حنان شومان

لا تظن أنك بمأمن من تهمة الازدراء

السبت، 30 يناير 2016 05:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ديسمبر 2014 تم تحويل الكاتبة فاطمة ناعوت إلى المحكمة، كمتهمة بتهمة ازدراء الأديان، وذلك بعد بلاغ تقدم به أحد المحامين ضدها متهما إياها بازدراء الدين الإسلامى وتكدير الأمن العام، فحققت معها النيابة ثم حركت الدعوى بذات الاتهام مستندة لتدوينة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، ومقال فى إحدى الصحف اليومية، تختلف فيه أو ترفض فيه شعيرة الأضحية فى عيد الأضحى، وكانت الكاتبة حين هاجمها كثيرون بعد تدوينتها قد اعتذرت أو بالأحرى كتبت تؤكد أنها لم تقصد السخرية من الشعيرة ذاتها، ولكنها ترفض ممارسات من يقومون بها.

وبغض النظر عن التفاصيل، فحين نشرت ناعوت ما نشرت اختلفت معها بالكلمة مكتوبة فى مقال وعلى ذات موقع التواصل الاجتماعى، وكان منبع اختلافى معها ليس حول صحة رأيها أو طرحها من عدمه، فهى حرة فيما تفكر وتعتنق من أفكار، ولكن كان منبع اختلافى أن الطرح العام لأفكارها تلك غير لائق ولا مستساغ ولا مقبول لدى الجمع العام بحكم الدين والعقيدة، ومستفزا لقطاعات كبيرة فى المجتمع ومن ذكاء الكاتب الذى يقدم عمله لجمهور أن يحسن توقيت وأسلوب اختلافه، وكان ذلك مبلغ تصورى للخلاف معها، بينما ذهب آخرون فى مقاطعتها، وذهب آخرون لما هو أقسى من ذلك، فسبها البعض وكفرها آخرون وكل ذلك فى سجال بالكلمة، وكان ذلك أيضاً مبلغ تصورى لخلاف الآخرين مع كاتبة حول فكرها الخاص الذى نشتره، ثم جاء البلاغ ضدها موجهاً للنيابة، فتصورت ثانية أو ثالثة أن هذا مبلغ اختلاف بعض آخر من معتادى تقديم البلاغات هنا وهناك، ثم تحولت لمحاكمة فقلت ربما هذا آخر المطاف فى أسلوب الاختلاف، لكن أن يصل الأمر لحكم حبس لمدة ثلاث سنوات ومبلغ عشرين ألف جنيه غرامة عن تدوينة برأى شخصى مهما حمل من شطط، فتلك هى القضية التى لا أقبل بها ولا يجب أن يقبل بها غيرى من أشد المختلفين مع الكاتبة فاطمة ناعوت.

ربما لا تقع قضية الكاتبة تحت شعار الدفاع عن حرية الإبداع، ولكنها تقبع تحت ما هو أهم، حرية الرأى، وهما حريتان تتقاطعان، فكل حرية فى الإبداع هى بالتأكيد حرية فى الرأى، ولكن ليس كل رأى هو إبداع فحرية الرأى أكثر شمولا، وهى حرية كفلها الله لعباده ثم جعل لهم يوماً للحساب، فكيف بنا ونحن البشر عباد الله نمنع بالقانون أى قانون حرية كفلها الله لعباده وبكلمات لا تقبل التأويل أو الشك، فإن كان الله قد منح الخلق حرية الشرك به أو الإيمان، فكيف بنا لا نستطيع أن نمنح غيرنا حرية مجرد التعبير عن اختلافه، وندّْعى أن ذلك ازدراء لدين الله.

فاطمة ناعوت كتبت عبارة على موقع التواصل الاجتماعى فيها استفزاز لعقل جمعى، فنرد عليها كما كتبت، ونشتبك معها ونختلف وليعلو صوتنا أمام صوتها، لكن نسجنها لا وألف لا، فذلك عصر مظلم الذى يُسجن صاحب كل رأى مهما كان به من شطط، فتأكد أنك لو قبلت سجن فاطمة ناعوت اليوم سيأتى من يسعى لسجنك غداً لفكرة حلمت بها أو أفصحت عنها فى مجلس خاص من اثنين.

تهمة ازدراء الأديان تهمة مطاطة، قد تصنع منا جميعاً متهمين مسجونين، أليس هناك آلاف فى شوارع المحروسة يسبون الدين، وهو ما أرفضه لأنه تجرؤ لفظى مباشر قاس بلا مبرر فى خناقة حياتية تافهة لا موقف فيها، ولكن أليس سب الدين ازدراء مباشر، ورغم هذا يمر الأمر لأنهم ليسوا مشاهير ولن تخطف قضاياهم أبصار الإعلام، وبالمناسبة هناك بعض الأقباط تم اتهامهم بازدراء الدين من قيادات سلفية فى محافظاتهم مثل طفل صغير ومدرسة ووكيل مدرسة، رفض أن ينقب التلميذات عنوة فاتهموه بازدراء الدين وجميعهم يقضون عقوبة السجن، ولكن لم يتحدث عنهم أحد أو يصرخ من الظلم الواقع عليهم أحد، لأنهم ليسوا مشاهير.

ولهذا فاحذر أيها المواطن السائر بين الملايين، أنت لست بعيد المنال فقد يصيبك مجرد جار موتور له محام متطرف بتهمة ازدراء الدين، فيتم سجنك لسنوات فتقول أُكلت يوم أُكلت فاطمة ناعوت أو إسلام بحيرى أو رنا السبكى أو حتى شعبان عبدالرحيم على اختلافهم واختلافك معهم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة