اليوم يواكب الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير العظيمة، هذه الثورة التى رفعت شعار «ارفع راسك فوق.. إنت مصرى»، فجعلت من المصرية الهوية الجامعة لكل المصريين بلا تمييز بسبب اللغة أو اللون أو الجنس أو الدين، وجعلت المصرية عنوانا للفخر والعزة والكرامة.
شارك ابنى عبدالله فى الثورة من يوم 25 يناير، وتابعت عبر الشاشات مسيرات الشباب المصرى السلمية مطالبة بالمبادئ التى تعد دستورا لعمل المصريين جميعا حتى تتحقق وهى «عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية».
وخرجت يوم الجمعة 28 يناير مبكرا من مسجد النور بالعباسية، برفقة الحاج حافظ سلامة قائدالمقاومة الشعبية بالسويس، وبعد خروجنا من المسجد تفرقت بنا السبل حتى وصلت إلى ميدان العتبة مشيا عبر ميدان باب الشعرية وهناك واجهنا الغاز المسيل للدموع، مع هدير الشباب وقد التحم بهم الناس جميعا.
كل أسرتى شاركت معى فى الثورة بلا استثناء، وكنت أقابل جيرانى هناك فى الميدان وهم يهتفون بإسقاط مبارك ونظامه، وكانوا هم يروننى ثم يحدثوننى أنهم رأونى فى الميدان وقد كان ذلك باعثا لهم على استمرار النضال ومشاركة المصريين جميعا فى الميدان.
كنت فى الميدان فى اللحظة التاريخية التى فوض فيها مبارك المجلس العسكرى فى حكم البلاد يوم 11 فبراير وسط هدير الجماهير وفرحتهم برحيل عنوان نظام شاخ وعاند شعبه وفسد وخان ولم يؤد الأمانة التى أقسم عليها - كما أشارت محكمة النقض التى حكمت فى قضية القصور الرئاسية.
كنت أشعر بالحرية والإنسانية والثقة وأؤمن بمستقبل أفضل لمصر ولشعبها ولشبابها ولنسائها ولرجالها ولشيوخها ولفقرائها ولكل مواطنيها وأنا أسير فى وسط أنفاس الناس المصريين الطيبة وهم جميعهم قد شملهم الميدان والشوارع المحيطة به يهتفون نحن المصريين الشعب الذى يقرر بإرادته كريما مسالما معلما للخافقين.
كل يوم كنت أدخل ميدان التحرير الواسع صباحا أيام الثورة لأجد الأمل فى الشعب المصرى، وقد تسللت أشعة شمس بلادى الجميلة لأصيح بأعلى صوتى فى الفضاء، الله عليك يا مصر، يا أم الدنيا، يا من أصبحت بثورتك عنوانا للكفاح والنضال والحرية فى العالم كله.
كنت أمشى فى وسط الناس صامتا، وعلى المنصة يقف أصدقاء ومعارف ومشاركون لى فى نضالى الذى لم يتوقف تقريبا ضد نظام مبارك سواء بالكتابة أو المشاركة فى حركة كفاية وكل فعالياتها النضالية فى الشارع، فضلا عن تعرضى للسجن والاعتقال مرات عديدة من قبل ذلك النظام البائد، وكانوا يشيرون لى بأن أعتلى المنصات إلى جوارهم، بيد إنى كنت أشير إليهم رافضا لإيمانى أن الشباب هم من صنع الثورة ونحن نسير خلفهم، فهم قادتنا وهم تاج رؤوسنا ولا يجوز أن نسرق نحن المشهد منهم.
الثورة بعفويتها وعافيتها وبشبابها هى أهم اللحظات فى تاريخ مصر المعاصر، ويمكن أن نضيف إليها عبور جيشنا العظيم فى رمضان لقناة السويس وكسر الأغلال الصهيونية ورفع علم بلادى على شرق القناة، وصيحة الله أكبر التى جعلت من جند مصر وأبناء شعبها عنوانا للبطولة واستعادة الكرامة المصرية بتحرير أرضنا وهزيمة الجيش الصهيونى الذى ظن أنه لن يقهر.
الذين يريدون محو هذه الصفحة من تاريخ مصر النضالى اليوم، ماذا سيقولون لأبنائهم غدا، ولأحفادهم، تلك جزء مشرف من تاريخنا ونضالنا وكرامتنا، وهى قيمة مضافة لمصر، حتى لو لم تتحقق أهدافها بعد، لكنها أعطتنا وألهمتنا الخط النضالى لتحقيق آمال الشعب، وقدمت نموذجا لشعب يسقط نظاما فاسدا وديكتاتوريا عنيدا وعتيدا ليسترد حريته وليضع أسس المستقبل لمصر وأهدافها وحق شعبها فى الحرية وفى العدالة الاجتماعية وفى الكرامة الإنسانية، تحية للشباب الشهداء المصريين فى الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، وتحية للشعب العظيم المصرى الذى شارك فى الثورة، وتحية لكل الأوفياء للحظة مجيدة ومنيرة فى تاريخ بلادنا، سيظل يوم 25 يناير يوما مجيدا فى تاريخ مصر، وستظل قيم ثورة يناير المجيدة نبراسا لنضال مصر وشعبها دائما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة