ربما تلك هى المرة الأولى التى يتم جمع كل هذه الأعمال الفنية السابقة فى مكان واحد، وهو أمر لابد أن نوجه التحية إلى القائمين عليه، بداية من وزارة الثقافة المصرية وحتى مؤسسة الشارقة للفنون التى تحمست لرعاية هذا المعرض وخططت له بشكل علمى مدروس، ولم تكتف بعرض اللوحات فحسب، بل استبقت الأحداث بإقامة مؤتمر علمى كبير يؤصل للحركة الفنية السريالية المصرية ويضعها فى مكانها المستحق، وبعد هذا تم افتتاح المعرض الفنى الكبير الذى كشف عن وجه غائب من وجوه مصر المشرقة، وأعاد لمصر بعضا من بهائها المفتقد، والرائع فى الأمر أن مؤسسة الشارقة للفنون هى التى تولت تنظيم هذا المعرض الذى من المنتظر أن يقوم بجولة فى بعض عواصم العالم، والجيد فى هذا هو أن مؤسسة فنية دولية هى التى حرصت على رعاية هذا المعرض بما يخرجنا من دائرة الاتهام بالترويج لأنفسنا، ويظهر مصر فى صورتها المستحقة كدولة صاحبة تاريخ فنى كبير جعل مؤسسات العالم المختلفة حريصة على الاهتمام به والترويج له، لأنه باختصار «تراث للبشرية».
فى هذا المعرض الذى أقيم بقصر الفنون بالأوبرا أكثر من 150 لوحة فنية لأكبر وأشهر فنانى مصر، بداية من محمود سعيد الذى اشترك فى معرض السرياليين المصريين فى بداية الحركة التشكيلية فصار جزءاً منها وإن لم يكن من رموزها، وحتى الكثير من التجارب التى تنتمى إلى أجيال لاحقة لجيل الرواد، ولهذا فقد عكس المعرض مقدار التنوع والابتكار الذى أجاد فيه الفنانون المصريون، فجعل العالم كله مقبلا على اقتناء لوحاتهم، بل جعل متحفا كبيرا مثل متحف بومبيدو فى باريس يجوب العالم كله ليجمع بعض أطراف الكنز الذى تملكه مصر ليقدمه إلى جمهوره بعد أيام قليلة من المعرض المشترك لمصر والشارقة، وهو ما يؤكد ما عظمة المكانة التى تحتلها مصر فى الذاكرة الفنية العالمية.
مرة أخرى أؤكد هنا على أهمية الفن وفاعليته فى إظهار مصر فى أبهى الصور عالميا وإقليميا، وتدعيم قوة مصر الناعمة، كما أجدد التحية لوزارة الثقافة المصرية بقيادة الكاتب الصحفى حلمى النمنم التى أقامت هذا المعرض ومؤسسة الشارقة للفنون بقيادة الشيخة حور القاسمى التى رعته ونظمته وأخرجته فى أبهى صوره، فبمثل هذا التعاون تولد المشاريع البراقة، وبمقدورنا مثل هذا التاريخ أن يكون خير سفير لنا فى الأرض، وأن يصلح الفن ما تفسده السياسة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة