة 25 يناير، وأوضح أن استخدام عناصر الجماعة للعنف كان الدافع الرئيسى وراء إقدام الجيش المصرى على التحرك فى 3 يوليو 2013.
كتاب "الخريف العربى: كيف فاز الإخوان المسلمون بمصر وخسروها فى 891 يوما؟"، الذى صدر فى 20 أكتوبر الجارى، اعتمد كاتبه إريك تريجر الباحث لدى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، على عشرات المقابلات مع قادة وأعضاء من جماعة الإخوان المسلمين قبل وبعد الثورة، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
ويقول الكاتب إن الإخوان لم يخطفوا ثورة يناير 2011 أو الانتخابات فى مصر مثلما أشيع، لكنهم كانوا الحركة الوحيدة المنظمة فى مصر بدرجة تكفى لتحدى النظام القديم فى الانتخابات. لكن فى نهاية الأمر اضطر الجيش للتحرك ضد الرئيس محمد مرسى ليس لرغبته فى حرمان الإخوان من مكانهم فى هيكل السلطة السياسية، وإنما لافتقار الإخوان للرؤية والكفاءة، الأمر الذى دفع بأكبر الحشود من المصريين على الإطلاق للخروج إلى الشوارع مطالبين برحيلهم عن السلطة.
وتشير الصحيفة إلى أن الكتاب يروى كيف فشل الإخوان بشكل كارثى فى حكم مصر، كما يقدم تحليلا لكيفية فشل واشنطن بنفس الدرجة فى فهم الإخوان المسلمين. ويعود تريجر فى كتابه إلى تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 فى الإسماعيلية على يد حسن البنا، وتحدث عن كيفية تجنيد عناصر الإخوان وانتقال "التابع" عبر مراتب معينة فى عملية تستغرق ما بين خمس وثمان سنوات ليصبح "أخا" فى الجماعة ومن ثم يعلن "جنديا مخلصا" ويتعهد بالطاعة الكاملة وعدم مخالفة الأوامر.
ويشير الكاتب إلى الفهم الأمريكى للحركة فيعود إلى اليوم السابق لتنحى مبارك عن السلطة وهو 10 فبراير 2011، حيث قال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية، جيمس كلابر، أن مصطلح الإخوان المسلمين هو مظلة لعدد من الحركات، وأشار إلى أن الحركة فى مصر متنوعة جدا وعلمانية بدرجة كبيرة. وعلق تريجر أن البيت الأبيض لم يكن وقتها مدركا لطبيعة تلك الجماعة التى قد تحل محل مبارك.
غلاف الكتاب
ويضيف الكاتب، بحسب مقتطفات عرضتها صحيفة وول ستريت جورنال من الكتاب، إن فى 1 فبراير 2011، بعد أسبوع واحد من الاحتجاجات، دعا الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى ضرورة البدء فى عملية تغيير الحكومة فى مصر أى رحيل مبارك، وبالمقارنة مع سوريا فإنه مضت 5 أشهر قبل أن يقول أوباما نفس الشئ للرئيس بشار الأسد. ويكشف نقلا عن دبلوماسى أمريكى، أن بعد تنحى مبارك احتفل مستشارى أوباما بشرب الفوديكا والبيرة.
ورصد الكتاب الشهور التى تلت الثورة، وتعهد الإخوان بعدم الترشح للرئاسة أو السعى للحصول على أغلبية فى البرلمان، خشية من تخوف المصريين من سعى الإخوان للأسلمة. لكن كل هذه التعهدات تلاشت فى نهاية المطاف. وعندما تم استبعاد الخيار الأول للإخوان فى سباق الرئاسة لعدم الأهلية، تم الدفع بمحمد مرسى الذى لم يكن يحظى بأى جاذبية جماهيرية.
ويقول تريجر، إنه إذا كانت إدارة أوباما تعرف القليل عن الإخوان فإنها تعرف أقل كثيرا عن مرسى. ويروى تريجر إنه التقى بمحمد مرسى قبل توليه الرئاسة بعامين فى القاهرة وعرفه بأنه يمارس المعارضة الداخلية فى جماعة الإخوان ومخلص لسيد قطب، المفكر الإسلامى الذى أعدمته حكومة الرئيس جمال عبد الناصر وألهمت كتاباته أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة وأنور العولقى، الذى كان يتولى فرع التنظيم فى اليمن وقتل فى غارة جوية أمريكية عام 2011.
ونقل الكاتب عن مرسى قوله خلال لقائهما "برنامجنا طويل الأجل وليس قصير.. هدفنا ليس أن نصبح حكاما، بلدنا يجب أن يحكمه الإسلام".
ويضيف الكاتب أنه بحلول انتخابات صيف 2012، بدا واضحا أن الإخوان نأوا بعيدا عن قوى المعارضة الأخرى، مثل الليبراليين الذين أعجب بهم المراقبون الغربيون، لكنهم كانوا على أى حال قوى سيئة التنظيم ولا تحظى بدعم شعبى كبير. ومع اقتراب مرسى من الفوز بالانتخابات، بدأ المسئولون الأمريكيون التزاحم على باب الإخوان. ويقول تريجر إنه لم يكن هناك أحد أكثر دهشة من الإخوان أنفسهم من احتضان واشنطن لهم.
ويضيف الكاتب أن مرسى بدأ الحكم فى يونيو 2012، بعدم كفاءه صدمت الجميع بمن فيهم مؤلف الكتاب نفسه. فالإخوان لم تكن لديهم رؤية سياسية حقيقية سوى ملء الحكومة المصرية بمسئولين من الجماعة أو ممن يفكرون مثلهم. ولدعم الاقتصاد المصرى المتعثر، قدمت حكومة مرسى "مشروع النهضة" الذى وعد بخفض التضخم بمقدار النصف وحماية كرامة الفقراء ومضاعفة عدد العائلات التى تحصل على ضمان اجتماعى. لكن لم يوضح الإخوان على الإطلاق الكيفية التى سيحقق بها مرسى هذه الأهداف المتناقضة.
وفى ظل إهمال الاقتصاد، اتجه مرسى لاستهداف الصحافة. ففى خلال الشهور السبعة الأولى له فى الحكم، اتهم عددا من الصحفيين بإهانة الرئيس وهو ما يعادل أربعة أمثال من اتهمهم مبارك بذلك طيلة 30 عاما. وفى نوفمبر 2012، لم يتورع مرسى فى انتزاع سلطة لنفسه بطريقة لم يكن حتى مبارك يجرؤ عليها، حيث حصن قراراته من سلطة القضاء. وبعد أسابيع، دفع بدستور صاغه نواب من الإخوان والسلفيين.
ومع ارتفاع أصوات المعارضة فى الأشهر التالية، تحول مرسى إلى نظريات المؤامرة قائلا إن ما يغذى الاضطراب هم أجانب أو فلول نظام مبارك. وبمجرد أن تحولت المعارضة إلى تجمعات جماهيرية، أكبر من تلك التى شهدتها ثورة يناير 2011، فإنه راح يقلل منها فى أحاديثه مع مسئولين أمريكيين أعربوا عن قلقهم من المشهد ووصفها بأنها غير مهمة.
وفى يونيو 2013، عندما قامت جماعة الإخوان بتسليح المئات من كوادرها بالخوذات والدروع والعصى بداعى "حماية الثورة"، فإنهم أكدوا بغباء المخاوف من اشتباكات فى الشوارع بين مؤيدى ومعارضى مرسى، ومن ثم فإنهم عززوا التفويض للجيش بالتدخل.
وفيما عرض مرسى فى 2 يوليو 2013 تقديم تنازلات، فإن الوقت قد فات بالفعل. ويقول الكاتب أنه بحسب تقارير فى ذلك الوقت فإن وزير الدفاع أنذاك عبد الفتاح السيسى أبلغ أحد قيادات الإخوان أن رحيل الرئيس "مطلب جماهيرى".
ويقول تريجر إن الإخوان أخطأوا الحسابات بدرجة سيئة مرة أخرى حينما اعتقدوا أن الاحتجاجات الطويلة سوف تجعل الحكومة الجديدة تجثوا على ركبتيها، مما يمكن معه إعادة مرسى للسلطة. ويضيف أن جماعة الإخوان بالغت بشدة فى تقدير قدراتها وهونت مما يمكن أن تفعله الحكومة حيال أفعالها.
ويخلص الكاتب بالقول أن الإدارة الأمريكية يمكنها أن تستخلص درسين مهمين من تجربة مصر التعيسة تحت حكم الإخوان، وهما أن الانتخابات هى مجرد عنصر واحد من الحكم الديمقراطى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة