نقلا عن العدد اليومى...
من الطبيعى أن تختلف آراء الناس واجتهاداتهم الاقتصادية والسياسية، ولهذا وجد اليمين واليسار والوسط. وهناك فرق بين السياسى المعارض المجانى، وبين رجل يتفهم ما يجرى من تحديات إقليمية ودولية ومحلية. وهو ما يسمى رجل الدولة.
هناك ظاهرة تمتد من سنوات، وهى استسهال إطلاق التحليلات والآراء والمطالبات من دون حسابات أو معلومات، وهى مطالب مجانية، ومن السهل جدا أن يضع الزعيم التليفزيونى ساقا على الأخرى ليقول يجب كذا أو يفترض كذا. وكثيرا ما يبدى هؤلاء إعجابا بالديمقراطيات الغربية مع أن نفس هذه الديمقراطيات هناك حساب على كل كلمة وكل طرح، وغالبا يكون السياسى الذى يطرح نفسه للعمل العام أو لمنافسة السلطة أو المعارضة، أن يكون قادرا على تقديم حلول بديلة لما يعارضه، وليس مجرد كلام مجانى بلا معلومات.
ولهذا هناك ما يسمى حكومة الظل لدى كل حزب، وهى التى يشغل فيها كل قيادى مكانه فى حالة ما إذا تولى هذا الحزب الحكم. أما عندنا فغالبا تسود حالة من اليأس أو المزايدة، ونتذكر أنه بعد 25 يناير التى تحل ذكراها الخامسة بعد أيام، سادت الوعود المجانية والمبالغات والمزايدات بين النشطاء والسياسيين، ووقع بعض المرشحين فى فخ الوعود المجانية، وأعلن كل منهم أنه سيحل كل المشكلات، ومع الوقت بدأ المواطنون يدركون أن هناك مشكلات وتراكمات وقضايا اقتصادية واجتماعية لا يمكن حلها فورا، ويمكننا القول إن المواطن العادى أصبح مدركا أكثر من بعض القيادات والمرشحين.
وتعالوا نتأمل ما يطرحه بعض السياسيين أو المرشحين السابقين من كلام مجانى، من دون أن يقدم وجهة نظر واضحة بالتفاصيل عما سيفعل فى قضية دعم الوقود مثلا، وماذا يمكنه أن يفعل لمواجهة مشكلة الصحة. نقول هذا بعد تقارير كثيرة أعلنها صندوق النقد والبنك الدولى مرات وطالبوا، بل وضغطوا على السلطة والحكومة فى مصر لخفض دعم الوقود، وهو ما ترفضه السلطة بالشكل الذى يطلبه الصندوق، بينما تعلن عن خطوات تدريجية لتنظيم وصول الدعم لمستحقيه، لهذا يبقى سعر الوقود فى مصر من أرخص الأسعار عالميا، وتتحمل الخزانة مليارات بصرف النظر عن مطالب المؤسسات الدولية.
وفى نفس الوقت نجد بعض القيادات السياسية تتحدث عن الفقراء والفئات المطحونة، وغالبا ليس من بينهم من يشعر فعلا بهذه الفئات، بل وبعضهم يزايد بالكلام بينما يفشل فى إدارة شركة أو حزب أو مؤسسة صغيرة، وطبعا ليس الهدف هنا هو المعايرة، إنما هو الرغبة فى تأكيد فكرة التوازن بين الكلام المجانى وبين الحديث المسؤول، أو ما هو عملى واقتصادى.
ولهذا نقول إن المواطن أو الأغلبية الساحقة أصبحت تدرك الفرق بين الكلام المجانى وبين الطرح السياسى المسؤول، بل ويعلم الكثير من القيادات السياسية أن جهات مسؤولة كانت تتصل ببعضهم وتطلب منهم تقديم أفكارهم فى قضايا معينة، وكثيرا ما يتم عرض الأفكار ومشروعات القوانين على النقابات والأحزاب فترفض القيادات طرح وجهات نظرها، لكنهم يخرجون بعد ذلك على الفضائيات لقولوا قلنا ولم يسمعنا أحد، وكلها كلمات تهدف للحصول على تصفيق أو هتافات مع أن الهتافات لا تفيد فى حل أزمة، ولا تصنع سياسة ولا اقتصادا.
موضوعات متعلقة:
- ابن الدولة يكتب: مصر لنا كلنا.. وبنا كلنا.. نختلف فى الآراء ولا نختلف حول الوطن.. مصر تعطى دروس الوطنية لمنطقة تأكلها الصراعات المذهبية.. هذه هى رسائل الرئيس السيسى للمصريين فى عيد الميلاد
- ابن الدولة يكتب : كيف يستعد الشباب لانتخابات المجالس المحلية؟.. لا حجة لدى الأحزاب والشباب لعدم الاستعداد للمجالس الشعبية بعد توسيع صلاحياتها الرقابية والتشريعية
- ابن الدولة يكتب: الدولة والفلاح والتنمية الحقيقية.. قرارات الحكومة لهيكلة بنك التنمية ودعم مزارعى السكر والقطن تعيد دور الزراعة فى التنمية.. والتوسع بإضافة مساحات أرض بل ومجتمعات كاملة إضافة مهمة
- ابن الدولة يكتب: صحة المصريين والتعلم من التجارب الملهمة.. هناك اتفاق على أهمية تطوير النظام الصحى.. فلماذا لا يقدم السياسيون أفكارهم بدلا من الخلاف؟.. ما ينفع الناس يتطلب عملا حقيقيا وتقارير وخبراء
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة