لم تمر سوى أيام قليلة على أزمة ألبان الأطفال التى شهدتها مصر وعقب بداية انفراج الأزمة طالعتنا الصحف ببداية أزمة جديدة فى أنابيب البوتاجاز، وفى حين لم يتنفس كل من الحكومة أو المواطن الصعداء بعد مجموعة الأزمات المتلاحقة تفاجئنا جميعا بأننا نعانى من أزمة جديدة سببها عدم توافر السكر فى مصر.
فما الذى يحدث ؟ سؤال لن تجد له أى إجابة، فالجميع يلقى بالمسئولية على الجميع وسينتهى بك الحال كالباحث عن الجانى فى قضية قتيل تفرق دمه بين القبائل! ولعلك يجب ألا تندهش عندما تسمع أو تشاهد مداخلة تليفونية لرئيس الاتحاد العام للغرف التجارية عبر إحدى القنوات الفضائية مشيراً إلى أن أزمة السكر –على سبيل المثال- سببها هو توقف التوريد والتوزيع والذى حدث أثناء الفترة ما بين استقالة وزير التموين السابق واستلام الوزير الجديد لمهام منصبه، ومشدداً على أن سبب الأزمة ليس كما أعلنت بعض المصادر الحكومية من نقص مخزون السكر الحالى.
المصادر الحكومية نفسها ألقت بالكرة مرة أخرى فى ملعب إتحاد الغرف التجارية، مدعية قيام الأخير بافتعال أزمة لتقليل المعروض من السكر بالسوق بحجة عدم توافر اعتمادات مالية من البنك المركزى !! والسؤال نفسه مجدداً أين هى الحقيقة؟ ومن نصدق؟ وعلى من نلقى باللوم والمسئولية؟ أو بالعامية "السكر فين" !
أيها السادة، إن المشكلة تتعدى بكثير مجرد أزمة مستمرة فى سلسلة توريد أغلب المنتجات والسلع الإستراتيجية فى مصر أو فى كونها إجراءات ولوائح وروتين حكومى يومى، بل تتسع لتشمل أزمة حقيقية فى طريقة اكتشاف الأزمات ذاتها والتعامل معها، ودعونا نتفق أن مجرد تشكيل لجان ومجموعات لا تقدم سوى روشتة تعد بمثابة مسكن مؤقت لم يعد يجدى أو يضيف شيئاً لواقعنا المعاصر.
التجارب الدولية للتعامل مع مثل هذه المواقف عديدة، بل وربما لا يخفى على أحد مسئول كان أو حتى مواطناً عادياَ أن الخلل والمشكلة تكمن فى النظام نفسه بكافة مراحله التى يشملها، بدءاَ من الزراعة والرى ومرورا بالإنتاج والتوزيع ووصولاَ للتخلص من النفايات وإعادة تدويرها مرة أخرى، فكل ما ينقصنا فقط هو أن نذهب للطبيب المناسب وألا ينتهى بنا الحال كمن يطلب الحليب من البراشن !
ودعونا نتأمل فى النهاية مفهوم كلمة أزمة فــ اللغة الصينية والتى تنطق (Ji-Wet) وهى عبارة عن كلمتين: تدل الأولى على الخطر والأخرى تدل على الفرصة التى يمكن استثمارها، وهنا تكمن البراعة الصينية فى تصور كيف يمكن تحويل الأزمات وما تحمله من مخاطر إلى فرص لإيجاد الحلول، فهل لا تزال هناك فرصة لإعادة السكر إلى حياة المواطن المصرى قريباً أم سيظل "طعمها مر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة