سهير جودة

إبراء الذمة العاطفية

الخميس، 21 يناير 2016 11:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
البداية أحلام رائعة وغالية.. مشاعر حقيقية راقية.
النهاية أحزان عميقة وجراح غير شريفة.. وما بين نهاية البداية وبداية النهاية اعتقلت دموعها وارتضت بقانونه الجديد: «فلنكن أصدقاء».

اختزلت أحلامها وطموحاتها فى جملة اعتذار كانت تنتظرها «أعرف كم آلمتك.. اعذرينى»، أو فى مجرد سؤال عبر الـ«SMS» أيًّا كانت صيغته:

«ازيك؟».. «هل أنت بخير؟».. «عاملة إيه؟».
ولكن جملة منه لم تصل ولو حتى كلمة وكأنه «بخل» عليها بها وكأنها لا تستحق.

حاولت صياغة حياتها التى لم تعشها بعد، واكتفت بأن تحتفظ بمشاعرها وأحلامها فى نفسها ولنفسها.

أشياء مجردة وكأن من عشقته إنسان آخر لم يعد له وجود ولا علاقة له بإنسان الواقع الجديد مع ضرورة الاحتفاظ بالصداقة كما يريد.. تنازلت عن نظريتها لا صداقة بعد الحب وكان منطقها أن مشاعر الصدق التى تحملها له كافية لأن يكون فى أى «موقع»، ولأنها لم تكن «عشيقة»، ولأنه لم يكن مجرد كتاب جذبها فقرأته صفحة صفحة ثم انتهت المتعة فتركته، ولأنها تراه «صفوة» مشاعر رجال العالم فى قلب رجل واحد، ولأنها مؤمنة به إلى أقصى حدود الإيمان.. أقنعت نفسها بعد ليال من العذاب والوجع والانكسار أنه وما اختار.. احترمت اختياره وإن لم تفهمه ولم ترضه ولم تتوقعه!... احترمت قراره رغم أنه كان «رصاصة قتل».

لقبته بالغالى رغم أنها لم تنادِه يوما بهذا اللقب ولكنه كان اسمه الذى اختارته له.. وكانت تؤمن أيضا بأنها غاليته حتى عندما طعنها بقرار «فلنكن أصدقاء».

كانت مؤمنة بأنها الغالية.. لم تدرك أنها واهمة إلا عندما عاملها بقانون الأعداء بينما كانت حواسها تتعامل معه بنبل ووفاء الأصدقاء.. تعامل معها وكأنه «يقتص» منها لسبب لا تعلمه، وكأنه يكرهها كراهية التحريم، لحظتها فقط أطلقت سراح دموعها وقرأت «فاتحة» الرحيل وقصار السور و«عدية ياسين»، واحتمت بالسجود والصلاة والكتابة.

الآن ما عدت أحتاجك، ما عدت أشتاق إليك، ما عدت أفتقدك أو أحترق شوقا لأجلك، الآن ما عدت أعرفك.. وتأملت لوحتها التى رسمتها من الذاكرة لم تدر إن كانت تتأمله فى محاولة لأن تعرفه أم تتأمل إبداعها، فاللوحة تشبهه ولكن فيها روحها، وفيها ما تريد أن يكونه، وأمامها، لا تمل من الإنصات للذاكرة، حين رآها أول مرة فى افتتاح معرضها التشكيلى ووصفها بأنها «لوحة تشكيلية» مبهرة وفاخرة.

تتأمل لوحتها التى رسمتها ولم يرها وتتساءل: من هو ولماذا هو ولماذا جاء الآن؟ لماذا لم يكن لديها الاستعداد والدفاع والمقاومة؟.. لماذا لم تجيّش نفسها ولم تتحصن بجيوش المناعة؟ لماذا لم ترفع شعار «لا» وهو شعار حياتها فى وجه أى محاولة لعاطفة أو عاصفة رومانسية؟ لماذا سلمت واستسلمت لمشاعره ومشاعرها؟ أيهما كان الأصدق؟ عندما كانت مشاعره متدفقة صادقة متألقة ورائعة.. محلقة كاملة العنفوان والاحتواء والحنان أم عندما صدمها بعبارته «فلنكن أصدقاء»؟.. أم عندما رفض صداقتها وصدقها؟ متى كان صادقًا؟ ولماذا ذبح كبرياءها.. هل الإهانة مع سبق الاستمرار والإصرار؟

ويستمر جلد الأسئلة لروحها وعقلها.. طبقت على صدرها وهى تكسر اللوحة التى رسمتها له وتدمر البرواز الذهبى الأنيق الفاخر الذى وضعته فيه.

سحبت تليفونها المحمول وأعطت أمر delete لجميع أرقامه ورسائله فى ثورة تصحيح لنفسها وكرامتها.. قررت ألا يكون بطل عمرها أو حتى صفحة فى حياتها سحبت منه «ال» المعرفة، وبدأت من أول السطر بيضاء تبحث لنفسها عن موقع يرضيها من الإعراب لنفسها..

لن أكون مجرورا بالكسرة والحسرة
لن أكون مفعولا به والفاعل حزن أو عشق
لن أكون مضافا إليه.. أو إلى أى أحد
لن أكون مبنيا للمجهول... لن أكون ضميرا مستترا
لن أكون سوى فاعل أو مبتدأ مرفوع بالضمة والهوى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة