مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت أجراس وترانيم الكنائس تتابع بمحبة وخشوع فى قداس عيد الميلاد المجيد، ممتزجة بفرحة المسلمين التقليدية بالعام الجديد ودعواتهم بأن تكون سنة خير، عندما دخل الرئيس السيسى من باب الكاتدرائية مهنئا المسيحيين بعيدهم، ومعتذرا عن التأخر فى ترميم الكنائس التى أحرقها الغربان المتطرفون بعد 30 يونيو.
زيارة الرئيس للكاتدرائية فى حد ذاتها تسعد جميع المصريين، المسلمين منهم قبل المسيحيين الا فئة ضلت طريقها وتشبثت بعمى القلب والبصيرة، فالمسيحيون ابتهجوا لأن الدولة لا تميز بين مسيحى ومسلم، وبعد أن أصبحت زيارة الرئيس الودية للتهنئة فى العيد، أحد العلامات الطيبة التى تطمئن وتبعث الثقة والأمان فى القلوب، كما أنها تمنح المسلمين ذلك الشعور الجميل بالحنين إلى الزمن الجميل ما قبل التشوه والتطرف والإرهاب، عندما كان المجتمع المصرى متسامحا بالكامل لا يعرف النزعات الواردة من الصحراء بتحريم تهنئة الآخرين بأعيادهم أو استخدام لغة عدائية ضدهم.
قبل عيد الميلاد بأيام نسمع غربان التطرف والإرهاب وهم يستخرجون فتاوى من أضابير الكتب الصفراء، ويدشنون الصفحات على فيس بوك وينعقون على تويتر، وكلهم على نغمة نشاز واحدة، تحريم تهنئة المسلمين للمسيحيين بعيد الميلاد، وتكفير من يفعل ذلك أو يحتفل بالكريسماس، وفى دعواتهم المشؤومة تلك، والتى قاطعها ورفضها وسخر منها المصريون، بثوا الكثير من الكراهية والغلو لا يتناسب مع سماحة المصريين وميلهم بطبيعتهم إلى التعايش والتراحم.
هذه الكراهية والسماجة فى نشر العداء مع المسيحيين وأصحاب الديانات والعقائد الأخرى، واحدة من سمات برامج التطرف الجديد، وهى برامج تعمل على نشرها وتمويلها أجهزة استخبارات غربية وخليجية، حتى تسود الصورة النمطية عن الإسلام الدموى العنيف الكاره لكل المختلفين معه، وحتى تكون تنظيمات القاعدة وداعش والإخوان وبوكو حرام وجبهة النصرة وجيش الإسلام هى سفراء الخطر الإسلامى الذى تحذر منه العواصم الغربية.
بالطبع لا يعرف صبيان التطرف من الشباب العاطلين الفقراء هذا الكلام ولا يصدقونه، لأن شيوخهم الكبار أصحاب الكروش الكبيرة والذمم الخربة ممن يتلقون حقائب الدولارات من سماسرة الخليج المتأسلمين، للإنفاق على ما يسمى بحلقات العلم الشرعية، يتلقون مع حقائب الأموال الخطوط العريضة لما يجب أن يثيروه من قضايا وما يؤكدون عليه من دروس وتعاليم، وكلها تصب فى النهاية فى تفتيت المجتمع ونشر التعصب والكراهية.
لاحظوا معى أى بلد انتشر فيه التطرف وسادت فيه واحدة من تلك التنظيمات المجرمة، ماذا حدث للمجتمع المتماسك بعدها مباشرة، يبدأ فى التفكك إلى عناصره الأولية المتعايشة منذ مئات السنين، ولأول مرة يسمع المواطن كلمات مثل أنت مسيحى يعنى درجة ثانية، أو أنت يهودى أو إيزيدى أو كردى أو صابئى وعليك أن تدفع الجزية، أو عليك أن تعتنق الإسلام وتفعل مثلما نفعل أو تقتل وتسبى نساؤك، فماذا تختار؟ وبعد أن كان المواطن يعيش آمنا ومستقرا هو وأسرته فى بلده يجد أنه أمام طريقين إما أن يهرب هو وأسرته إلى المجهول الذى قد يكون الموت، أو أن يبقى ليتعرض للذل أو الموت.
من هنا تكتسب زيارة السيسى وكبار رجال الدولة للكاتدرائية للتهنئة بعيد الميلاد المجيد معناها ودلالتها، أن مصر ستظل بلدا آمنا من دعوات التطرف، ومجتمعا متماسكا موحدا عصيا على التفتيت والتدمير، ومنارة تهدى الحائرين فى زمن الضباب والحروب والحرائق المندلعة فى كل بقعة من حولنا؟
كل عام وجميع المسيحيين طيبون بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وكل عام وبلدنا الطيب آمنا من كيد الأعداء وسالما من دعوات الغربان وإرهاب المجرمين، ونسأل الله الهداية لشبابنا المخدوع بفكر التطرف، ليعود إلى سواء السبيل.
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة